الأخبار الشاملة والحقيقة الكاملة​

2024-09-19

6:20 مساءً

أهم اللأخبار

2024-09-19 6:20 مساءً

3

وهبي البوري .. المفكر الاستثنائي والأديب القاص والشاعر والكاتب الصحفي الليبي .. حينما نذكره في ذكرى رحيله الرابعة عشر إنما نذكر الأجيال القادمة والآنية أن ليبيا ولادة للعظماء من ينقشون في التاريخ اسماءهم بمداد من نور .. البوري أعطى للمكتبة الأدبية الكثير وزخرت المكتبة التاريخية بأعماله التوثيقية ومؤلفاته وتراجمه عن الإيطالية وعنها كانت اللعبة السياسية خيوط بين أنامله لنعتد بكونه متعلما أثبت دوره كوزير أسبق للخارجية وكمندوب لليبيا في نظمة الأوبك العربية لإنتاج وتصدير النفط حيث ظل مندوبا دائما في الأمم المتحدة لوطنه ليبيا ومثله في كل المحافل العملية والعلمية والأدبية أيما تمثيل شرفت به ليبيا ونترحم عليه رحمة واسعة رجلا عبر تاركا لذاته وللأجيال أعظم وأعمق الأثر .

وهبي البوري الدبلوماسي الأول

المفتي يصفه ( دبلوماسي زاده الخيال ) فهو من وهب العمل السياسي تعابيره الخاصة مشفعا الكلام الرسمي عبارات أدبية عميقة فكان كما كتب عنه المؤرخ محمد المفتي فاردا مقاله عام 2010 في حفل تأبين المؤرخ الليبي الدكتور وهبي البوري) وكما كل ما يعتري الناس والأشياء حولنا لا نعرف قيمة الشخوص والأمكنة إلا بعد رحيلها .. هل يشيد بدوره ويتعلم منه ويسير على نهجه دبلوماسيتنا اليوم كتابنا اليوم !!! هيهات يحدث .. وهبي احمد عقيلة  البوري المولود 23/ يناير / 1916 م  بالإسكندرية سياسي وأديب ومؤرخ ليبي ورائد القصة القصيرة لم ينتق علوما نظرية جامدة لا تحرك التفكير بل انه درس في صباه بمدرسة الفنون والصنائع ببنغازي إلى أن أتم المرحلة الإعدادية وهذا بعد عودة الأسرة من مصر إلى بنغازي في العام 1920 ليعود إلى مصر ثانية والإسكندرية مسقط رأسه بالذات لاستكمال دراسته ملتحقا بالمدارس الإيطالية بالإسكندرية.

وكما قال المتنبي وإذا كانت النفوس كبارا تعبت في مرادها الأجساد .. نعم الغايات كبيرة وعودة وهبي الذي رغب استكمال دراسته والاستزادة بعد عودته في 1931 منعته السلطة الحاكمة من العودة لمصر لإتمام دروسه لكن هذا لم يثني عزمه حتى أن جهده واجتهاده أوصله بعد أربعة أعوام من المنع ليعين مستشارا بالسفارة الليبية بالقاهرة وعمل فيها حتى العام 1939 ومن الاستشاري إلى معلم اللغة العربية في المدارس الثانوية الإيطالية بالمغرب ( طنجة ) وحياته الزاخرة بالعمل الدبلوماسي لم تمنعه أن يغوص في الآداب العربية كونه المتخصص مع كثير من العلوم في علم اللغة العربية تلك الشخصية المتسمة بالنضال الحياتي والتأرخة لأمته أحد أعيان بنغازي كتب في الصحافة فأجاد والعلم فأثمر حتى حصوله على ماجستير الدراسات الإفريقية من جامعة سانت جون بنيويورك عام 1968 والدبلوماسية فخلق مكانة للأمكنة التي تكفل بها كمسؤول يمثل بلده ومؤسس للدبلوماسية الليبية ، نعم رجل في كل تلك المهام معا حيث عمل وزيرًا وصحفيًّا وإعلاميًّا وقاصًا فمؤرخًا، واشتهر بصفته أحد رجالات الدولة الليبية الذي ساهم في بنائها كمؤسس للدبلوماسية الليبية ترجم البوري كتبًا عن الإيطالية أهمها «الحرب الليبية 1911-1912» لفرانشيسكو مالجيري، و«الكفرة الغامضة» لدانتي ماريا توتينيتي، و«ببلوجرافيا ليبيا» للكاتب الإيطالي تشكي، والذي جمع فيه ثلاثة آلاف عنوان عن ليبيا قبل العام 1914، ونشر إنتاجه الأدبي والفكري في عشرات المطبوعات المحلية والعربية والدولية .

