الجلد العقدي أزمة بدأت في نوفمبر وأصبحت كارثة في أغسطس

منذ نوفمبر العام الماضي، بدأت الشكاوى من انتشار مرض الجلد العقدي، تفاقمت الأزمة وانتشرت رغم الجهود المبذولة بإغلاق الأسواق الشعبية ومنع انتقال الحيوانات بين المناطق، حتى وصل الأمر إلى أن أصبح المرض مهددًا حقيقيا للثروة الحيوانية.

بداية ظهور المرض

بدأ المرض في البيضاء، عندما أعلن مدير إدارة الثروة الحيوانية بالبلدية صالح سليمان بومباركة، في نوفمبر 2023، اكتشاف إصابة أبقار في البلدية بمرض الجلد العقدي،  وفي فبراير الماضي، طالب رئيس اتحاد الفلاحين والمربين أحمد بوحلالة بضرورة توفير اللقاحات للقضاء على مرض الجلد العقدي، داعيا حكومتي الوحدة الوطنية والحكومة الليبية على حد سواء، للتدخل لإنقاذ الثروة الحيوانية التي تضررت بسبب الفيضانات المصاحبة للعاصفة المتوسطية المدمرة دانيال ونقص اللقاحات.

ورغم هذه المناشدات لم يتم الاكتراث للأمر، حتى أعلن في مايو الماضي عن تسبب مرض الجلد العقدي في نفوق 77 بقرة في الجبل الأخضر، وجدد مدير إدارة الثروة الحيوانية بالجبل الأخضر صالح بومباركه الشكوى من عدم توفير أي لقاح أو تحصين للحيوانات المصابة بالجلد العقدي، مؤكدا أن إمكانيات المكافحة محدودة جدا.

انتشار المرض

بدأت بوادر انتشار المرض في الظهور، وأعلن أحد المربين في مصراتة أنه رصد أول حالة إصابة لديه بالمرض، مناشدا بسرعة التصرف، ولكن دون جدوى، وبعد تكرر الشكاوى بالإصابات تفقدت إدارة الخدمات البيطرية في مدينة مصراتة عدة مزارع موبوءة بمرض الجلد العقدي وقامت بأخذ العينات في يوليو الماضي.

وفي أغسطس من جهته، أعلن مدير مكتب الصحة الحيوانية في مصراتة أن المدينة فقدت نصف ثروتها الحيوانية من الأبقار البالغة 5000 بقرة، مشيرا إلى أن إنتاج الحليب تراجع من 75 ألف لتر إلى 20 ألف لتر فقط، مما يشكل ضربة قاسية للقطاع الزراعي في المدينة.

مصراتة موبوءة

ووصف البدري مدينة مصراتة بالموبوءة لأن غالبية الأبقار فيها مصابة بالجلد العقدي، معقبا أنه على الرغم من ذلك لم ترسل الجهات المعنية التحصينات رغم مطالبهم المتكررة، مناشدا رئيس حكومة الوحدة بالتدخل المستعجل لحل الأزمة.

وأرجع البدري سبب ظهور وانتشار المرض إلى غياب التحصينات التي لم يتم تزويدهم بها منذ 10 سنوات، ودخول الأبقار بطرق غير شرعية من السودان، محذرا من عدم السيطرة على المرض قبل دخول فصل الشتاء حيث تزيد معدلات الإصابة والانتشار.

احتجاج المربين

من جانبهم حمّل المربين الجهات المختصة كافة الإجراءات القانونية والإدارية على تصريح رئيس المجلس الوطني للصحة الحيوانية الذي نفى وجود المرض، مطالبين بتدخل سريع من الدولة لإيجاد حل لهذه الأزمة قبل تفاقمها وتسببها في خسائر أكبر في الثروة الحيوانية.

وأكد المربون أن تصاعد الإصابات بالمرض سيؤثر على الاقتصاد المحلي الذي يعتمد بشكل كبير على الإنتاج الحيواني، مبينين أن بداية معالجة الأزمة يتمثل في توفير اللقاحات بشكل عاجل وكافٍ مع اتخاذ إجراءات وقائية أكثر فعالية لضمان عدم تكرار الأزمة.

وطالب المربون بتنظيم حملات توعية للمربين حول كيفية التعامل مع هذه الأمراض والحد من انتشارها.

طبيعة المرض

ويعد مرض الجلد العقدي فيروس يصيب بشكل مباشر الأبقار وبدرجة أقل الأغنام، وينتقل بين الحيوانات بواسطة الحشرات أو تناول طعام وشراب ملوّث.

وتتمثلّ أبرز أعراض الإصابة بالجلد العقدي في ارتفاع درجات الحرارة والتهاب الجيوب الأنفية وظهور حبوب على الجلد.

ما بين استمرار تصاعد الإصابات بالمرض وتجاهل الجهات المعنية اتخاذ إجراءات جذرية لمعالجة الأزمة والحد من انتشارها، يبقى المربون هم الخاسر الأول في معضلة ستنعكس آثارها على المواطن من حيث ارتفاع أسعار اللحوم والألبان من ناحية وانخفاض مخزون الثروة الحيوانية من ناحية أخرى.