الأخبار الشاملة والحقيقة الكاملة​

2025-07-11

2:10 مساءً

أهم اللأخبار

2025-07-11 2:10 مساءً

شهيـــــــد اللغـــــــــــة

طارق الشرع 2

طارق الشرع

كانت تجربة الروائي والشاعر الجزائري مالك حداد أو كما لقب ( بشهيد اللغة العربية ) مؤلمة جداً؛ فقد اكتشف حداد بعد مسيرة طويلة وثرية من العطاء أن الكتابة باللغة الفرنسية استنفذت حججها بعد استقلال الجزائر، ويجب إيجاد وسيلة لاستعادة اللسان العربي عبر الكتابة باللغة العربية ، ولأن هذه الوقفة جاءت في مرحلة متأخرة من حياته فقد شكلت مأساته الكبرى، وعبر عنها أثناء محاضرة ألقاها في دولة عربية بقوله :

” إن مأساتي تتجلى الآن بشكل أعمق.. إني أقف أمامكم لا أعرف كيف نتفاهم ! “.

مالك حداد حاول أن يواجه المستعمر بلغته الفرنسية عبر ديوانه الشعري الأول (الشقاء في خطر)، إلا أن طموحه تحول إلى حلم كبير عندما قرر أن يكتب باللغة العربية والتوقف عن الكتابة باللغة الفرنسية وقال حينها: “اللغة الفرنسية حاجز بيني وبين وطني أشد وأقوى من حاجز البحر المتوسط وأنا عاجز عن أن أعبر عما أشعر به بالعربية، إن اللغة الفرنسية منفاي لذا قررت أن أصمت”، ليموت مالك حداد بصمت أمام أوراقه البيضاء .

في المقابل اتسم موقف الكاتب المغربي عبد الفتاح كيليطو من أزمة اللغة بالهدوء والحكمة بعد أن أعلن صراحة في مقاله (اللسان المفلوق) عن استلابه من ثقافة مغايرة لأنه أيضاً كان يجهل الكتابة بلغته الأم، الفارق هنا تمثل في تعامل كيليطو مع الأزمة كخطيئة شارك في اقترافها وسعى إلى تحرير نفسه منها والتكفير عنها، فاللغة هنا كانت تعني للكاتب الإرث المفقود والحضارة المجهولة والهوية الضائعة، اللغة كانت تمثل الذات المستلبة؛ لهذا عمل كيليطو على استعادتها بعد أن قام بثورة هادئة نتج عنها مراجعات هامة في علامات بارزة من التراث العربي.

كحداد وكيليطو ارتبط سؤال اللغة عند عدد كبير من الكتاب بالهوية لارتباطه بمراحل الاستعمار وممارساته التعسفية، حيث يكون تلقين اللغة فعلاً إجبارياً ينفتح على إمكانية ويغلق أخرى ، فبدلاً من أن تُكتسب اللغة لإثراء الرؤى وكإضافة للرصيد الثقافي والمعرفي  تصير أداة لإحلال مفردة محل أخرى ومعنى مكان آخر وتوضع الأداة التواصلية في موضع شك وارتياب لأنها استخدمت كأداة للسلب، وتصير الكتابة باللسان الأجنبي عند البعض في محل تخوين ؛ لأنها تساهم (في تقدير البعض) في طمس الهوية العربية كما أرادها المستعمر .. لهذا لم يتوقف حلم حداد عند البحث عن لهجته المحلية (الأمازيغية) ليعبر بها عن موقفه من الحياة .. لأن الصراع ارتبط عنده باللسان العربي ، حداد كان يحلم بأن يموت بحثاً عن إنسان مكتمل عِوضاً أن يعيش كحيوان القنطور الأسطوري بنصف إنسان ونصف حيوان .

” نبذة عن الأديب مالك حداد _ المشرف”

هو الأديب الجزائري الفيلسوف المولود بمدينة قسنطينة سنة 1927 وتوفي فيها رغم ترحاله عام 1978 نال تحصيله العلمي في قسنطينة حتى سافر إلى فرنسا ونال الإجازة في الحقوق وتحت نير الاستعمار الفرنسي الذي فرنس الجزائر زارعا في أبنائها لغته في محاولة لطمس هويتهم العربية ولأنه مناضل للاستعمار تألم لعدم قدرته إجادة اللغة العربية وصرح في كثير من اللقاءات العامة بذلك .. حداد رغم أنه تعلم في فرنسا حين عودته لأرضه أصدر مجلة «التقدم» وشارك في الثورة الجزائرية وعرف بالأديب الفيلسوف لأن إنتاجه ميزته النفحة الفلسفية .. من ضمن إصداراته : «المأساة في خطر» و«الإحساس الأخير» وديوان «أنصتي وأنا أناديك» وكلها بالفرنسية.

شارك المقالات:

مواقيت الصلاة

حالة الطقس

حاسبة العملة

PNFPB Install PWA using share icon

For IOS and IPAD browsers, Install PWA using add to home screen in ios safari browser or add to dock option in macos safari browser

Manage push notifications

notification icon
We would like to show you notifications for the latest news and updates.
notification icon
You are subscribed to notifications
notification icon
We would like to show you notifications for the latest news and updates.
notification icon
You are subscribed to notifications