إذا عدنا لعودة صاحب السيرة العطرة وهبي البوري من طنجة نراها تزامنت مع  دخول إيطاليا في الحرب العالمية الثانية فطلبت منه وزارة الخارجية الإيطالية العمل بالقسم العربي في وزارة الثقافة ، ولكنها هزمت بالحرب وسقط موسوليني ليرسل المفتي الفلسطيني ورئيس الهيئة العربية لفلسطين رسالة لوهبي يدعوه للعمل في روما حيث أسند إليه إدارة مكتب أنباء فلسطين الذي يزود الصحف المصرية بالأخبار.. واستمر هناك حتى العام 1947 يعود لموطنه ليبيا، ويتقلد عدة مناصب داخلها فكان وكيلًا لوزارة الخارجية في عام 1965، ثم وزيرًا لها في عام 1957، ومع بداية الستينيات وبعد أن استلم وزارة جديدة في 1960 وعين كوزير للنفط في ليبيا عادت به المقادير للعمل خارج البلاد فعمل مندوبًا لليبيا لدى الأمم المتحدة عام 1963. وتستمر سلسلة التنقل لأهمية ما يصبغه وهبي البوري على كل وظيفته تقلدها وتمثيل لليبيا بين دول العالم وذاك العام 1979 عين مستشارًا للعلاقات الدولية في منظمة الدول العربية المصدرة للنفط – أوابك في الكويت حتى العام 1986. وخلال إقامته بالكويت كتب لمجلة العربي ، ومجلة الإداري وصحيفة الأنباء الكويتية ، ومن هناك راسل صحيفة الرأي الأردنية ، ومجلة البترول والتعاون العربي ونشرة منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول الشهرية ، وألف كتاب (البترول والعلاقات العربية والإفريقية) الذي ترجم إلى اللغتين الفرنسية والإنجليزية، و(البترول والعلاقات الأوربية) و(حظر البترول على جنوب إفريقيا) وترجم كتاب (ماتي) رائد البترول الإيطالي إلى اللغة العربية، وكتب لمجلة (العالم الثالث) الفرنسية التي تصدر في باريس، وكتب لصحيفة العرب اللندنية. واستمر فيها حتى تقاعد عن العمل منصرفا كليا للتأليف والكتابة التأريخية والأدبية .

ميزة البوري الريادة في أغلب المجالات التي تغلغل في كنهها ونجح بإبهار الكل حتى المستعمر الإيطالي في كل رحلة دبلوماسية مثل فيها ليبيا إبان الحكم الإيطالي .. ونلمس تميزه .. صحفيا فكانت له الأسبقية في إدخال الكلمات المتقاطعة في الصحف الليبية (مجلة ليبيا المصورة) وأول مَن كتب تحقيقًا صحفيًّا في شهر رمضان للعام 1943، أما عن كتابة القصة القصيرة متكاملة الجوانب الفنية فبرزت موهبة البوري القصصية مع «ليلة الزفاف» .. عنوان جاذب لقراء مجلة ليبيا المصورة في العام 1936 ليتبين لكل المتابعين من كبار الكتاب أن الأهمية ليست في العنوان بقدر المحتوى القصصي المتكامل هذا وأكثر في سيرة حياته مادعى كثر من النقاد والمؤرخين يكتبون حوله دراسات ومقالات عديدة .. وصدر لأديبنا ما يزيد على تسعة مؤلفات (بنغازي في فترة الاستعمار الإيطالي) (مجتمع بنغازي في النصف الأول من القرن العشرين) وكتاب (عمر المختار وغرازياني) (بنك روما والتمهيد للغزو) كانت تأريخية أم الأدبية (بواكير القصة الليبية) الذي لايزال تحت الطبع، وفي التراجم كتب (الحرب الإيطالية) و (الكفرة الغامضة) و(بيبلوغرافيا ليبيا).

بعد كل ما سردناه فيه وعنه حقا كان كما كتب الدكتور محمد المفتي معنونا دراسته المهمة حول البوري ” وهبي البوري دبلوماسي زاده الخيال ” رحمه الله شيعته المدن التي ولد فيها .. وترعرع ودرس .. وعمل فيها .. الأجنبية قبل العربية .. وبعد وفاته في 15/ 6/2010 م أبنته طرابلس بدعوة كل الكتاب والأدباء والمؤرخين رجل ظل حتى لحظاته الأخيرة وقلمه في يده ليوقع آخر إصداراته الذي لم يره ونشر بعد وفاته عن عمر ناهز الأربع والتسعين عاما بعد رحلة إن لم تكن عبرة وتأثيرا .. فهي الأثر الذي يقتدى وفي بنغازي مدينته سمي مركزا ثقافيا منارة مهمة باسمه ( مركز وهبي البوري الثقافي ) وكأنه تيمن سيرته فلم يكن مركزا يخدم منطقة بل خدم مدينة بنغازي بأسرها نشرا للثقافة واحتضانا للمحافل ومنه يدرك المرتاد والزائر من هو المؤرخ الدبلوماسي الأديب وهبي أحمد البوري .

سيرة الأديب المؤرخ .. جمعتها من مصادر عدة

الكاتبة – عفاف عبد المحسن الجماعي


اكتشاف المزيد من المنصة الليبية

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

شارك المقالات:

مواقيت الصلاة

حالة الطقس

حاسبة العملة