للحقيقة شاهدان؛ صورة وكلمة حق، وشيرين أبو عاقلة ما فتئت أن تصدح بالحق، حتى آخر نفس سلبه منها الاحتلال الإسرائيلي على مرأى العالم أجمع، ظنًا منه أنه سيكمم أفواه الحقيقة، ولم يدرِ أن لشيرين أبو عاقلة نظراء سيسيرون على نهجها وسيشهدون وينقلون للعالم جرائمهم المنتهكة للإنسانية.
يتذكر العالم اليوم بكلّ غصة، مشهد اغتيال شيرين أبو عاقلة برصاص الاحتلال، لتأتي الذكرى الثانية لاغتيالها بينما لا تتوقف حرب الإبادة في غزة، ويستمر مسلسل قتل أبناء الشعب الفلسطيني وتشريدهم.
ظلت شيرين بعد رحيلها كما حياتها؛ شاهدة على احتلالٍ لم يخش الكاميرات التي سجلت جريمة قتله وكانت شاهدة عليها، ولم يكتف بقتلها فحسب وإنما حاول إسقاط نعشها الذي انقضّ الفلسطينيون بشجاعة دون سقوطه حينما جهّز الاحتلال لهذه الجنازة كما يجهز لحرب ضروس.
كل كتف حمل نعش شيرين كانت له قصة معها، فمن لم تزره شيرين في بيته، لتنقل قصته، أو مطالبه، أو معاناته؛ فقد تعلق بها من خلف الشاشات.
وبعد أن تنقلت شيرين بين مدن فلسطين حاملة هم ومعاناة الأهالي، وكتبت فصلًا طويلًا في حياة الفلسطينيين، دفنت في القدس، ليخلفها جيل من الصحفيين الفلسطينيين السائرين على نهجها الذي لا يخش في الحق لومة لائم.