انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي التحذيرات من الاصطياف هذه الأيام والنزول للبحر رغم شدة حرارة الجو.
فمثلا أطلق المختصون تحذيرات من السباحة في مدينة طبرق، وفي درنة نبهت الشركة الليبية للموانئ إلى أهمية الامتناع عن السباحة في المناطق الساحلية، مؤكدة أن التقلبات الجوية قد تشكل خطرًا كبيرًا على سلامة الجميع، كذلك الوضع على شاطئ طلميثة حيث انتشرت الدعوات للانتباه.
لم تقتصر هذه التحذيرات على المناطق المذكورة، فقد انتشرت بشكل واسع في الكثير من المناطق، بينها طرابلس.
أبحرية الأربعين
التنبيهات بعدم السباحة هذه الأيام في البحر تتكرر كل عام، فهذه الأيام توافق موسم “أبحرية الأربعين” حسب تسمية الأجداد القدماء وتقسيمهم لفصل الصيف الذي يستمر ثلاثة أشهر، وجاءت تسمياتهم وتقسيمهم إلى أربعة أقسام تتقدمها أبحرية الأربعين، ومن بعدها” نو العنصرة” وتليها “نو العمود”، وأخيرًا “نو العوا” وقد عرف الأهالي والبحارة هذه المواسم وتأثير كل منها، لذلك تنتشر التحذيرات من قبل الجهات المعنية ومواطنين وبحارة وغيرهم.

وتأتي أبحرية الأربعين بعد دخول فصل الصيف بعدة أيام، ولكنها ليست مرتبطة بيوم معين، حيث أنها مرتبطة بالظروف الجوية، لذلك قد تحل في وقت مبكر قليلًا وأحيانًا تتأخر عن الموعد المتعارف عليه.
وتتكون أبحرية الأربعين عند رجوع الدوامة القطبية باتجاه القطب الشمالي، حيث تطلق عند عودتها منخفضان جويان ضعيفين في الحركة متتاليين يمران بإسبانيا والبرتغال وفرنسا وإيطاليا واليونان ثم شمال تركيا ثم روسيا ومنها إلى القطب الشمالي ليلتقيا مجددًا مع الدوامة وهناك يتلاشيان.
ويتزامن مع مرو الدوامة من هذه المناطق منخفضان صحراويان بطيئا الحركة أيضًا يعبران مورتانيا وجزائر وتونس وليبيا ومصر والسودان وتشاد والنيجر ومالي، ويستغرق تأثير هذين المنخفضين من 5 إلى 15 يومًا ويؤدي إلى ارتفاع كبير في درجات الحرارة مع رياح جنوبية.
ومن المنطقة الشمالية يصطدم المنخفضين فيتلاشى المنخفض الصحراوي ويتدفق تيار شمالي بارد نوعًا ما يستمر عدة أيام قد تتجاوز الـ 30يومًا وتزداد البرودة في ساعات الصباح الأولى والساعات المتأخرة من الليل، ومع شروق الشمس تهب رياح قبلية تتغير شمالية تزيد سرعتها بعد الظهر وتسكن عند الغروب.
حالات غرق
وتسبب الرياح في دوامات بحرية وتيارات ساحبة يصعب مقاومتها، لذلك تطلق التحذيرات من الخروج للبحر العميق أو السباحة بعيدًا عن الشاطئ، وفي هذا الصدد حذر النبي ﷺ من ركوب البحر عند ارتجاجه وقال “من ركب البحر عند ارتجاجه فمات فقد برئت منه الذمة”.
وعلى الرغم من هذه التحذيرات إلا أن الكثير من المصطافين لا يهتمون لها، حيث أعلن خلال اليومين الماضيين غرق ثمانية شباب في منطقة وادي السهل بطبرق، وانطلق الغواصين للبحث عن الجثث الغارقة ولم يتمكنوا من استخراج سوى جثتين، فيما فقدت الجثث الباقية في البحر.
وفي طرابلس أعلنت هيئة السلامة الوطنية عن تلقيها بلاغ استغاثة من قارب يحوي ثلاثة مصطافين، وعلى الرغم من انطلاق فرق الإنقاذ إلا أنها تمكنت من إنقاذ شخصين نقل أحدهما للمستشفى، إلا أن الثالث لقي حتفه.
وتظل الأجواء الحارة خلال هذه الأيام دافعا للمواطنين للاصطياف، ولكن يؤمل أن يتم أخذ التنبيهات بعين الاعتبار والسباحة على الشاطئ وفي الأماكن المؤمنة بعناصر إنقاذ وعدم الإبحار في البحر عميقًا لضمان السلامة، كما يؤمل أن يتم الاهتمام بالأطفال وتواجدهم تحت أعين أولياء الأمور طوال الوقت.
ما بين المتوارث الشعبي المحذر من أبحرية الأربعين وإهمال البعض للتحذيرات التي تطلق، يبقى السعي لاتخاذ كافة الإجراءات الاحترازية من قبل الجهات المعنية واجب لا غنى عنه.