26 طن من الذهب تم تهريبها من ليبيا ، عملية تعتبر هي الأولى في تاريخ البلاد ، عملية التهريب هذه تصدرت الصحف المحلية والعربية والعالمية وتم فيها مقارنة الذهب المهرب باحتياطي الذهب لدول كبرى حول العالم وتحولت ليبيا لعنوان رئيسي ملفت لواقعة الإطاحة بمسؤولين ليبيين تورطوا بتهريب 26 طن من الذهب غادر البلاد عبر الرحلات المتجهة إلى تركيا في رحلة ذهاباً دون عودة حتى الآن, هذه العملية تمت في ظل أزمة في الأسواق العالمية للذهب جاء تأثيرها على تركيا التي تشهد ارتفاع في أسعار الذهب نتيجة الطلب عليه بعد تراجع العملة التركية أمام سلة العملات الدولية إذ يعتبر الأفراد والشركات الذهب ملاذا آمنا من التقلبات العنيفة التي تواجهها الليرة التركية.
وخسرت الليرة التركية 80 % من قيمتها أمام الدولار خلال آخر 5 سنوات و 37 % عام 2023 بالموازنة على أساس سنوي وتدحرجت من 6.80 ليرات للدولار الواحد عام 2018 إلى 32.1 لليرة للدولار حتى مايو 2024.
وتنشط بشكل كبير في ليبيا منذ مطلع عام 2023 عمليات تهريب الذهب وتشير المعطيات حسب البيانات الرسمية أن تركيا سوق رائج لما يتم إخراجه من ليبيا ويعد الطيران هو المحطة الرئيسية، إذ ترتبط البلدان ب43 رحلة أسبوعيا جوية مع رحلات بحرية غير منتظمة بين مصراته وإسطنبول.
وبحسب بيانات المركزي التركي أن إجمالي احتياطي الذهب لدى البنك خلال عام 2023 والربع الأول من عام 2024 ارتفع بمقدار مليار و420 مليون دولار إلى 46 مليارا و916 مليون دولار، ما اعتبره المركزي مستوى تاريخي.
مكتب النائب العام الليبي
في مايو الحالي أعلن مكتب النائب العام أن سلطات التحقيق أصدرت أمرا بحبس رئيس مصلحة الجمارك سليمان علي سالم على ذمة قضية تهريب الذهب بوزن 25 ألفا و 875 كيلو جرام عبر مطار مصراتة الدولي في ديسمبر الماضي بالإضافة إلى حبس كل من مدير مكتب جمرك مطار مصراتة فتحي مخلوف ورئيس لجنة التصدير المؤقت للذهب ورئيس مكتب المراجعة بسبب تعمدهم الإسهام في ارتكاب واقعة تحقيق منافع مادية غير مشروعة لغيرهم إلى جانب إلحاق الضرر بالاقتصاد الوطني حسب وصف مكتب النائب العام.
صورة لمنشور مكتب النائب العام عبر صفحته الرسمية الموثقة بالعلامة الزرقاء
سبتمبر عام 2023
زار النائب العام الصديق الصور مصلحة الجمارك الليبية وأشاد بجهود حوكمة الإجراءات في الدائرة الجمركية؛ وتدعيم الإصلاح الاقتصادي في البلاد؛ ووضع نظم رصد ورقابة تسهم في رد أفعال التهريب، كما أشاد الصور بالمخطط الموضوع لتنمية قدرات أعضاء الجمارك.
اقتحام مكتب النائب العام بمصراتة
على خلفية فتح التحقيق اقتحمت عناصر القوة المشتركة مكتب النائب العام بمصراتة هذه القوة تابعة مباشرة لمجلس وزراء حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة، والذي قد سبق تكريمه من قبل القوة المشتركة، لم تكتفي القوة باقتحام مكتب النائب العام بمصراتة بل قامت بتهريب رئيس مركز جمرك مطار مصراتة فتحي مخلوف وحاولت اختطاف وكيل النيابة إبراهيم الشركسية، وفق ما أكدت مصادر محلية.
وحسب المصادر فإن الشركسية هو الذي تسلم ملف التحقيقات في قضية التهريب الكبرى لـ 26 طن من الذهب عبر مطار مصراتة الدولي.
تم حذف هذه الصورة لأسباب غير معلومة من قبل صفحة حكومتنا وصفحة حكومة الوحدة الوطنية كما تم حذفها من صفحة قوة العمليات المشتركة ولم يعد لها سوا مصدر وحيد هو صحيفة المرصد.
النيابة العامة والهيئات القضائية بمصراتة بدورها رفضت ما قامت به قوة العمليات المشتركة وأصدرت بيان مصور بالخصوص يؤكد موقفها.
رد مصلحة الجمارك
بالمقابل أصدرت مصلحة الجمارك التابعة لحكومة الوحدة الوطنية مطلع الأسبوع الماضي بيانا قالت فيه بأن كمية الذهب التي تم تداولها بأنها مهربة، خرجت بطريقة شرعية من خلال 108 إقرار جمركي تنفيذا لقرار وزير المالية رقم 717 لعام 2023 مقدمة من الشركات المرخص لها من وزارة الاقتصاد لغرض التصدير وتصنيعها في الخارج وتوريدها من جديد إلى ليبيا وهي 24 طن 823 كيلو و 618 جراما، وبعدد 251 إقرار توريد نهائي ولا زال 1 طن و 180 كيلو و 396 غراما تحت التسوية حسب البيان.
