الأخبار الشاملة والحقيقة الكاملة​

2024-11-22

12:44 مساءً

أهم اللأخبار

2024-11-22 12:44 مساءً

عوض عبيدة رائد الفن التشكيلي الليبي وحافظ التراث الوطني

web-Recovered-3

الفنان التشكيلي الليبي عوض عبيدة يُعتبر أحد كبار رواد الفن التشكيلي في ليبيا وأبو الواقعية الليبية. يعد من القلائل الذين بدأوا مسيرتهم الفنية منذ النصف الأول للقرن الماضي، وقدم إسهامات كبيرة في تعريف الفن التشكيلي الليبي بخصوصيته وهويته ضمن المشهد التشكيلي العربي والعالمي.

عاش عوض عبيدة فترات طويلة خارج ليبيا، حيث قضى 14 عامًا في لندن و3 سنوات في سويسرا، وزار الولايات المتحدة وأقام معارض عديدة في أنحاء أوروبا. ولد في حي سوق الحشيش في مدينة بنغازي بتاريخ 23 أكتوبر 1923، لعائلة ميسورة دعمته في بداياته الفنية بتوفير المواد والخامات الفنية والدروس عند فنانين كبار.

ومع مرور الأيام أصبح لاسم (عوض عبيدة) بين أقرانه وتلامذة مدرسته، مكانة خاصة أعطته قدرًا من التفرد والاحترام والتقدير، وبشكل خاص عند مدرس الرسم الإيطالي (فليري) بمدرسة الصنائع ببنغازي، الذي ساعده ووجهه لما لمسه فيه من ميول فنية.. وقدّر فيه موهبته بل صارحه في إحدى المرات بأنه تفوق عليه موهبةً وعطاءً وإبداعاً.

في عام 1946 أقام أول معرض تشكيلي له بمدينة بنغازي، وهو أيضاً، أول معرض تشكيلي يقام في ليبيا. وقد شاهد هذا المعرض كثير من الناس في ذلك الوقت.

في الخمسينات سافر إلى ايطاليا لدراسة الفن دراسة أكاديمية، وانتسب إلى أحد المعاهد المتخصصة، حيث درس الرسم الهندسي، والمنظور، والتشريح، والتلوين تحت إشراف البروفيسور (فابي fabbi). وحتى يتمكن من دفع مصاريف الدراسة والعيش هناك بدأ في تسويق أعماله الفنية لدى الصالات المتخصصة في بيع أعمال الفنانين في كل من (فنيسيا) و(ميلانو).

منذ صغره، أبدع عوض عبيدة في رسم العادات والتقاليد والتراث الليبي على لوحاته، مساهمًا في نشر الوعي الجمالي بين جيرانه وأصدقائه. أثناء دراسته في إيطاليا، اتجه إلى الفن التصويري بشكل أكاديمي، حيث درس الرسم الهندسي والمنظور والتشريح، وأصبحت الواقعية أسلوبه الفني المميز.

بعد تخرجه في الجامعة قام برحلات كثيرة عبر العالم زار خلالها أغلب المتاحف العالمية.. ورأى خلال زياراته مدى اهتمام الأجانب بتراثهم وتاريخهم.. وهنا سأل نفسه: لماذا لا يعود إلى ذاكرته ويرسم العادات والتقاليد الاجتماعية الليبيةالقديمة الأصيلة؟ وأجاب على سؤاله في أواخر السبعينيات وبالتحديد في عام 1978 عندما حط في بريطانيا، حيث أقام فيها أربعة عشر عاماً.

عاد عبيدة إلى ليبيا بعد تخرجه وأقام العديد من المعارض في طرابلس، شحات، ودرنة. أسس معرضه الدائم في نادي الفروسية ببنغازي، الذي يعد تحفة فنية تجسد العادات والتقاليد الليبية بدقة وواقعية.

في هذه الفترة اتخذ مرسماً له في لندن وبدأ يرسم كل ما يتعلق بالعادات والتقاليد الشعبية الليبية القديمة.. ورأى من واجبه أن يحييها للأجيال القادمة.. حتى يتعرفوا كيف كان أجدادهم يعيشون.. وكيف كانت العاب الأطفال.. والبيت.. والحوانيت.. والشارع في ليبيا.. فرسم وسجل بصدق وأمانة دون زيف أو تكلف على مسطحات لوحاته من الذاكرة كيف كان التراث الليبي القديم.

تلقى عوض عبيدة العديد من الأوسمة وشهادات التقدير من مختلف الهيئات والمؤسسات، تقديرًا لمساهماته الفنية وجهوده في الحفاظ على تراث ليبيا الثقافي والفني.

والجدير بالذكر أن الفنان عوض عبيدة لا يقوم ببيع لوحاته.. لأنه لم يتخذ في يوم من الأيام من الرسم مصدرا للرزق من جانب كما أنه يعتبرها مثل أولاده من جانب آخر.. لذلك لا يفرط فيها على أمل أن يضمها متحف وطني للتراث والتاريخ يستفيد منه أبناء شعبه.

مواضيع لوحات الفنان عبيدة المستمدة من الواقع الليبي وعاداته وتقاليده عالجها بواقعية تنحوا نحو التعبيرية في الشكل والتأثيرية في اللون.. أما اختياره للظل والنور فقد جاء مناسباً تماماً لطبيعة الطقس في ليبيا، حيث يمتاز بشدة الضوء الذي يقل بالتدريج خلال ساعات النهار، مما يتيح للفنان اختيارات متعددة لتجسيد درجة الضوء الساقط على الشخوص والأماكن في لوحاته.. كما وظّف الفنان اللون، لتجسيد خصائص الأسطح المختلفة مثل الرؤوس والملابس وجدران البيوت وبعض مناطق الأرضيات.

بقي أن نشير بأن الفنان عبيدة عرض أعماله في أغلب العواصم الأوربية وبعد عودته إلى ليبيا أقام العديد من المعارض في طرابلس،  شحات ودرنة.. وله معرض سنوي في شهر رمضان المبارك في مدينة بنغازي، وحصل على العديد من الأوسمة وشهادات التقدير من مختلف الهيئات والمؤسسات.. منها: وسام الفاتح العظيم من الدرجة الأولى بمناسبة العيد الثاني والعشرين لثورة الفاتح.. وشهادة تقدير بمناسبة عيد المعلم الثاني، وشهادة تقدير من اللجنة المشرفة على مهرجان المدينة الثقافي ببنغازي عام 1993.

كما أقام معارض كثيرة خارج الجماهيرية منها معرض في دمشق عام 1956 ومعرض في المغرب عام 1994 برعاية الملك الحسن الثاني، وكان تحت شعار “التواصل والتطابق في التراثين المغربي والليبي”. وقد قلده الملك الحسن الثاني وسام الفن. ومعرض في أبو ظبي عام 2000.

بعيدًا عن الفن، اختار عبيدة حياة العزوبية وكرس حياته للفن، معتبرًا لوحاته أولاده، ويرجو أن يتمكن يومًا ما من دخول متحف وطني ليستفيد منها الجمهور.

شارك المقالات:

مواقيت الصلاة

حالة الطقس

حاسبة العملة