الأخبار الشاملة والحقيقة الكاملة​

2024-09-20

5:44 صباحًا

أهم اللأخبار

2024-09-20 5:44 صباحًا

عفاف عبدالمحسن

  بين الفكر والقلم

بقلم: عفـــاف عبدالمحســـن

داعب قلمي فضول فكرة البحث عن الحقيقة أو معرفتها كاملة وما وصلت إليه أربك تفكيري إذ كيف أنسى أو أتناسى أن المولى عز وجل قد منحنا فعلا العقل لنتفكر ونتخير دروبنا للخير والشر ونفرق بين هذا وذاك ولكنه أيضا جعله عقلا قاصرا لا يمكنه أن يدرك كل شيء وإلا فقد كل شيء .. تارة ننهل من العلوم التطبيقية وأخرى الإنسانية وثالثة الأحياء ورابعة آداب وثقافة بل يحمل هذا المخيخ وتلك الذاكرة كم هائل من المعارف والأسماء واليوميات التي عليه أن يتذكرها وينقشها كونها تتفاعل معه وتشكل حياته ماضيا وحاضرا وقد تكون علامة مهمة في مستقبل أيامه .. ليس معنى أن نأخذ من كل شيء قليله , علم ومعرفة ومعارف أن لا نتبحر في لون ما نرغبه ونتقنه وأن لا نقترب أكثر من أشخاص تتجانس أرواحنا معهم وتتفق في طباع كثيرة ونختلف في أخرى لنكون لسنا متماثلين بقدر ما نحن منسجمون , فكيف نعيش الحياة على هامشها فقط لأننا نخاف أن نخوض الحقائق .. ليس كافيا أن نتيقن مما نفعل بل أن نقتنع بأنه الصحيح وإن تيقنا أن هناك خلل في مسارنا علينا أن نصلحه فورا ولكن بعد أن يتحول رأينا يقينا ولا نجعل اليقين يخذلنا بل نثق بالصواب وأنه قناعة بما حدث وسيحدث .. وإن اكتفينا دائما بجزئية ترضينا من الحقيقة كوننا نعلم أن الحقيقة الكاملة المطلقة توصلنا للجنون أو العجز عن الفهم , قد تكون الحقيقة التي يبحث عنها الإنسان طوال عمره أمامه بين يديه في وريقات قرب سريره في كتاب لم يقرأه بعد أو آخر قرأه حين عجالة فلم يتلقفها وتاهت بين كل الأسطر المزدحمة بكلام تافه أو كلام دسم وكلاهما يضيعان الحقائق ويسببان التيه , إذن ماهي الحيلة التي يمكننا بها أن نحيا بسلام بنصف الحقائق وبكامل الوعي وبجزئية من اليقين وبكل القناعة وبالمشاركة في معتركات الحياة خاصتنا وحيوات أخرى لآخرين نعرفهم . فمن يعرف حقيقة الموت !

من يدرك براحات الروح !

من يقبع وراء انبعاثات أو انطفاءات الشهوات الإنسانية !

من يستحلب وحشيتنا حين نواجه الخطر والظلم والخوف !

ما الذي يجعلنا في لحظة ما من الحمق بمكان , بحيث نضيع في متيه طلب الكماليات متناسين الأسس ؟!

قررت بعد أن لف رأسي من التفكير في اقتناص فكرة كانت تلوح في عتمة الليل ولكنها فاجأتني عند أول انفراجة نور سطعت لحظة رهان بقاء النور مشعا في الأذهان عند حافة زمن الظلمات ! قررت أن أسلم نفسي للهواء الشتوي المنعش فينتعش عقلي بالصقيع وأن أعبأ أنفاسي في بهرة الصباح برائحة الشجر والطين والماء المنسكب على الطرقات ولما لا أترك المطر يبللني وأنا أسير عند الرصيف المتعرج وأسقط عند صدر المدينة على أول مقعد مبتل في مقهى شعبي قديم يترك فيه الناس أمورهم تسير في أعنتها غير عابئين بما سيحدث بعد قليل لذا وهم في أمس الحاجة للمدفأة يتدثرون السحاب وهم في أمس الحاجة للقمة العيش يمجون سجائرهم بنهم وكأنها المنقذ من وعثاء الأيام وهم في أمس الحاجة للحقيقة يكتفون بالرتوش , فيعيشون كما هم أنقياء وإن ماتوا فجنائزهم أشبه بالقاضي ( القاضي ) تعرفونه أليس كذلك ذاك الذي وهو حي يرزق مات كلبه فاجتمعت المدينة عند بيته معزية وعندما مات لم يسر أحد وراء نعشه وذهب في هدوء بعد أن عاش في صخب .. إذن وصلت عندما قلت (( قررت )) أن أغتنم فرصة العيش ببساطة وألا أبحث إلا عن تفاصيل الفرح طالما هناك دروب مؤدية إليه وأغتنم فرصة الحب إذا قابلني ورشقني كيوبيد بسهامه الرائعة في حبة القلب تماما , وطالما أن الجمال متاح لما أتمسك بالقبيح وألعنه فاليحيا الجمال حولي كي يصبغ جمالياته تلك على روحي وعقلي فنحن إذا لم نترك للجمال مكانا بيننا وممرا يعبر به جوارنا ويدور حولنا أو إذا ما اعتقلناه كابحين جماحه كي نحتكره بأنانية سنشعر بعد حين من الزمن ببشاعة ما فعلنا فالحقيقة الوحيدة التي وصلت إليها كاملة ولم أصب بالجنون ولن أكتفي بجزئية منها أنني أعيش بالآخرين وبينهم وبهم ومعهم ولن أكون وحدي فالجمال أن أكون .. ولكن  ! مع وبي وفي غيري .. قلتم لماذا ؟! كي لا أصاب بالتوحد والوحدة ثم الفقدان والفقد الحقيقة الجميلة التي أعملت بها تفكيري وأحببتها هي أنني أعيش الان ولكنني سأعبر يوما فما جدوى أن أعيش ولا أترك أثر فيقولون بعدي كان فعبر لا لن أقبل لذاتي إلا أن أكون مؤثرا فيقولون عبر ولكنه ترك جميل الأثر هنا وبعد مرور الوقت لن تشعر يا إنسان بالخسارة حيث لا جدوى من قولة يا خسارة .  

((عفاف عبد المحسن/ 2007 ذات صباح شتوي طرابلسي أنيق))


اكتشاف المزيد من المنصة الليبية

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

شارك المقالات:

مواقيت الصلاة

حالة الطقس

حاسبة العملة