العلاقة المباشرة بين مصلحة الجمارك والسفارة التركية
مصلحة الجمارك الليبية المتمثلة في رئيسها الموقوف على ذمة التحقيق أجرت عدة لقاءات مع السفير التركي أخرها في يناير الماضي حيث التقى رئيسها الموقوف بالسفير كنان يولماز سفير جمهورية تركيا لدى دولة ليبيا.
وكان سالم دائم التأكيد على أهمية التعاون الجمركي بين البلدين وخاصة فيما يتعلق بتسهيل تبادل البضائع وكما أكد على أن المصلحة تتطلع إلى الاندماج مع الجانب التركي في المجال البحري، والتأكيد على دور مصلحة الجمارك في فرض الرقابة الجمركية على الحدود سواء البحرية والبرية والجوية.
التقى سالم في الشهر ذاته مع كبير المستشارين التجاريين في سفارة الجمهورية التركية في ليبيا يوسف يلدز حيث تم مناقشة التهريب عبر المنافذ والاستفادة من الخبرة التركية في خفر السواحل وإدارة المخاطر وكذلك الإستفادة من التجارة التركية.
ديسمبر 2023
قام مدير عام مصلحة الجمارك الموقوف بتشكيل لجنة وضع المعايير والضوابط والضمانات اللازمة لتقدير سلعة الذهب والمعادن الثمينة لغرض تصنيعها وتحديد الكميات المسموح بتقريرها وطبيعة هذه السلع والعمليات المطلوب اجراءها في هذا الشأن.
تشكيل هذه اللجنة تم بالإتفاق مع وزير المالية بحكومة الوحدة الوطنية خالد المبروك بـ قرار رقم 184/2023 لاعتمادها والموافقة للشروع في تنفيذها من قبل الجمارك.
وبالبحث عن القرار على الموقع الرسمي لوزارة المالية لم تجد المنصة أي تاريخ رجعي للقرار ولا يوجد ضمن باب القرارات والتشريعات قرار عن سنة 2023 وما تم نشره على الموقع هو القانون الصادر عن المؤتمر الشعبي العام سنة 2010 وفي سنة 2023 تم التعديل على نص المادة 184 الصادرة دون نشر نص المادة المعدل على موقع الوزارة خاصة أن المادة 184 هي مادة مرجعية وتعود على المادة 183 السابقة لها ضمن القانون، وحسب الموضح في الصورة أدناه فإن أخر سنة في باب التشريعات والقوانين بموقع الوزارة الرسمي هي سنة 2022 ولم يتم إدراج أي مواد صادرة خلال 2023 والربع الأول من 2024.
صورة بتاريخ 29-05-2024 لموقع الوزارة وعدم وجود أي قرارات أو تشريعات مؤرخة لعام 2023.
صورة من موقع وزارة المالية بحكومة الوحدة الوطنية توضح المواد 183-183 لقانون رقم 10 بشأن الجمارك والصادر عن المؤتمر الشعبي العام سنة 2010.
أكتوبر 2023
قام مدير عام مصلحة الجمارك الليبية الموقوف بتكريم السفير الليبي في تركيا على تعاونه مع مصلحة الجمارك بالعاصمة التركية كما تم في الشهر ذاته اجتماع بين وفد من مصلحة الجمارك برئاسة مدير عام مصلحة الجمارك الموقوف و مدير عام الجمارك التركية بمقر وزارة التجارة التركية وتم خلالها تكريم اللواء الموقوف.
رئيس مصلحة الجمارك الليبية يكرم السفير الليبي في تركيا
اجتماع بين وفد من مصلحة الجمارك برئاسة مدير عام مصلحة الجمارك الموقوف و مدير عام الجمارك التركية وقام الجانبين بتقديم التكريم لكلاهما احتفاء بالتعاون المشترك بين الدولة التركية ومصلحة الجمارك الليبية.
عملية تهريب كمية كبيرة في 2016
ذاكرة التهريب من ليبيا إلى تركيا تعود بنا إلى شهر مارس سنة 2016 عندما بدأ النائب العام بإجراءات التحقيق في قضية تهريب 300 كيلو غرام من الذهب، عبر مطار معتيقية شرق العاصمة طرابلس، ضبطت بحوزة شاب ليبي، كان على متن طائرة متجهة لإسطنبول، قبل أن يوقفه الأمن وينزل 9 حقائب محمّلة بالذهب.
وقال حينها مصدر أمني رفيع المُستوى بمصلحة الجمارك، إن الواقعة تعود إلى تاريخ 27 يوليو الماضي، حيث قامت البوابة الجمركية بضبط ثماني حقائب مع مواطن ليبي، واتضح أن الحقائب تحتوي على عدد (21) سبيكة ذهب، ومبلغ مالي قدره مائة وثلاثة وأربعون ألف يورو.
