الأخبار الشاملة والحقيقة الكاملة​

2024-09-19

6:49 مساءً

أهم اللأخبار

2024-09-19 6:49 مساءً

ذوي الهمم .. لفظ رومانسي..تمييز وعبء على ذوي الإعاقة.. أم مطالبة بالمساواة

ذوي الهمم .. لفظ رومانسي..تمييز وعبء على ذوي الإعاقة.. أم مطالبة بالمساواة

أطلقت الإمارات مسمى “ذوي الهمم” في عام 2017، ضمن السياسة الوطنية لتمكين المعاقين، بهدف تقديرهم في المجتمع وضمان حياة كريمة متساوية بالآخرين. ورغم أن أيًا من دول الخليج لم تحذُ حذوها في استبدال ذوي الإعاقة أو ذوي الاحتياجات الخاصة بذوي الهمم، فإن البحرين، كمثال، اقترحت من خلال اللجنة العليا لرعاية الأشخاص ذوي الإعاقة استعمال اصطلاح ذوي الهمم بجانب ذوي الإعاقة.

من جانب آخر رفضت الكويت إذ رفضت لجنة شؤون الأشخاص ذوي الإعاقة مقترح النواب بتغيير مفهوم ذوي الإعاقة إلى ذوي الهمم، وعللت ذلك بضرورة “تسمية الأشياء بمسمياتها”، وعالمية مفهوم ذوي الإعاقة وقبوله في الاتفاقيات الدولية.

في يونيو 2019 وجّه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، جميع الجهات الحكومية باعتماد استخدام مصطلح “الأشخاص ذوي الإعاقة” في جميع المخاطبات الرسمية، والتصريحات الإعلامية.

رمسنة الواقع

المبادرات المدنية والمجتمعية كثيرًا ما تستعمل مصطلح ذوي الهمم في خطاباتها، أضف إليها ” متحدي أو محاربي ” هذه المصطلحات أطلقت عليها الكاتبة البحرينية نور الشيخ في تقريرها لفظ ” رَمنسة ” الإعاقة، أو النظر إليها بشكل مفرط في الإيجابية.

ناقشت د. شهد الشمري ود. حسين العنيزي في مقال على موقع “منشور” استعمال اصطلاحات مختلفة للإعاقة، مثل “ذوي الاحتياجات الخاصة” و”ذوي الإعاقة”، في سياق عالمي ومن منظور نظريات مختلفة. ويحدد هذا المقال النقاش الدائر حول المصطلح والإعاقة في منطقة الخليج، ويبحث في جدواه بين اصطلاحات مثل «ذوي الإعاقة» و«ذوي الاحتياجات الخاصة»، و«ذوي الهمم». ويستعمل المقال كلمة «معاقين» و«ذوي الإعاقة» ليشمل جميع أنواع الإعاقة البصرية والسمعية والبدنية والذهنية، ويشمل أيضًا الأمراض المزمنة.

ماهي الإعاقة؟

الارتباك في التصنيف وحصر الإعاقة في مفهومها الضيق جعل الكثيرون يبحثون عن مصطلحات لتجميل الواقع، ربما ساعدت الحملات الإعلامية والمصطلحات مثل ذوي الهمم على إضاءة إنجازات بعض الأشخاص، وهذا مهم طبعًا، ولكنه غير كافٍ، لأن حتى أولئك الذين حققوا نجاحات مميزة واجهوا، أو يواجهون، تمييزًا وأحيانًا عزلًا مجتمعيًا، وهذا التمييز واقع لا لشيء سوى لأن هؤلاء الأشخاص لديهم إعاقة ما.

“إذا اقتنع الأغلبية بأن ذوي الإعاقة أصحاب همة متمكنين من نيل نصيبهم في هذه الحياة، فسوف يرتاح ضميرهم الجمعي من عبء المطالبة بالمساواة”

من باب الالتزام بالمبدأ، لا يصح أن تطلق الدولة أو المجتمع لقب “ذوي الهمم” على المعاقين والمعاقات، في الوقت الذي يواجهون فيه تحديات تحد من “همتهم” وقدرتهم على الحركة والعمل، وحصولهم على الموارد اللازمة، ونيلهم القبول المجتمعي، وحتى قدرتهم على تكوين علاقات عاطفية وزوجية.

تعمل هذه الألقاب على تضليل العامة وتخديرهم. فإذا اقتنع الأغلبية بأن ذوي الإعاقة أصحاب همة متمكنين من نيل حقوقهم ونصيبهم في هذه الحياة، فسوف يرتاح ضميرهم الجمعي من عبء المطالبة بالحقوق والمساواة. لذلك، لا يجب أن يغطي اللقب المضلل على صوت التجارب الحقيقية، أصوات أصحاب الحق أنفسهم.

الإعاقة وصمة اجتماعية

يواجه الأشخاص المعاقين وصمة اجتماعية متجذرة يترتب عليها تصنيفهم مجتمعيًا. هذه الوصمة تنطوي على فكرة “الأفضلية”، المبنية على فكرة تعافي الأجساد وكمالها في الأصل، وبالتالي فإن عدم تطابق الأجساد مع صفة “الكمال” يؤدي إلى إقصاء أصحابها. وبينما تسود لغة الأفضلية بين غير المعاقين، فإنها كثيرًا ما تسود بين المعاقين أنفسهم أيضًا.

هذا ما يشير إليه د. حسين العنيزي، الأكاديمي المختص في دراسات الإعاقة: أن لفظ ذوي الهمم يعزز الوصمة الاجتماعية الموجودة، وذلك لأنه غير شامل لجميع الإعاقات، فصعوبات التعلم الشديدة مثلًا لن يحصل أصحابها على اللقب، لأن الهمة تفترض أن يكون الشخص قادرًا ذهنيًا.

التضامن مع ذوي الإعاقة مرغوب ومشجع عليه بالتأكيد، ولكن كيف يكون تضامنًا.

الهمة أيضًا ليست مسؤولية فردية على المعاقين تحمُّلها، بينما تتفرغ الدولة والمجتمع للتصفيق والتهليل ورمي الشعارات فقط. لن يكون للهمة معنى صادق وحقيقي إلا إذا تبنت الدول والمجتمعات فعلًا نماذج للدمج والمساواة غير المشروطيْن، ومن دون تقسيم الأشخاص على نحو “معاق لديه همة” و”معاق ليست لديه همة”.

واختتمت الكاتبة البحرينية تقريرها قائلة … لا يجب الضغط على المعاقين أنفسهم ليعالجوا الوضع الراهن عن طريق الامتثال لصورة الشخص الاستثنائي الذي يحارب كل التحديات ليصل، بل هذه مسؤولية الدولة أولًا والمجتمع ثانيًا لمعالجة التحديات والتمييز والأفكار السلبية المبطنة.

التغيير لن يتحقق باستبدال مصطلح بمصطلح آخر أكثر نعومة، التغيير يتحقق بتغيير السياسات والممارسات، وتغيير النظام القائم على التمييز من أساسه. ولن يكون لأي تغيير أي معنى إلا مع «تغيير الهيكل نفسه، ذلك أن الهيكل هو الفاسد»، كما يقول د. حسين العنيزي.


اكتشاف المزيد من المنصة الليبية

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

شارك المقالات:

مواقيت الصلاة

حالة الطقس

حاسبة العملة