“يموت الفنّانون ويبقى فنّهم خالدًا” تتجسّد هذه العبارة في متحف الفنان الراحل على قانا الذي ينبض في قلب طرابلس، بأعماله، عقب تحويل عائلته لمنزله الذي بناه قبل وفاته، إلى متحف للفنون التشكيلية، حفاظًا على فنّه وأرشفته.
ربّما امتلاك الفنان علي قانا لرصيد هائل من الأعمال الموثقة للمعالم المعمارية الإسلامية، لمختلف المدن الليبية القديمة؛ جعله قبلة لعديد من الدارسين والمهتمين بالجانب المعماري تاريخياً.
بمجرد اقترابك من متحف قانا ستلفت انتباهك لافتة على الطريق مزّقها الرصاص من البوابة التي تفصل المتحف عن المسكن الخاص، بينما حين وصولك باب المتحف ستلاقيك النباتات باختلاف أنواعها إيذانًا بالحياة والفنّ داخله.
لوحاتٌ ومنحوتاتٌ ورسوماتٌ تخطيطية نفّذها علي قانا، ها هي اليوم وفي غيابه تزيّن زوايا منزله الذي يرتاده الفنانون ومحبو الفن والمهتمين به من كل الأماكن، فيما وثّقت أرشيفات قانا التي ستشاهدها عند زيارتك لمنزله لحرف وحرف تقليدية، اختفى بعضها تمامًا.
لكن متحف على قانا لا يقتصر على أعماله فحسب، إنما سترى في الغرف والأركان الأخرى معارضًا فنيّة متنوعة، فضلًا عن توفيره مساحة للندوات وورش العمل ذات الطابع الفني.
لطالما خشيت عائلة قانا من أن يمسّ البيت مكروه، خاصة مع تكرر الاشتباكات في محيطه إلا أنه استطاع الصمود في وجهها.
ابنة علي قانا “هادية” التي ورثت عن والدها حبّ الفن هي من قامت بتسجيل المتحف كمؤسسة قانونية تحتضن كل الأنشطة الفنية والثقافية، هادية وبحسب ما قالته لـ”وكالة فرانس برس” تؤسس لمركز بحوث فني تعليمي يضم الجميع، بمن فيهم الأطفال والموهوبين والفنانين ومحبي الفنون على أنواعها.
تقول هادية إن “المتاحف يجب أن تكون مساحات تعليمية، “هنا في ليبيا، ليس لدينا هذه الفكرة بعد”.
لم تكن صدفة أو قرارًا وليد اللحظة، تأسيس هادية لمتحف على قانا، إنما هو حلم والدها المؤجل؛ فقد تقدم في العام 1996 بطلب لإنشاء مدرسة خاصة لتعليم الفنون، ورُكن هذا الطلب ونُسي بمرور السنوات، ليرى النور اليوم أخيرًا وبعد قرابة الـ 30 عامًا على يد ابنته هادية التي تسير على خطى والدها.