” تيمنا بقول لابن عربي بإسقاط مغاير : المكان الذي لا يؤنث , لا يعول عليــه “
بقلم عفاف عبدالمحسن
تساؤل انثى :
واسأل رجلا يعبد حريته
ألا تشتاق قيودي ؟؟؟!!
هذه السجنجلة السمراء عاشقة الكلمة المنمنمة ترهقني كلما فاجأها المخاض لتزين فكرة مجنونة متمردة .. بياض وريقاتها المبعثرة في كل مكان ، وأما توقظني من نومي أو تتصل على كل ارقامى كي تسمعني سبحاتها الحالمة رغم مظهرها القوى .. حيث تنزف الحروف .. استشف وغيري ممكن .. قرأوا لها واستمعوها روحا رهيفة هشة ، أما فعلت .. خفت بحق أن أقدم لها هذا الديوان .. لأننا صديقتان وكلما ذكر اسمها اقترن باسمي والعكس .. فهل سيجزم القارئ اننى بتجرد سأكتب عنها .. وبتفحص سأدقق في أعمالها الأدبية التي اشهد ميلادها أو اكتب معها تاريخ اكتمالها معناَ ، لن أتفذلك مصححة فكرة البعض ممن يعرفوننا قائلة ( صديقك من صدقك لا من صادقك ) لإيماني أن صديقك مرآتك التي يجب أن تعكس شوائبك قبل جمالياتك .. ومع هذه الأنثى الصديقة والأخت أطبطب على أحزانها ولكنني أقسو عليها حين تطلب رأيي في أعمالها .. كي أرد عنها كلام المتقولين ” أن قوة كلماتها حين تصيغ خبرا أو تحقيقا صحافيا أو استطلاعا يكفيها هذا … ” فهذه نقرة وتلك أخرى بل تلك نقرة قوية وشعرها وقصصها معزوفات على أوتار القلوب بكل المقامات تارة صبى وأخرى نهوند وقلما تكون سيكا .. فهي حدية في المعارك التي تخرج منها رابحة ولكنها عادة في معارك القلوب خاسرة بفداحة طيبة قلوب الكيسين الرحماء .. نيفين عزالدين الهوني .. صاحبة تسابيح النوارس .. تسبح للرحمن عادة أن يتركها الناس في حالها ليس لأنها مسالمة حد الاستسلام وتلك شخصية المحاربين المتلبسين مهنة المتاعب على مقاسهم تماما كما أراد لها عمي ” عز الدين بشير الهوني ” لتسير في ركب ” الهوانة ” من عائلتها قديما وحديثا ممتهنين الصحافة أبا عن جد عن عم وخال أيضا .. ولكل هذا .. امقت أنا كلامهم ..

فالمبدع يعيش متوازنا حين يصعق بقوته تارة وجه الحقيقة وحين يتهاوى بضعفه .. أخرى عند بواعث الخيال بين قوته وضعفه .. يمسك بتلابيب روحه فيدرك متى يكون واقفا .. ومتى عليه أن يتكئ .. وعلى أى الدروب عليه أن يخطو بتؤدة .. أو يسرع بتهور .. وهكذا نيفين وردة لم يشتم عطرها الزاكى إلا من أدرك أن وراء صلابتها وتماسكها ، شفافية مبدع أوجعته الحياة حد الإعياء ، وأرهقته التفاكير حد التملص منها في معين الحب العذري غير المباح خوفا من .. ومن…… ومن …؟؟!! لذا قررت أن تبعثه حقيقة في قصائد ناعمة تكتنفها القوة والعناد والمناكفات لمن ..
عناوين
أشعل سيجارة أوقد نارا
وانطفئ
فخط فصولا
حبر فاض على ورق
رغم أننى اعشق قصيدة التفعيلة كونها ممشوقة تتغنج مع موسيقاها الروح حين تلقى نطقا ،لغة، من عمق قلب مبدعها بشكل سليم إلا أننى أبدى إعجابا بقصاصات الشاعرة المعترفة أنها تستصيغ الومضات وقصيدة النثر وتتقن تراكيبها واختلاف الذوق لا يفسد للشعر معنى ولا مكانة في روحي ..
أما (تسابيح النوارس ) فهي سبحات عشق لم ير النور ..أخالف جدا من يقرؤها وكأنه يعرى حياة خاصة للشاعرة ويغوص في خصوصياتها ، فالمشاعر الإنسانية واحدة مع اختلاف التجارب التي تبث عبرها هذه المشاعر وتتبلور.. وإذا اقتصرت كتابات المبدع على تجاربه سيصبح التكرار معيبا وضعف المعاني سيظهر مهما كانت عباراته جذلة ..كما أن في قصيدة الومضة وصمة يلحظها القارئ العادي فما بالك بالناقد المتخصص …أرادت شاعرتنا أن تعلن للرجل في مخيلتها وواقعها (مكان أنا لست فيه علامة وبصمة لا يعول عليه ) وان كان هذا المكان حياتك .خطواتك العملية ، ولمسات روحك ووجدانك …كارها …محبا ..خائنا ..باذخا بعواطفك الراقية تجاهي ، فأنا الأنثى أصبغ هذا كله أؤثر فيك حينا بدهائي وكثيرا من الأحايين بقوة ضعفي ..أقف بكم عند هذا المعنى في إحدى قصائد الديوان :
معابر الحلم
كان هناك في انتظاري
وأنا على وعد
بأن أكون نجمة لمساء واحد.
في لياليه الممتلئة أقمارا مشعة .
كانت في مداد الحب قيده الحاني الذي لا يرغب منه فكاكا …وفى عناوين هو بين أناملها الناعمة تشعله حبا تطفئ شوقه تغرقه دفئا تجمد مشاعره ثلجا ..هشا تشكله فيفيض إحساسا.. يكتب يكسر قلمه حين تغص المعاني في حلقه هكذا آمنت بقول ابن عربي (مكان لا يؤنث لا يعول عليه ) ..

