ليست بسابقة أن تقضي مدن ليبية أكثر من ليلة في الظلام الدامس، إلا أن اجتماع انقطاع الكهرباء لأيام عديدة مع ارتفاع درجات الحرارة، وفي أيام الامتحانات النهائية لطلبة الشهادة الثانوية التي يتحدّد فيها مصيرهم العلمي؛ فهذه هي السابقة.
يواصل انقطاع التيار الكهربائي الليل بالنهار في معظم مناطق بنغازي، وإن رجعت الكهرباء فما هي إلا دقائق معدودة وتغيب لساعات طويلة قد تزيد لأكثر من يوم، أزمة سبّبها تضرّر كوابل تغذية رئيسية جراء أعمال حفر.
هذه الأزمة، أخذ من ضررها طلاب الشهادة الثانوية؛ النصيب الأكبر، فها هم يجاهدون من أجل الدراسة في ظروف متردية، غير مستوعبين أن أزمة كهذه جاءت في أكثر أيامهم أهمية؛ أيام يتوقّف عليها مستقبلهم العلمي والمهني.
على أسطح المنازل، وشُرفها، وحدائقها إن وجدت، وعلى أنغام مولدات الكهرباء، ورائحة المحروقات، يقضي الطلاب يومهم، يكتنفهم الإحباط، موجّهين إضاءة هواتفهم إلى كتبهم محاولين التقاط أكبر قدر من المعلومات ليدخلوا بها إلى الامتحان، ولأن الإضاءة لن تكفي اليوم بأكمله، ولأن ارتفاع درجات الحرارة سيحول بين الطلبة وتركيزهم؛ فتحت مؤسسات عديدة ، أبوابها مجانًا؛ أمام الطلبة على مدار اليوم في بادرة من شأنها التخفيف عن الطلاب ولو قليلًا.
ورغم ملكية هذه المراكز الخاصة، إلا أن القائمين عليها استشعروا مدى معاناة الطلاب وسوء حالتهم النفسية، بين هذه المركز يوجد مركز “تأصيل” للتدريب الذي فتح أبوابه من الساعة التاسعة صباحًا وحتى التاسعة مساءً، ومركزي “سديم وليبيا” التدريبيين اللذين يفتتحان حتى الساعة الـ 12 بعد منتصف الليل، ونذكر أيضًا مؤسسة براح للثقافة والفنون التي أخذت على عاتقها هذه المسؤولية رغم أنها مؤسسة غير تعليمية.
ولانتشال الطلاب من حالة الإحباط؛ توفر هذه المراكز في مساحاتها المخصصة للطلبة؛ مولدات كهرباء حيث تتوفر الإضاءة، وأجهزة التكييف، والمكاتب المجهزة.
ووسط الإحباط لا زال يتأمل الطلاب وأولياء أمورهم أن تنتهي هذه الأزمة في أسرع الآجال، وتستقر الكهرباء ليدرس الطلاب ما تبقى من امتحاناتهم في منازلهم التي اتخذوها هذه الأيام مجرد فنادق للمبيت، يفرون منها في النهار ويرجعون إليها آخر الليل.