الناير اليعقوبي
الذهب الأسود مآله إلى النضوب عاجلًا أو آجلًا.. معلومة ليست بجديدة، وهناك دراسات حددت – باليوم والشهر والسنة – تاريخ شفط الإنسان آخر قطرة “بترول” من جوف الكرة الأرضية.
هذه المُسلمة لم تجد لها طريقًا ولو ترابيًا إلى عقولنا عبر عقود مضت، وبقينا صاغرين مُستسلمين مُنبطحين للنفط منذ ظهور نجمه في سماء اقتصاد بلادنا حتى تاريخه، فعشنا حالة موغلة في العجز الكلي والاتكالية القاتمة اللون على الآخر الأجنبي من ألف حاجتنا الاستهلاكية إلى ياءها.
اتكالية في أدق تفاصيل حياتنا – من الإبرة إلى الطائرة وطيور الزينة ومستلزماتها – أودت بنا إلى انهزامية حتى الثمالة، رخاء مغموس بكسل، ونماء مخلوط بخمول، وازدهار رابض على تلة العبودية المُحلاة بفيض من السكر.
حلاوة الاعتماد الكلي على عوائد النفط، والإمعان في استنزافه في شكل مشروعات ميتة لا تمثل بديلًا دائمًا عنه هى في واقع الأمر مرارة أمَرُّ من الحنظل لمشروع انتحار جماعي حُبست أنفاس الناس من ورائه عامًا بعد عام، وبرزت نتوءاته تحت جلد الاقتصاد، يشخصها بمهارة المواطن الأُمي من تمرغد في تداعيات الاقتصاد الريعي.
تداعيات عديدة من بينها، إبقاء الاقتصاد الوطني تحت رحمة وشفقة المتغيرات الداخلية والخارجية، وتلاشي الطبقة الوسطى في المجتمع، وضعف القوة الشرائية للدينار، وتفشي الجريمة بمختلف صورها.
وبعد.. الخروج من الشرنقة يُعد سهلًا سهولة تمزيق خيوط نسيجها دون مشقة ولا عناء، وبالمثل الحرية من عبودية ” الأسود السكر” تتطلب فقط إرادة سياسية وأخرى شعبية، والاثنتان لا وجود لهما لمُبررات تختلف فيها هذه عن تلك، والنتيجة المُحصلة هي الرضوخ لواقع مفضوح مساوئه.