في قصائدها تحدى ، عناوين، نبضة ثانية ، همس ،إطار …..دائما هي الأنثى القادرة على القياد الوجداني المجسد حراكا آنيا في دائرة الفعل، لتؤكد الحياة أنثى ، فما أنت من دوني ..وتلعب في قسم آخر على اللفظ وكيف تصوغه معنى لا يجرح حياء القارئ من جهة ، ويحفظ لها ماء الوجه كي لا تعترف اعترافا كاملا إنها بفضله تغيرت للأفضل أو بظلمه جرها نحو الضلالة فالتغيير ربما للاسؤ حين تقول :
بحارا فض بكارة مينائي ..
وتلعب بالكلمات بشكل أنيق في رثاء حالها في نص تسابيح النوارس صارخة في وجع الزمن :
تنقش المياه بملحها
تذكارا حلو المذاق
لم تكن في اى من ومضاتها أو قصائدها النثرية الطويلة نوعا ما تقريرية ، إلا في بعض الجمل ، التي ربما خانها فيها الخيال ، وبعدت الصورة عن شطحات قلمها .. ويجسد ما ذكرت مقطعا .. في تحدى تقول فيه :
تبا لنا
زنود الرجال
تدميها المعاصم
ونحن نتأمل
الفسيفساء الملونة ..

ولم تقل صراحة إلى متى نظل عند تفاهاتنا والعالم من حولنا يتغير رأسا على عقب .نيفين شكرا لأنك وافقتى ان اقدم لك تسابيح النوارس من بين كل الأصدقاء ربما لأنك تعرفين هيامي بهذا الطائر غريب الأطوار عاشق المطر المدرك عشقي له رغم عدم وجود برك أو بحر بجوار بيتي فإنه كل شتاء يزور منطقتي لأغازله ناهرة ..إنها تجمعات مياه المطر لا تقتات من هنا فمكانك أرقى، افرد جناحك الأبيض، سبح للملكوت بعيدا عن قذارة البشر الموج في البحار يطهر الماء الذي ستعب منه رزقك واحلم – كما تفعل صاحبة الديوان – أن الجميع سيتقبلون مشاعرها بحب واحترام وان انتقاداتهم لن تكون لاذعة حين تقع عيونهم على كلماتها ..
و اختم .. احلمي يا صديقتي فبالحلم وحده يمكننا الاستمرار فلا نصطدم بواقع مؤلم يسرق منا نور الأمل .. واستعير قولا لجورج أريل .. أهديه لكل قادر على الحلم رغم ضبابية وجبروت الإنسان حين يكره ويحقد ويغتر بنفسه .. ملغيا قدرات غيره .. مستبعدا خطوات ملموسة على دروب واقعية أو خيالية قد يخطوها فتغير وجه العالم وتبني واجهة جميلة لآني صعب الولوج وتمنح وجاهة بمجرد سرد حلم لن يقع حيز التنفيذ لكنه يثمر حبة القلب فتزداد خفقا ….
(العالم بكل جبروته عاجز عن إبادة حلم )