د.محمد حسين محجوب –أستاذ . فلسفة العلوم
شاب في العشرينيات من العمر، من سكان مدينة بنغازي الليبية، وامرأة تقترب من سن الأربعين ربيعاً، من الإسكندرية؛ يلتقيان فوق جسر ستانلي بكرنيش الإسكندرية الجميل. يسيران سوياً إلى منطقة بئر مسعود على ذلك الكرنيش؛ بعد التعارف والسؤال عن سبب الوجود في هذه المدينة الجميلة، تقول المرأة للشاب: أشعر نحوك بشيء لم أعيشه منذ عشرين عاماً. فيرد الشاب بنبرة وحماس: وأنا كذلك، شعوري نحوك لم أعشه مع كل من عرفت على هذا الكرنيش. فتطرح المرأة السؤال هل انت طالب هنا؟ فيرد: لا؟
فيأتي السؤال القاسي لماذا انت هنا غير ما اعرف! فيقول: ذلك موضوع طويل؛ لا مجال للحديث فيه الآن. ويعود الشاب للسؤال قلت تشعرين نحوي بشعور لم تعيشيه منذ عشرين عاماً؟ تقول نعم وتلك قصة يطول الحديث عنها وليس من المناسب سردها الآن! من هذا الحوار تكوّن عندهما مزاج مشترك بأن هذه المقابلة لا تنفع إلا في مقهى البارون. استمر الحديث والطلبات؛ ولكن ثمة شيء ما لا حظه الشاب لم يلاحظه في كل زياراته للإسكندرية والكرنيش؛ ومع كل من عرف على هذا الكرنيش وفي الأماكن التي تشبه ما يبحث عنه؛ هذا الشيء يتمثل في قلة طلبات الرفيقة والتحديق فيه بصورة غريبة؛ سألها لماذا هذا التحديق والتفرس؛ فأجابت أري فيك الكثير الذي لا استطيع التعبير عنه في هذه الجلسة . كما لا حظ حرصها على ذكر اسم مدينته وتركيزها عندما تذكر بنغازي. كما لاحظ بقاء يدها في مسافة ثابتة منه! أما الطرف الآخر فقد لاحظ تأثر الشاب عند الحديث عن الإسكندرية بصفة يمكن وصفها بين الحب والحيرة؛ والرغبة في الحديث وكذلك الرغبة في التوقف . سار الوقت سريعاً دون أن يغادرا المقهى . ولكن الاتصال غير المنتظر من قبل الشاب جاء بكلمة محددة؛ رقم هاتفك عندي وسوف نلتقي غداً هنا؛ وليس على الكرنيش، ولا في أي مكان آخر، لأني لن أذهب معك لأي مكان! فكان رده وأنا أحس وأشعر بأن مكاننا هنا؛ وقال كلمة حيرتها ومن يدري. هنا وقفت وقالت نعم ومن يدري .
هامش يستمر مع القارئ طيلة فصول الرواية ليتواصل ذهن القارئ مع الشخوص كما في خيال الراوي دكتور محمد محجوب :
شخوص الرواية.
_ أنور ( الشاب) الليبي وهو بطل الرواية يقيم في بنغازي، وتذكر الروايات أن والده توفي وهو طفل لم يعرفه، كذلك لم يتعرف على أمه.
_ سماح البحر ( هند) وهي بطلة الرواية (أم أنور) مرأة مصرية من منطقة الدخيلة بالإسكندرية، تقيم مع والدتها ولم تلتقي أبنها منذ عقدين من الزمن، مات زوجها في حرب أوغنده عاشت معتمدة في حياتها على نفسها، دون أية مساعدة من أحد. وعرفت بعد عودتها من ليبيا إلى مصر باسم سماح البحر .
_ أمراجع. (أب أنور) شاب ليبي من مدينة بنغازي عمل في الجيش الليبي، تزوج من الاسكندرية نظراً لظروفه الاقتصادية، في ذلك الوقت التي لا تسمح بزواجه من فتاة ليبية لكثرة المطالب والمصروفات، شارك في الحرب بين أوغنده وتنزانيا تذكر الروايات بشبه إجماع بأن تمساح ابتلعه في إحدى البحيرات هناك.
_ الحاج منصور الزنتاني. مواطن ليبي من أصول مدينة الزنتان انتقلت اسرته إلى بنغازي منذ زمن بعيد، ولكن بطبع المدينة ظل لقب الزنتاني صفة له. على معرفة بوالد أنور بحكم الجيرة وربما بحكم السن كذلك، يعرف أم أنور بحكم العلاقات الاسرية بينه وبين عائلة امراجع وله تعليقات على والدة الشاب قبل أن تغادر إلى مصر .
_ العم ( مراد) عم أنور يقيم في العامرية بمصر، ويتركز عمله في الزراعة وله صلات وعلاقات لا بأس بها مع جل الليبيين المقيمين هناك، وخصوصاً أبناء المنطقة الشرقية وبنغازي بصورة خاصة، يقول في أحد احاديثه مع أنور أنه زار بيت أمه في الدخيلة مرة واحدة وربما كان ذلك قبل وفاة أخيه، والموقف الذي أتخذه الجد من ابن ابنه أنور .
_ السيدة ( السيدة أم هند) وهي جدة أنور تعرف الكثير عن بنغازي، وتتابع بطرف خفي كل ما يقوم به الشاب والابنة، ذكية صعبة المراس لها من الخبرة ما لم تستطع الرواية الالمام به بشكل شبه كامل.
_ العم فتحي( بوعلام) خبير البحر والصورة، يعمل على شاطئه أفنى عمره مصوراً على كرنيش الاسكندرية تجاوز وجوده هناك خمسة عقود، رأيه في شاطئ الإسكندرية وزواره لا يشق له غبار، عرف أنور وربما عرف هند( سماح البحر) تبنى فكرة المقارنة بين الصور وجمع صفوة من المصورين لإنجاز هذه المهمة.
_ السيدة مراد ( خطيبة أنور) الشابة الطامحة في سكن ليبيا والاقامة بها، صاحبة الشرط الغريب فهي بين وبين كما يقال: رجل هنا ورجل هناك صاحبة الشرط القاسي؛ وما زاد الامر تعقيداً في شرطها ربطه بقصة الحاج منصور الزنتاني.
_ الحاجة دنيا مركز الخبرة التي عاركت الحياة وعاركتها وتركت أثرها في تجاعيد وجهها وعبارا ت كلامها الخبيرة التي قدمت تفسيراً لذلك الشرط المريب وغادرت بهدوء تحسد عليه .
_ حصرت في الرواية عديد من الشخصيات التي تفاوت حضورها في تغيير مجريات الأحداث.
الأماكن في الرواية.
(بنغازي) حيث يقيم أنور وبها كان سكن والده ووالدته قبل أن يموت الأب وتسافر الأم إلى ديارها مصر – الاسكندرية – الدخيلة.
(الاسكندرية) حيث الميلاد والنشأة لهند ثم الحب والغرام مع أمراجع على كرنيش الاسكندرية والزفاف كذلك
( غريان) منها أصول الحاج منصور وقبيلته، التي اصرت أو شبه أصر جزء منها على عودة جثمانه ليدفن في تربة الجد، وتمحى أثره من بنغازي وتبقى حياته وحياة عائلته هناك من الذكريات، يتحدث بها الأخلاف دون أن يخوضوها من جديد.
مع ذكر بعض الأماكن غير المحورية في هذه الرواية.
اللوحة رقم 1 – من رواية مر القدر