الأخبار الشاملة والحقيقة الكاملة​

2024-11-22

6:59 مساءً

أهم اللأخبار

2024-11-22 6:59 مساءً

حياة القراءة

01-13

طارق الشرع

سيرة القراءة كما أتصور تتأسس على البحث عن “الذات القارئة ” إن جاز لنا التعبير، عن أسئلة لم تتشكل بعد، عن ملامح حياة مختلفة تحتفظ بأسرارها بعيداً عن شكل وتركيبة وطموح حيواتنا المادية، سيرة القاريء في بداية تكونها تكون أشبه بحياة المجنون أثناء قطعة آلاف الأمتار بين الأزقة والطرقات العامة دون هدف، ذاكرة القاريء كأرجل المجنون تحث الخطى بحثاً عن شيء يستحق البحث كما يبدو، ويحدث كثيراً أن تسقط أحلام القاريء تحت خطوات الجنون.

للقراءة حياة مستقلة تتألف من أطوار متفاوتة تتشكل وتنمو بعدد سنوات المعرفة بعد أن تمر بمراحل الطفولة والمراهقة فالنضوج، نعم للقراءة دورة حياة مهددة بالزوال في أي وقت.

ورغم أن الكتاب صار اليوم أحد مصادر القراءة إلا أنه يظل المصدر الأهم لذاكرة أجيالنا على أقل تقدير، فالكتاب ارتبط في وعينا ارتباطا وثيقا بالقراءة حيث تشكلت من صفحاته الطرق والدروب التي لطالما قادتنا إلى طرق مسدودة وأخرى وعرة وغيرها مزدهرة، فلم يعد يكتفي الكتاب اليوم بكونه وسيطا لغويا أو وسيلة معرفية بل بات يشكل إمكانية ثقافية مستقلة، وهنا تقوم المفارقة؛ فالتنقيب والبحث عن الكتاب كوسيط مستقل وكينونة بدأ بعد أن وجد الكتاب شركاء له كوسائط متنوعة أهمها بالتأكيد الشريك الرقمي، والسؤال القيمي للكتاب ظهر بعد أن صارت تنافسه قيم أخرى، فاليوم بات المهتم يرصد عملية القراءة قياساً بما كانت عليه منطلقاً “سيكولوجيا القراءة ” كطقوس القراءة مثل (رائحة الورق – التعامل مع الورق – وضع الجسد أثناء القراءة – تصنيف الكتب وترتيبها) وهو جانب أجده شديد الخصوصية ويستحيل الاستناد عليه لتحديد شكل مميز للقراءة لا سيما ونحن نتحدث في المقابل عن آخر ما توصلت إليه التقنية الرقمية من وسائل مذهلة لصالح الإنسان ورفاهه، عن تقنيات اهتمت بالاقتصاد في الوقت والجهد وإتاحة إمكانيات إضافية للقراءة بطرق نوعية.

الآن وبعد مرور هذا الزمن وأثناء استذكاري لمراحل مبكرة في حياتي أستطيع الجزم بأن القراءة أهم شيء مارسته في حياتي، أتساءل عن المسارات التي كنت سأسلكها في غياب القراءة عن حياتي، كيف سيكون الأمر بدون الاطلاع على إبداع دستوفسكي وتجربة كازنتزاكس وسحرية ماركيز وعمق فوكنر وجنون هاروكي وإمتاع بارت وروعة المتنبي، القراءة فعلاً تشكل حيوات إضافية، حيوات نختارها نحن هذه المرة.

عن نفسي أعتقد بأن عدد الكتب التي قرأتها كان سيتضاعف في حال أدركت المكتبة الرقمية والقراءة الرقمية في وقت مبكر من حياتي، فطريقة الحصول على الكتاب والتواصل مع عالم الكتب صار أسرع وطرق العرض للقراءة بات أجود من القراءة الكلاسيكية بمراحل.

شارك المقالات:

مواقيت الصلاة

حالة الطقس

حاسبة العملة