الأخبار الشاملة والحقيقة الكاملة​

2024-09-20

12:15 صباحًا

أهم اللأخبار

2024-09-20 12:15 صباحًا

moftah

  د. مفتاح الرباصي

لا أخفيكم سرآ أنني كنت أقدم رجلا وأؤخر أخرى قبل أن أقرر التعمق في عالم التكنولوجيا، ولا يرجع هذا التردد إلى عدم اقتناعي بما تقدمه من تواصل وأفكار ولكن ما يزعجني ويشجعني على الابتعاد عنها هو الاستعمال الخاطئ فالاعتراض ليس على التقنية وإنما على طريقة

إستخدامها..

     الحضارة ليست ذلك الكم الهائل من الوسائل المادية وإنما هي مدى قدرتنا على التعامل مع هذه الوسائل ولعل أكبر دليل على ما أقول أننا نملك ما يملكه العالم المتقدم من وسائل مادية فلدينا الجامعات ومراكز البحوث ولدينا جميع وسائل الاتصال ولكننا مازلنا ضمن الدول ليست النامية بل المصرة على التخلف ولن تنجح الوسائل المادية في إنقاذنا من هذا الوضع حتى نمتلك وعيا حضاريا يعيننا على التعامل مع جميع ما يندرج تحت مسمى “التكنولوجيا الحديثة” بطريقة تراعي ديننا وواقعنا الاجتماعي ..

    ما أقوله هو واقع نعيشه وليس أفكارا خيالية فنحن نرى بعض الموظفين الذين يهملون واجبهم الوظيفي ليتفقدوا آخر النكت والمستجدات عديمة القيمة ونرى الطالب الذي يهمل دروسه وينشغل لساعات طويلة لمتابعة أمور تافهة تخلق منه مع الوقت شخصية لا طموح لها ونخسر بذلك جيلا كنا نعول عليه للنهضة بالبلاد.

   إن غياب الوعي الحضاري هو الذي جعل التقنيات الحديثة وسيلة لنشر الشائعات والأكاذيب وتشويه السمعة وتخريب العلاقات الاجتماعية وخلخلة الثوابت الدينية في نفوسنا حتى أن الصلاة وهي الصلة بين العبد وربه قد تؤجل أحيانا بسبب الانشغال بمتابعة آخر الأخبار وردود الفعل والتعليقات عليها.

   خلال كتابتي تذكرت كلمة قالها عمر بن الخطاب “رضي الله عنه” وهى: ( أن الله إذا أراد بقوم سوء منحهم  كثرة الجدل وقلة العمل ) فنحن الآن نمارس كثرة الجدل ونترك العمل ،ومن جهة أخرى فإن هذا العالم الافتراضي وسيلة لإضاعة الشيء الذي لا يمكن تعويضه وهو الوقت وهذا يغرس في عقولنا مفهوما خطيرا وهو أن الوقت لا قيمة له ولهذا المفهوم علاقة وطيدة تعمل بشكل سلبي على تدمير أي طموح حضاري ننطلق منه إلى معاودة دورنا في الحضارة الإنسانية .

   إنني لا أقول هذا بصفة الأستاذ الجامعي الذي يوزع إرشاداته ونصائحه بروح التفوق والتعالي، بل بصفة الشخص البسيط الذي يحاول الإرشاد والنصح لأهله وبالتأكيد فيهم من هو أعلم منه وأكثر قدرة على النصح والدعوة إلى التغيير الإيجابي لأننا أمام ظاهرة نحتاج إلى جهود جماعية لعلاجها ونحتاج إلى عقول قابلة للتغيير وتملك من الوعي ما يمكنها من التخطيط العميق والتنفيذ الدقيق لتأطير طموحاتها الحضارية وهذا ليس بمستحيل فالمهم أن نبدأ الخطوة الأولى في الاتجاه الصحيح.


اكتشاف المزيد من المنصة الليبية

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

شارك المقالات:

مواقيت الصلاة

حالة الطقس

حاسبة العملة