المعلومات قوة… المعرفة قــوة

د . محمود عمار المعلول

    إن المعلومات قوة والسبب بسيط وواضح لأنها تفتح لك مسارات وخيارات لاتخاذ القرار الصحيح والصائب، بمعنى عندما تتوفر أمامك المعلومة (الخبر ـ البيان ـ البلاغ ـ الإحصاءات ـ البيانات ـ النتائج) تستطيع اتخاذ القرار الصائب والصحيح بسهولة مثل الطبيب الذي يصف الدواء فهو لا يستطيع أن يصف لك دواء بدون تحليل.

    ولكن للأسف المعلومات وحدها لا تكفي كان لي صديقان فلسطينيان فقلت لأحدهما فلان متعلم ومثقف، وعندما تتناقش معه تجده قوي جداً في المعلومات، وملم يعرف كل كبيرة وصغيرة في كل العلوم فرد علي الصديق الآخر: لا يغرك إنه متعلم ومثقف فإبليس أعلم أهل الأرض، وفعلاً صدق في كلامه فالعلم ليس هو كل شيء (هناك أمور أخرى) .

    يقول أحد الشعراء:

     عرفت الشر لا للشر لكن لتوقيه … ومن لا يعرف الشر من الخير يقع فيه

     المعرفة قوة مقولة مشهورة لأحد المفكرين والفلاسفة في أوروبا وهو فرانسيس بيكون (1561 ـ 1626 م) وهو أشهر الفلاسفة في ذلك الزمان ، فالمعرفة تفتح لك خيارات وبدائل ، وحتى أجهزة المخابرات في العالم تسمى في بعض الدول بأجهزة المعلومات ، والمخابرة من التخابر ، وكلها معاني تدور حول الخبر وإرسال المعلومات ، وقد عرف اليهود أهمية المعلومات والأخبار فسيطروا على مصادرها ، وقالوا قولتهم المشهورة (إذا كان الذهب هو مصدر قوتنا الأولى في السيطرة على العالم فيجب أن يكون الإعلام هو رقم 2) ، والإعلام هو الأخبار والمعلومات والبيانات والإحصاءات .

     فالمعلومات عبر التاريخ لها قيمة، فمثلاً التجسس الذي تقوم به مخابرات الدول كما ذكرنا تبنى عليه القرارات هو جلب معلومات، فأنت لا  تستطيع اتخاذ قرار صائب وصحيح بدون توفر معلومات ، وقد قال أحد الفلاسفة والمفكرين المعرفة قوة  ، ويقول الفيلسوف الفرنسي ميشيل فوكو (المعرفة هى القوة) ، وهناك مثل إنجليزي يقول : (المعرفة قوة) ، فالمعرفة هى حصيلة معلومات وبيانات وإحصاءات وتجارب وخبرات ،وأنت عندما يأتي إليك الخبر قبل الأخرين تستطيع أن تتخذ القرار قبلهم، وبذلك تتقدم وتتفوق عليهم.

    إن المعرفة هى رأس المال للتاجر وللدبلوماسي فالمعرفة لها قيمة ، وقد حرص اليهود على المعرفة والمعلومات كما قلنا وهذا هو سبب تقدمهم وتفوقهم ، وحتى في السياسة هناك مبدأ اختيار أهون الشرين بمعنى أن تقارن بين السيء والأسوأ أي الأكثر سوأً ، وهذا الشيء لا يتحقق بدون معرفة ومعلومات ، وعمرو بن العاص كان سفير قريش في الجاهلية للنجاشي ، وكان سفير الرسول صلى الله عليه وسلم إلى ملك سلطنة عمان قال (ليس العاقل الذي يعرف الخير من الشر ، ولكن العاقل الذي يعرف خير الشرين) أي العاقل هو من يقارن بين الشرين فيختار الأهون والأقل ضرراً .

لقد كان عمرو بن العاص أحد دهاة العرب المقدمين في الرأي والمكيدة والحرب، وكان معدوداً من دهاه العرب الأربعة المشهورين، ومن أبطالهم، وكان ذا رأي صائب سديد.

والله يصلح أحوالنا …