الناير اليعقوبي
أن يجتمع اليُسر والفقر في آن واحد في الدولة، فتلك مُفارقة شاقة على نفس المواطن، ليست في حاجة إلى عالم في الاقتصاد حتى يُعلمنا أن ورائها فساد تفشى في المفاصل، وكامل جسد البلاد، من رأسها حتى أخمص قدميها.
سِعة في نعمة أنعمها الله علينا، تضخ وتصدر بزيادة مطَّردة، وتنهب آناء الليل وأطراف النهار من مسؤولين ومواطنين على حد سواء، فآلت البلاد – إقليميا ودوليا- إلى موضع يشيب له الولدان.
شركة (فوندر باس) المُختصة في إعداد التقارير حول مستوى الأجور في دول العالم، كشفت في أبريل الماضي عن قائمة لأعلى وأقل الدول أجورًا شملت 96 دولة، جاءت ليبيا في المرتبة ال ” 87 ” بين أقل الدول أجورًا، بمتوسط راتب شهري يبلغ 295.33 دولار.
في المقابل، جاءت قطر في المرتبة السادسة والإمارات في العاشرة بين أعلى دول العالم أجورًا بمتوسط أجر شهري يبلغ 4068.56 دولار، و3434.47 دولار على التوالي.
توالت سنوات الضائقات على مواطن، تلظى واكتوى فيها وبها، عاجز عن توفير خبز لأفواه لا تعرف لهيب جمر انتظار الأجور، ولا سوق مال في أسواق الذهب يتداول فيه السماسرة الدولار بمبالغ ضخمة في الدقيقة والثانية.
ميادين الذهب ساحات للتضارب والتناطح، لم يُلجم فيها جماح من تمادى في غيّه وجنوحه، ذلك الذي ضرب القيمة الشرائية للعُملة في مقتل، وهواجس تسكن المواطن تجاه مآل الدينار في قادم الأيام.
في الماضي القريب، نفذ “المركزي” زيادة المرتبات وفق الجدول الموحد، أعطاها بيد للمواطن وأنتزعها منه بالأخرى بفرض ضريبة 27% على سعرالصرف الرسمي للعملات الأجنبية، الأمر الذي زاد طين العُملة بلة.
هذه الأيام، يتذمر الشارع من مرتب لا يفي بأبسط احتياجات تسد الرمق يوميًا، لمدة ثلاثين يوم، حتى بات الإعلان عن إيداع المرتبات في الحسابات المصرفية عُرسًا ينتظره كامل الشعب بشوق وشغف.
وبعد … القدرة الشرائية للعُملة على المحك، ومخاوف من تدهورها لا تبرح الأذهان، مما يستوجب معالجات جذرية، تضعها غرفة واحدة تضم كافة الجهات المالية والرقابية والأمنية وذات العلاقة بالتخطيط والإصلاح الاقتصادي بدلًا من عشوائية الخطط المُتناثرة بين القطاعات دون تنسيق وتواصل، حتى نُسارع إلى بث الروح في الدينار مثلما كان أمام عُملات شقيقة وأخرى صديقة.