الأخبار الشاملة والحقيقة الكاملة​

2024-09-20

9:25 صباحًا

أهم اللأخبار

2024-09-20 9:25 صباحًا

بقيمة مليون دولار.. القذافي يدعم انقلاب على الحكم العسكري في غانا

Wide Web

إن تأثير ليبيا اليوم على دول الجوار وعلى المجتمع الدولي ليس وليد الأحداث الجارية أو التي مرت بها ليبيا خلال السنوات الأخيرة، إنما يمتد ذلك التأثير إلى عقود طويلة وأحداث مرت بها بعض الدول التي تغيرت فيها مسار الأحداث.

غانا، الدولة الأفريقية، إحدى تلك الدول، التي شهدت انقلابًا عسكريًا غير مسار التاريخ فيها، ولكن ذلك الانقلاب الذي استهدف تغيير الحكم العسكري كان بدعم وتمويل ليبي ضخم وقف عليه القائد الليبي حينها معمر القذافي.

ذلك التغيير الذي قادة جون رولينجز الضابط العسكري في غانا غيّر مسار الأحداث في ذلك البلد الإفريقي، وكان له تأثير على الحد من النهب الاستعماري الأمريكي والبريطاني لذلك البلد، الأمر الذي انعكس على ليبيا وعلى تعامل المجتمع الدولي معها، حيث بدأ في فرض العقوبات على ليبيا وحظر التعاون معها.

لذلك يشهد التاريخ على الارتباط الوثيق بين حصول دولة غانا على استقلالها وبدء العمل على تطورها وتنميتها وبين تدخل ليبيا للوصول إلى هذا الوضع، وفي الوقت ذاته التخلص من الحكومة العسكرية.

نشأة رولينجز

جون رولينجز وُلِد في أكرا في 22 يونيو 1947، من أب اسكتلندي كان يعمل مزارعًا وأم غانية، التحق بمدرسة أشيموتا الثانوية، وتفوق في ملعب البولو، ووصفه زملاؤه التلاميذ بأنه صريح ومتمرد.

وفي عام 1968 التحق بالأكاديمية العسكرية في تيشي، بالقرب من أكرا، ثم أُرسل بعد ذلك إلى مدرسة للتدريب على الطيران، تم تكليفه برتبة ملازم ثان، وحصل على أجنحته وانضم إلى السرب الرابع النخبة من المقاتلات النفاثة المتمركز في أكرا.

مع مرور الوقت تم ترقية رولينجز إلى رتبة ملازم طيران في عام 1978، لكنه كان قد أصبح نشطًا سياسيًا، وعندما رُفع الحظر المفروض على الأحزاب السياسية في عام 1979، اكتسب رولينجز شعبية واسعة باعتباره منتقداً بارزاً للحكومة، داعياً إياها إلى بذل المزيد من الجهود لمساعدة الفقراء.

الانقلاب على الحكم العسكري

وفكر الضابط جيري رولينجر بالتعاون مع فريق من الجنود للإطاحة بالحكم العسكري الذي كان يقوده فريد أكوفو لأنه كان حانقًا على عدم انضباط وفساد وسوء إدارة النظام ‏العسكري، إذ أن البلاد شهدت معاناة من نقص ‏الغذاء والتضخم والركود الاقتصادي..

جاءت هذه المعلومات على لسان الضابط العريف ماثيو أدابوجا كان شاهدًا على مسار الأحداث التي شهدتها غانا في ذلك الوقت، وآلية التغيير وخطة الانقلاب العسكري الذي حدث في بلاده، والذي رأى أن رولينجز لعب دورًا ضئيلا في الانقلاب، على الرغم من أنه أعطاه مبلغا قدره واحد وعشرون سيديا قديما -وهو يعتبر مبلغ كبير في ذلك الوقت- بعد لقائه الثاني معه في غابة أشيمونا عندما كان هاربًا، والذي أوضح أنه حصل على المال من أحد فروع اتحاد النقل البري الخاص الغاني في تيما لشراء أشياء مهبط الطائرات العمودية.

وأضاف أدابوجا أنه علم في وقت لاحق معمر القذافي رئيس ليبيا في ذلك الوقت أعطى مليون دولار لهذه العملية وذلك في 1981 وسيرد ذكر مزيد من التفاصيل حول دعم القذافي لهذه العملية في هذا التقرير، وقال أدابوجا: “لقد استخدم بعضًا منها ‏لشراء سفينة صيد لوالدته.‏

فشل الانقلاب

عند محاولة الانقلاب الأولى لرولينجز في مايو 1979 فشلت وحُكم عليه بالإعدام، لكنه هرب من السجن بمساعدة الضباط الصغار والرتب الأخرى، وأطاح بالزعيم العسكري للبلاد، الجنرال فريد أكوفو.

