في اليوم العالمي للنحل الذي يعد مخصصا للتوعية بأهمية النحل ودوره في البيئة الزراعية، تبرز الحاجة لمعرفة واقع تربية النحل في ليبيا، ومدى الاهتمام به حيث أنه يعد مسؤولا عن تلقيح ما يقرب من 75% من المحاصيل الغذائية العالمية.
وفي هذا السياق أعلنت الجمعية النوعية لمربي النحل بطرابلس، عن مشروع متكامل لإعادة التشجير وخفض انبعاثات الغازات، والذي يستهدف 1000000 شجرة في أحياء طرابلس الكلية، والذي يقام على مساحة 1450 هكتارً، ليوفر مصادر جيدة للرحيق في نطاق مدينة طرابلس، ودعت الجمعية إلى إقامة مثل هذه المشاريع في كافة المدن الليبية.
واحتفالًا باليوم العالمي لصحة النبات والنحل أقيمت احتفالية بكلية الزراعة طرابلس بالتعاون مع جمعية مربي النحل طرابلس، وضمت الاحتفالية في جانب منها معرضًا لمربي النحل صاحب ورش العمل التي استمرت على مدار ثلاثة أيام تنتهي اليوم الإثنين، وخلال الورش تم مناقشة إنتاج النحل، والأمراض التي تصيبه، وتربية الملكات، وأنواع العسل، وغيرها من المحاور المتعلقة بتربية النحل وإنتاج العسل.
التحوّل للعالمية
وتتميز منطقة الجبل الأخضر بإنتاج وفير للعسل ما يجعلها مشهورة بإنتاج أنواع عدة منها عسل (الحنون) المميز والذي لا يوجد إلا في ليبيا، ولكن إعصار دانيال في سبتمبر الماضي تسبب في تدمير خلايا النحل التي تم جرف معظمها، ما كبد مربي النحل في هذه المنطقة خسائر مادية كبيرة.
وقال رئيس نقابة مربي النحل في المنطقة الشرقية ومؤسس جمعية الأمل للعسل عبد السلام عبد الهادي إن ما شهده قطاع تربية النحل كارثي، حيث تعرض 87 نحّالًا في كل مدن الجبل الأخضر لخسائر كبيرة تصل إلى فقدان 2490 خلية.
يأتي ذلك في وقت كانت ليبيا تناقش تحول إنتاج النحل من المحلية للعالمية، خاصة وأن العسل في ليبيا يتميز بجودة عالية تعد مطلوبة عالميًا، وهذا اتضح من ندوة أقيمت في هذا الخصوص خلال أغسطس 2023.
دراسات علمية
وشهدت ليبيا في العقود الأخيرة توسعا كبيرا في تربية النحل، وذلك لأن الظروف البيئية ملائمة لهذه الصناعة، بالإضافة إلى الوعي بأهمية منتجات النحل المختلفة لاحتوائه على نسبة عالية من السكريات الضرورية لجسم الإنسان، حيث يحتوي على حوالي 15 نوعًا من السكريات المختلفة والعديد من الخمائر والأحماض العضوية والأملاح والأحماض الأمينية، وأنواع متعددة من الفيتامينات مما أدى إلى زيادة الطلب عليه، وهذا بدوره شجع على زيادة انتشار تربية النحل في معظم مناطق ليبيا فتزايدت بذلك الأهمية الاقتصادية للنحل وتزايد عدد المربين .
وقدرت القيمة النقدية الإجمالية الناتجة من عسل النحل في ليبيا خلال سنة 2009 حوالي11مليون دينار تقريبا وهي تشكل حوالي 0.74 % من إجمالي الناتج الزراعي، الأمر الذي يشير إلى ضعف مساهمة هذا النشاط في الدخل الزراعي بليبيا مما يستلزم العمل على الاهتمام به.
هذا ما أكدت عليه الدراسات العلمية التي أجريت في ليبيا، والتي كان من بينها دراسة أجريت داخل نطاق مدينة طرابلس حول العوامل التي تؤثر على جودته وإنتاجه، وبينت النتائج وجود علاقة طردية بين كمية الإنتاج وعناصر الإنتاج وعدد الخلايا، ومهنة المربي في تربية النحل.
شروط اختيار موقع تربية النحل
ولتربية النحل يجب اختيار الموقع الذي سوف يقام عليه المشروع بحيث تكون مساحته لا تقل عن 175_ 200 متراً مربعاً، كما يجب أن يكون موقع المشروع في منطقة زراعية مليئة بمصادر الرحيق وحبوب اللقاح، مثل أراضي زراعة البرتقال والليمون والبرسيم، مع الابتعاد نهائيا عن مزارع تربية المواشي أو تربية الدواجن أو مزارع الأرانب، حيث أن الروائح السيئة تتسبب في هياج النحل، والابتعاد عن الطرق بمسافة لا تقل عن 100 متر حتى لا يتأثر النحل وإنتاجه من العسل بعوادم السيارات، كما يجب أن يكون الموقع بعيدًا عن المناطق السكانية، إضافة إلى عمل مصدات للرياح(windbreak) حتى لا يتأثر النحل بهبوب الرياح الشديدة وخاصة لو كانت عكس اتجاه حقول الرحيق.
التحديات
ومن بين التحديات التي تواجه النحل وتربيته في ليبيا، مرض النوزيما والذي واجه الكثير من النحالين في 2020 وأثر على إنتاج العسل، بسبب عدم توفر الأدوية اللازمة لعلاج النحل، الأمر الذي اضطر النحالين للجوء إلى الطرق البدائية لعلاج نحلهم عبر استخدام الأعشاب وغليها ورش الماء على المناحل.
ومن بين التحديات الأخرى الشائعة التي تواجه المربين في ليبيا فقدان الموائل، واستخدام المبيدات الحشرية، وعوامل التغير المناخي.
ما بين مساعي التحول للعالمية والسعي لزيادة إنتاج العسل وتحسينه والتحديات والصعوبات وغياب الاهتمام الرسمي بإنتاج النحل، يبقى المربين يعملون وحدهم بالتعاون مع الهواة والجمعيات المتخصصة.