“وتشير تقديرات المجلس العالمي للذهب إلى أن احتياطي تركيا من المعدن الأصفر سجل 583.30 طنا حتى الربع الثاني من 2024، وتظل السوق غير الرسمية متعطشة للمعدن الأصفر تزامنا مع زيادة الإقبال عليه بسبب تراجع الليرة التركية“
لماذا يتم التهريب إلى تركيا؟
يرجع ذلك إلى زيادة الطلب في السوق التركية المحلية على الذهب من الأفراد والشركات باعتباره ملاذا آمنا وسط تقلبات الليرة أمام الدولار.
قالت وكالة بلومبيرغ إن أسعار الذهب في تركيا أعلى من الأسعار العالمية بنسبة 7 % وهو الأمر الذي يدفع المهربين إلى السوق السوداء بتركيا.
إلى جانب اعتبار الذهب ملاذا آمنا تسببت السلطات التركية في ارتفاع أسعار الذهب المستورد قانونيا بعد فرض ضريبة قدرها 20 % على واردات المعدن الأصفر في أغسطس الماضي للحد من التأثير السلبي على الميزان التجاري، الأمر الذي رفع سعر الذهب في تركيا لمستويات أعلى من الأسعار الدولية أكثر فأكثر خاصة السوق السوداء التي تنشط فيها كميات الذهب المهرب.
تكليف مدير جديد للجمارك
على خليفة التحقيق والإيقاف كلف رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة بتاريخ 2024/05/22 اللواء موسى علي محمد، بتسيير مهام مصلحة الجمارك بديلا عن سالم، الموقوف بأمر من النائب العام.
خاص للمنصة سبب اختيار اللواء موسى علي
وقال مصدر حكومي مطلع على عمل المصلحة في تصريح خاص للمنصة أن اللواء موسى علي محمد، المدير الجديد كان يعمل مدير سابق للشؤون الإدارية والمالية في المصلحة، واصفا الاختيار بالغير دقيق كونه لا يملك خبرة العمل الميداني و الدراية الكافية محذرا ومعلقا بأن اختياره قد يكون طبقاً لمعايير أخرى غير واضحة.
الأمر الذي أثار الاستغراب لدى المقربين من المصلحة حيث لم يتم إجراء مفاضلة بين الكفاءات والخبرات لاختيار الأنسب لرئاسة مصلحة الجمارك وتم اختيار موسى بشكل مباشرة.
وعلل المصدر اختيار المدير الجديد بشكل مؤقت بسبب رغبة أطراف ذات نفوذ في طرح أسماء معينة لتسيير المصلحة.
نقل الجمارك إلى رئاسة الوزراء
رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة في فبراير الماضي نقل تبعية مصلحة الجمارك لرئاسة الوزراء مباشرة بدلا من وزارة المالية التي كانت تتبعها المصلحة منذ تأسيسها عام 2010 وهي مصلحة تتابع تنفيذ أوامر وقرارات الاستيراد والتصدير وتحصيل الرسوم الجمركية وتشارك في مراقبة الواردات والصادرات في جميع المنافذ.
صورة توضح القرار وكتاب مدير عام مصلحة الجمارك الموقوف، والذي يشرح فيه الأسباب التي قضت بوجوب نقل تبعية مصلحة الجمارك إلى رئاسة الوزراء مباشرة.
السوق السوداء في ليبيا
وبحسب تقارير دولية، فإن السوق السوداء في ليبيا تمثل منصة غير رسمية لتجارة الذهب. وذكرت منظمة “ذا سنتري” الأميركية غير الحكومية لرصد الفساد، جرى منذ عام 2014 استخدام ليبيا كنقطة عبور للذهب “غير المشروع” إلى دول عدة على رأسها تركيا.
وبجانب تهريب الذهب من ليبيا، لم تسلم البلاد من عمليات تنقيب غير شرعية عن الذهب الخام، إذ تتبنى تقارير غير رسمية أن دولاً ومنظمات تعمل على ذلك. وفي نهاية العام الماضي، قالت النيابة الليبية إن مأمور الضبط القضائي، بجهاز الاستخبارات الليبية، لاحظ وجود أربعة أشخاص يحملون الجنسية الصينية دخلوا ليبيا بشكل غير قانوني انخرطوا مع آخرين من ليبيا وتشاد في التنقيب عن الذهب في الجنوب الليبي.
الذهب في ليبيا هو الكنز الموجود المفقود الذي يتم تهريبه في إطار قانوني غير علني وعبر منافذ رسمية للدولة، وبحسب التقارير فإن عمليات التهريب تمت في الغالب عبر مطاري معتيقة ومصراتة. وتتراكم ملفات المهربين لدى مكتب النائب العام ولم يصدر حتى الآن تقرير مفصل يشرح هذه الجرائم التي تنتهك الأمن القومي ومصير المتهمين ما بعد التحقيق وما الأحكام التي ستطبق عليهم؟ كما لم يُعلن عن مصير الذهب المهرب حتى الآن.؟
شارك هذا الموضوع:
اكتشاف المزيد من المنصة الليبية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.