تولى رولينجز مقاليد الحكم كزعيم للمجلس الثوري للقوات المسلحة، مما دفع إحدى الصحف البريطانية إلى نشر عنوان رئيسي لا ينسى: “لاعب بولو نصف اسكتلندي يتولى السلطة في غانا”.

وكان المجلس الثوري للقوات المسلحة في غانا قد تعهد بمحاسبة القادة السابقين في غانا، وتم إعدام أكوفو وقادة عسكريين آخرين.

وقد أطلق رولينجز ما أسماه “عملية تدبير منزلي” لتطهير غانا مما اعتبره المجلس الثوري للقوات المسلحة ممارسات فاسدة للنظام العسكري، حيث قُتل خلال هذه الفترة عدد من كبار القضاة والضباط العسكريين.

الانتخابات

وبالتزامن مع ذلك بادر رولينجز إلى إجراء انتخابات بعد أربعة أشهر من انقلابه، وبعد عامين نجح في عزل رئيس دولة منتخب ديمقراطيًا، وترشح بعد ذلك للانتخابات بنفسه، ووصل حزب الشعب الوطني الذي تم تشكيله حديثًا بقيادة هيللا ليمان إلى السلطة.

ومع ذلك، كان الكثيرين ينظرون إلى ليمان باعتباره مجرد أداة في يد رولينجز، وسرعان ما أدى فشله في تحويل الاقتصاد الغاني إلى نهاية فترة وجوده في منصبه.

ومع تفاقم الديون الخارجية وارتفاع معدلات التضخم إلى أكثر من 140%، بدأ السخط العام يتحول إلى اضطرابات، من هنا بدأ رولينجز البحث عن طرق لإسقاط حكومة ليمان، وعلى الرغم من إبلاغ ليمان بالمؤامرة إلا أنه فشل في اتخاذ في اتخاذ إجراءات جذرية وبدلاً من ذلك نقل الضابط العسكري الذي حصل على المعلومات الاستخباراتية عن رولينجز وزملائه.

وحسب رواية أدابوجا أن لميان لم يهمل المعلومات التي حصل عليها ولكنه آثر عدم فعل أي شيء لرولينجز، لكن توجيهاته تركزت على مراقبة اتصالاته وتحركاته، لذلك لجأ الأخير للهرب من مكان إلى آخر.

أدابوجا يصف رولينجز عندما التقاه في الغابة بأن كان نحيفا جدا وكأنه لم يأكل منذ ستة أشهر.

الانقلاب الثاني

نجح رولينجز في الانقلاب على ليمان في 31 ديسمبر 1981، واستولى على السلطة في غانا للمرة الثانية، أدى ذلك إلى وصول حكومة جديدة، هي مجلس الدفاع الوطني المؤقت، إلى السلطة، وكان هدف الحزب الوطني الديمقراطي الغاني، بقيادة رولينجز، هو تحويل غانا إلى دولة ماركسية.

كان حكم رولينجز في البداية اشتراكيًا ملتزمًا، حيث أدخل إصلاحات السوق الحرة وجعل بلاده لاعباً رئيسياً في بعثات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة.

وقد أدت الثورة إلى إنشاء مجالس عمالية للإشراف على مصانع البلاد، وظهرت لجان الدفاع عن العمال في كل مجتمع، ولجأ رولينجز إلى الاتحاد السوفييتي طلباً للدعم، لكن بعد مرور عامين فقط على تجربتها الشيوعية، تخلت غانا عنها.

ولعل رولينجز، بعد أن شعر بأن الكتلة السوفييتية كانت على وشك الانهيار، اتخذ خطوات نحو تبني السوق الحرة، لذلك قام بخفض قيمة العملة، وتوقف عن توظيف العمال في المؤسسات الحكومية، وخصخصة الصناعات المؤممة في غانا، بما في ذلك مزارع البن والكاكاو ذات الأهمية الحيوية.

ولكن على الرغم من أن هذا التحول أسعد الغرب وصندوق النقد الدولي، فإن إجراءات التقشف التي أعقبته أدت إلى إثارة الاضطرابات الداخلية.

