الأخبار الشاملة والحقيقة الكاملة​

2024-11-23

7:49 صباحًا

أهم اللأخبار

2024-11-23 7:49 صباحًا

موسم قطاف الشعر

موسم قطاف الشعر سالم العالم

سالم العالم

كلنا يعرف أن حركة نشر الكتب في ليبيا شهدت فترات من المد الجزر ، فحيناً تصاب مؤسساتنا الثقافية بحمى نشر الكُتب للكتاب الليبيين وبشكل مكثف وغير مدروس أحياناً ، وفي أحيان أخرى تضع هذه المؤسسات أذناً من طين وأخرى من عجين كي لا تسمع مطالبات المبدعين المتكررة بنشر إبداعاتهم وكتاباتهم المتراكمة في مخطوطات ، لعل بعضها ارتبط بزمن معين وأصبح من غير المجدي نشرها في زمن آخر .

وأثناء إحدى فترات الركود النشري إن صح هذا التعبير عنّ على بالي أن أقوم بطباعة مخطوط ديواني الأول والمعنون ( أنا والليل … خوت ) وهو ديوان شعر باللهجة المحكية أو العامية الليبية . وقد صدرته بإهداء 🙁 إلى جدتي الحاجة جازية التي علمتني أن هذا الوطن يعج بالشعر والحب والحكايات ) وربما ساعد على استحواذ هذه الفكرة على راسي أن احد الأصدقاء القدامى قام بإنشاء دار نشر خاصة بمدينة بنغازي اسماها ” دار البيان للنشر والتوزيع والإعلان ” ، وقام بإصدار أول ديوان للصديق الشاعر “صالح قادربوهبعنوان ” اشتهاء مستحيل “ وباشر الاتصال بمجموعة من الكتاب الشباب لمساعدتهم على نشر كتبهم الأولى مقابل أن يتحمل الكاتب نصف قيمة تكلفة الطباعة ويتم تقسيم العائد بعد البيع بالمناصفة بين دار النشر والكاتب بعد خصم تكلفة الطباعة .

وبناء على تحريض الشاعر صالح قادربوه اتصلت بالصديق ” علي جابر ” صاحب دار البيان واتفقت معه على طباعة ديواني الأول على أن تتحمل دار النشر التكلفة بالكامل وذلك بحكم الصداقة مع علي جابر وبحكم أن ظاهرة الشعر المحكي في أوجها في تلك الفترة وأسماءنا تبيع حسب المصطلح العامي .

ودون الدخول في تفاصيل دار البيان للنشر فقد تأخر صدور هذا الكتاب لمدة أربع سنوات . وقد استفدت من تأخر صدور الديوان لأنجز عملاً رأيت أنه من الأهمية بمكان . فقد كنت دائماً مشغول بكيفية تدوين وكتابة النص العامي أو المفردات الدارجة باللهجة الليبية وقد خضت نقاشات عديدة مع كثير من الأصدقاء في محاولة لوضع قواعد ليبية موحدة لكيفية  كتابة النص العامي ولعل أبرز المجتهدين والمتحمسين لهذا المشروع كان الصديق الكاتب ” حسين المزداوي” والذي اتفقت معه  أن يقوم بإعداد دراسة موجزة عن هذا الموضوع ويضع فيها بعض القواعد الأساسية لتدوين العامية وأقوم انأ بتضمينها للديوان ( أنا والليل … خوت ) وهذا ما كان وقد عنونها بـ ( تدوين وكتابة العامية .. وجهة نظر)  وبهذا تكون هذه الدراسة مفتاحاً لكل من يريد قراءة الديوان و كتابة أو قراءة  أي نص عامي آخر وكذلك يكسب القارئ دراسة مفيدة للكاتب ” حسين المزداوي ” الذي رغم تعدد اهتماماته وكتاباته إلى انه لم يقدم الى المكتبة الليبية أي كتاب حتى الآن .  

وأثناء الانشغال على إعداد هذه الدراسة مع الأستاذ ” حسين المزداوي ” انتقلت جدتي الحاجة جازية إلى الرفيق الأعلى قبل أن ترى الديوان المهدى إليها .. فتناقشت مع حسين على تغيير صياغة الإهداء ولكن المزداوي أصر على أن يبقى الإهداء الأول ثم أضاف الجملة التالية :

ملاحظة أخيرة :

أسف إلي روح جدتي فقد فاضت الروح قبل موسم قطاف الشعر .

  • حقيقة لقد أبدع المزداوي في صياغة هذه العبارة –

استلم الناشر الديوان بعد إضافة دراسة المزداوي وتوالت وعوده بقرب صدور الكتاب الذي سيطبع في مصر وفي أثناء ذلك اتصل بي الدكتور” عبدالله مليطان” والذي كان يجهز لإصدار ” معجم الشعراء الشعبيين بليبيا ” والذي كان مصراً على أن يتضمن معجمه اسمي وديواني الأول وبناءاً على مماطلة الناشر لي كنت بدوري أماطل مليطان لدرجة انه عرض علي سحب الديوان من الناشر ويتكفل هو بطباعته على نفقته الخاصة ولكني اعتذرت منه شاكراً مساعدته وصبره فطلب الاتصال بالناشر والتفاهم معه ولكن دون جدوى رغم أن الدكتور “عبدالله مليطان ” قد تفضل مشكوراً بتأجيل طباعة معجمه لمدة ستة أشهر في انتظار ديواني الأول وأخيراً صدر معجمه دون أن أكون فيه .

أخيراً وفي شهر ناصر من العام 2006 مسيحي أتصل بي الناشر ليخبرني أن ديواني الأول قد صدر وان خمسون نسخة منه في طريقها إلى طرابلس مع الشاعر صالح قادربوه وتزامن ذلك مع انتظام فعاليات أيام طرابلس المسرحية .

استلمت النسخ من قادربوه بفندق الصفوة وأهديت منه لبعض الأصدقاء المتواجدين معي بالفندق ثم في المساء قمت ببيع وتوزيع نسخ من الديوان بساحة مسرح الكشاف خلال مهرجان المسرح .

ولا أخفيكم سرا فإن تأخر صدور الديوان لمدة أربع سنوات قد جعل الفرحة بصدوره مبتورة ولم أحتفي به كما يجب . ولكن للأمانة بعد ذلك بأشهر وخلال شهر رمضان المبارك أقام لي الناشر أمسية شعرية وحفلاً لتوقيع الديوان بنادي الملاحة بمدينة بنغازي حضرها الكثير من المثقفين والإعلاميين والمهتمين ونفذت فيها كمية النسخ المعروضة للبيع من الديوان .

وقبل أن تكتمل فرحتي بانتشار الديوان وتداوله بين الناس تعرضت دار البيان للنشر والتوزيع والإعلان بمدينة بنغازي إلى حريق أودى بما تبقى من نسخ الديوان وبالكثير من الكتب الأخرى  … !

ولله الأمر من قبل ومن بعد

شارك المقالات:

مواقيت الصلاة

حالة الطقس

حاسبة العملة