مفكرون بلا فكر !!!

خالد المجبري

أتفهم جيدا ما قد يقوله البعض حول إنه كيف يمكن أن يكون هناك ( مفكرون بلا فكر!!! ) والأصل أنه ما كان يمكن لهم أن يحملوا هذه الصفة .. إلا بعد أن يكونوا قد أنتجوا فكرا ...

ولإيضاح هذا اللبس أو التناقض – إن شئت – أقول إنني هنا اقصد تلك الفئة التي أزعم أنها تملك أدوات إنتاج فكري من خلال ما اتيح لهم من فرص لتلقي العلم والمعرفة ونيل شهادات عليا في أكبر جامعات العالم ، وبما أتيح لهم من معايشة مجتمعات ينتج فيها المفكرون فكرا وثقافة ، ويبدعون نظريات تفسّر وتيسّر وتسيّر مختلف أوجه النشاط الإنساني.

فهؤلاء وحين تبوأ كثير منهم أعلى السلّم الإجتماعي وصاروا أساتذة في الجامعات .. لم يعملوا إلا على اجترار نظريات واطروحات ومفاهيم تعلموها هناك ليعلّموها هنا .. دون ان يفلح واحدٌ منهم  ليس في انتاج نظريات ومفاهيم جديدة تناسب المجتمع والعصر بل حتى في توظيف او تطويع تلك النظريات المستجلبة لتناسب مجتمعنا وعصرنا وظروفنا ، ولم يفلحوا في زرع أو تنمية روح الإبداع والابتكار والتجديد في  طلابهم ، بل انهم جعلوا الامتحانات تلغي او تختزل كل العمليات العقلية في اثنتين فقط هما الحفظ والتذكر ٠٠ والى حين !!!!!!  وكان نتاج كل هذا تعليم جامعي يعطي رخصة للمنتسبين إليه بعد عدد من السنوات .

في حين .. أن الأجيال التالية ممن حملوا شهادات عليا – ثم لم يحملوها – والتي لم تكن ابدا نتاج تعلّم ومعرفة وبحث .. بل كانت ثمنا لدماء ليبيين اراقوها في الخارج والداخل ، او ثمنا لتهريج وغوغائية .! فهؤلاء ما كان يمكن أن  ننتظر منهم شيئا لأنه وكما يقولون ( فاقد الشيء لا يعطيه ).

ولهذا فإن مفكرينا دأبوا خلال العقود الاربعة الماضية ليس فقط الدوران في فلك المفكر الاوحد ، بل انهم صاروا يطبّلون لفكره ويرقصون على إيقاعات تخبطه ويزينون له مخرجاته .

ثم ها هم ومع ما يمر به الوطن من أزمات تعصف بأركانه وتهدد بنيانه وثوابته لم يكن منهم إلا  الخطب الشعبوية أو المواقف السهلة المتوافقة مع سير التيار العام ، على اعتبار أنه يمكن وبدون عناء الدفاع عن تلك المواقف ، وهم في هذا لا يتمايزون  أبدا عن رجل الشارع .. سوى أنهم يعبرون عن تلك الشعبوية عبر شاشات ملونه ، متزينين ببدلات انيقة وربطات عنق تخنقهم ، وربما لتذكرهم برقابهم .

ملاحظة: من حيث المبدأ لا اعترف بالتعميم ولكني اكاد لا اجد استثناءً.