في شهر مايو من عام 2015، قرّرت المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم “أليكسو“، التابعة لجامعة الدول العربية، اختيار مدينة طرابلس اللبنانية “عاصمة الثقافة العربية 2021″ إلا أنه وبسبب ظروف البلاد وأبرزها انفجار مرفأ بيروت، ووباء كورونا، وافقت “أليكسو” على طلب لبنان تأجيل الحدث إلى عام 2023، ثمّ إلى العام الحالي 2024.
وتعد مدينة طرابلس، العاصمة اللبنانية الثانية، ومن أكثر مدن ساحل شرق البحر الأبيض المتوسط التي تضم مواقع أثرية، وعرفت بعاصمة المماليك الثانية بعد مدينة القاهرة.
ويقول التاريخ أن المدينة عرفت باسم طرابلس نسبة لاسم “تريبوليس” ، أي المدن الثلاث باللغة اليونانية، وهي مدينة تاريخية، وتضم ما يفوق 180 معلماً أثرياً، تتنوع ما بين مسجد وكنيسة وخان وحمام ومدرسة وزاوية وسوق وقصور، وغيرها من المواقع والمعالم الثقافية التي تشكل وجه طرابلس الحضاري.
وطرابلس مدينة تطل على تاريخ ثقافي عريق، وتحديداً في مرحلة ما قبل استقلال لبنان، ويحاول أبناء المدينة إعادتها إلى موقعها التاريخي.
ويشكو بعض كبار المدينة، في دردشة مع موقع سكاي نيوز عربية، من “التردي الكبير في أوضاع المدينة التي تم تتويجها عاصمةً للثقافة العربية في وقت يئن لبنان تحت وطأة الانهيار الاقتصادي ومن عدم الاستقرار الأمني في الجنوب”.
إسطنبول الثانية
يقول ابن المدينة، رئيس لجنة الآثار والتراث والسياحة في بلدية طرابلس خالد عمر تدمري لموقع سكاي نيوز عربية “نحن في البلدية أقمنا 5 مشاريع توأمة مع 5 مدن في تركيا بهدف الاستفادة من خبرات الأتراك خاصة في مجال العمل البلدي بغية تحسين مظهر المدينة أسوة بمناطق في إسطنبول، مثل منطقة الفاتح، التي تشكل شبه الجزيرة التاريخية هناك”.
ويضيف تدمري “لدى طرابلس الكثير من المقومات التي تجعلها مثل إسطنبول، لكن الأمر بحاجة لعناية خاصة من الدولة ووضع خطط استراتيجية”.
ويشير تدمري إلى أن “لدى غرفة الصناعة والتجارة في المدينة رؤية لجعل طرابلس عاصمة اقتصادية لما تتمتع به من موقع جغرافي استراتيجي مع جوارها من شأنه أن يؤهلها لتكون بوابة اقتصادية كما كانت على مر العصور، أي منذ أسسها الفينيقيون الذين عاشوا في لبنان منذ آلاف السنين”.
ويضيف “طرابلس لها مقومات مختلفة عن إسطنبول رغم أنها تحمل المقومات التاريخية القادرة على جذب السياح، وهي مدينة قادرة على القيام بهذا الدور لأنها قامت به سابقاً على مر القرون الماضية ولغاية تأسيس الجمهورية اللبنانية”.
ويتابع “طرابلس لها ميناؤها التاريخي الذي يعد من أكبر المرافئ على الساحل الشرقي للبحر المتوسط، وقد توسع دوره مؤخراً بعد انفجار مرفأ بيروت في أغسطس من عام 2020”.
يكمل تدمري “مرفأ طرابلس أقرب جغرافياً إلى سوريا وتركيا وأوروبا وقد يعول عليه في إعادة إعمار سوريا”.
وينوه بقرب المدينة “من مطار القليعات الموجود في سهل عكار، في حال تم تفعيل هذا المطار مع معرض رشيد كرامي الدولي (الذي يعد أكبر معرض من حيث المساحة على الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط) تغدو المرافق كافية للنهوض بالمدينة إضافة إلى مصفاة تكرير النفط المعطلة منذ 50 عاماً والتي كان يصل إليها النفط من كركوك العراقية ليصدر من طرابلس إلى الخارج”.
ويردف “تمتاز المدينة باليد العاملة الحرفية وبمطبخها الشرقي وحلوياتها وقربها الجغرافي من جبال الأرز ووادي قاديشا السياحي ما يجعلها مقصداً للسياح العرب والغربيين الذين يبحثون عن سحر الشرق؛ وتتميز بانتشار الجزر أمام ساحل مدينة الميناء وبمحمية جزر النخيل التي تضم 7 جزر مسجلة على لائحة المحميات البيئية في البلاد وتعد مقصداً هاماً للسياحة البيئية”.