وفي الفترة ما بين عامي 1983 و1987، نجا رولينجز من خمس محاولات انقلاب، وقد أثارت حملة القمع التي شنتها الحكومة، والتي اعتقلت خلالها زعماء المعارضة وسجنتهم، غضب نشطاء حقوق الإنسان في مختلف أنحاء العالم، وأصبح الوضع أسوأ عندما تم طرد مليون غاني من نيجيريا المجاورة.

إصلاحات

ولكن بحلول أوائل تسعينيات القرن العشرين، أدت إصلاحاته إلى قيادة البلاد نحو انتعاش اقتصادي قوي، وفي عام 1992 فاز رولينجز بالانتخابات الرئاسية في غانا، واعتبرت منظمة الكومنولث ومنظمة الوحدة الأفريقية فوزه الساحق بنسبة 58% من الأصوات فوزاً عادلاً، وبفضل الاستقرار الاقتصادي الذي شهدته البلاد حديثاً، أعيد انتخابه بأغلبية ساحقة أخرى في عام 1996.

وقد ساهم روللينجز في تعزيز صورة غانا الدولية من خلال المساهمة بالعديد من قواتها في عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، ولا سيما في ليبيريا، وسيراليون، ولبنان، والعراق.

الاستقالة

ولكن في عام 2001، بعد انتهاء ولايته الثانية، اتخذ رولينجز خطوة غير مسبوقة تقريبا بالنسبة لزعيم أفريقي واستقال من منصبه.

ورغم أنه دعا إلى “التحدي الإيجابي” للحكومة في عام 2002، وهو التصرف الذي استدعى استجوابه من جانب الشرطة، فإن رولينجز لم يفعل شيئاً لضمان عودته إلى السلطة.

وفي السنوات اللاحقة، قاد رولينجز حملة من أجل إلغاء الديون الدولية للدول الأفريقية، وفي عام 2010 تم تعيينه مبعوثا للاتحاد الأفريقي إلى الصومال.

تاريخ جيري رولينجز كان مثار جدل واسع على المستويين المحلي والدولي وأدى للانقسام ما بين انتقادات له بالتعذيب والفساد، وبين تأييد لأنه جلب النظام والأمن والرخاء إلى غانا.

وكشف الضابط المتقاعد أدابوجا الذي شهد على الأحداث التاريخية لبلاده عن محاولات انقلاب متعددة تعرض لها رولينجز في أعقاب مقتل قضاة المحكمة العليا، وهو ما أضاف المزيد من التعقيد إلى الفترة المضطربة في تاريخ غانا.

تمويل القذافي وردود الفعل الدولية

أدابوجا أشار إلى أن رولينجز تلقى مليون دولار من معمر القذافي لدعم انقلابه في غانا، وفي هذا الصدد أظهر تحليل بيانات لـ “المنصة” أن معمر  القذافي احتاج وقتها إلى تصدير 28.6 ألف برميل نفط بمتوسط سعري ” 35 دولار للبرميل وقتها” حتى يتمكن من تمويل الانقلاب بقيمة 1 مليون دولار، وهو ما يعادل تصدير  نحو 11.700 ألف برميل بسعر اليوم عند 85.42 دولار.  

هذا التمويل قابلته الولايات المتحدة في 6 مايو1981 بإغلاق السفارة الليبية في واشنطن، وفي 19 أغسطس من العام نفسه أسقطت الولايات المتحدة تسقط طائرتين ليبيتين فوق خليج سرت بعد أن خيم التوتر على سواحل ليبيا نتيجة قيام القوات الأميركية بمناورات عسكرية في منطقة بحرية تعدها ليبيا جزءا من مياهها الإقليمية، ثم في 7 أكتوبر أعلن عن تشكيل الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا المعارض لنظام القذافي.

وفي 1982 فرضت العقوبات الأمريكية، حيث تم حظر تصدير السلع الغذائية والدواء  وحظر توريد النفط الليبي إلى أراضيها، وهو ما واجهه القذافي بتغيير اسم القوات المسلحة الليبية إلى “الجيش الشعبي”.

سيبقى في تاريخ غانا تدخل ليبيا بقيادة معمر القذافي لدعم محاولة الانقلاب ضد الحكم العسكري الذي كان جاثمًا على السلطة في تلك الدولة الإفريقية.


اكتشاف المزيد من المنصة الليبية

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

شارك المقالات:

مواقيت الصلاة

حالة الطقس

حاسبة العملة