غاب عزيز وياما غيب ….. خلاني في دار امسيب
بدأنا بهذه الشتاوة كونها حسب أصحاب الكلام الحديث بعد أن قالها الشتاي في مناسبة أصبحت ( ترند ) والسبب أنها كما يقول الليبي ( ع الفاهق ) والشتاي حين قالها كان حزينا جدا حتى أن الصورة التقطت دموعه بعد أن أطلقها بطريقته المبكية بين الحضور وبصوت اختلج في نهايتها .. فكأن إحساس المعاني انتقل من المؤلف إلى مصور اللقطة وكذا المحيطين .. فما هو هذا الفن التراثي المؤثر والقوي
– الشتاوة قراءنا الأعزاء .. قال عنها أصحاب الكلام : هي عبارة عن مجموعة من الرجال الذين يصفقون، وتقف أمامهم امرأة بلباسها التقليدي الليبي تضع على رأسها ( المحرمة ) وهي وشاح يغطي الرأس والوجه من ذات لون وشكل اللبسة العربية مايعرف ( بالردا .. دون نطق الهمزة الأخيرة كي لا يعتقده غير الليبي أنه رداء .. وقد تكون مختلفة اللون وغير مزركشه ) ويسمونها في الوسط التراثي لفن الكشك (الحجالة). وعادة ما يغني الغناي غناوة أي (غناوة علم) علما بأن هذا الغناى لابد وان يكون اقدرهم واعرفهم بالشعر ، فإذا ما انتهى منها ، أتبعها بشتاوة، يرددها الحاضرون على مجموعتين : مجموعة تردد الشطر الأول منها ، ومجموعة تردد الشطر الثاني ، مع توحد في فنيات الإلقاء والتصفيق. وهذه الصورة الفنية تسمى (الكشك) .
أما عن طريقة أدائه .. يقف مجموعة من الشباب في صف او صفين او ثلاثة صفوف وذلك حسب عددالمشاركين فيكون الصف الثالث واقفاً ، بينما يكون الثاني جاثياً على الركبتين والاول جالساً ويأخذ شكل الصفوف شكل القوس او نصف الحلقة .. هذا قبل البدء وربما يتواصل على ذات المنوال في الصفوف وقد تحتدم الحالة الفنية مع تفاعل ( الكشاكه ) ويوسع بعضهم للآخر ليتحلقوا في حلقة كاملة وقوفا تتوسطهم ( الحجالة ) ..
ولم يكن اهلنا قد اختاروا هذا الشكل اعتباطاً ولم يأتي بمحض الصدفه ولكن خبرتهم فى (الكشك ) وسريرتهم النقيه ألهمتهم اتخاذ هذا الشكل النصف دائري لتقوية الصوت وجعله مسموع حيث لم تتوفر لديهم مكبرات الصوت او الاذاعات الحديثة التي تمكنهم من سماع (المجروده) وهي تلك الاهزوجه الشعرية التي يتغنى بها أحد الشباب ويطلق عليها اسم المجرودة ذكرناها في كلام سابق لأصحاب الكلام .. ويبدأ (الكشك) بعدد صغير من الشباب يرددون نوع خاص من (الشتاوات) يطلق عليه شتاوات الشحته ومن أمثلتها :
غير اظهر يا غالى لنا …… حل عليك ابواب الجنة
نرجوا فيك بطيت علينا ….. يا مغرغز بالمرود عينه
نرجو فيك بطا مرسالك …… فيسع لمى طية شالك
وقد تتخلل هذه الشتاوات نوع اخر يراد به الحث على سرعة اخراج (الحجالة ) كأن يقول الشتاى :
العين ماتعلى علي حاجبها .. وكلمة غوالي ع القمر نكتبها .. لو كان عندي للقمر سلوم
ما ايطول سمح التبسيمة ….. غير يساوى فى التحزيمة
فيسع خفي ياحزامه ….. بلى منقوشات اوشامه
والحجاله هي فتاة او مجموعة من الفتيات من بنات النجع التي تختارهن النساء لترقصن على (الكشك ) علما بأن الحجالة لا تخرج بين الكشاكة إلا بما يعرف ( بشراء قدر الحجالة ) والثمن هنا هو أداء غناوة علم أو أكثر وهذا ما يبرهن على الرقي والذوق فى التعامل مع المرأة.
وبعد ذلك يلقى الغناي غناوة علم بمناسبة قدوم الحجالة وتكريما لها ..
نرجاهم اطناشن عام .. بحساب يوم .. في شان الوفا
عليهم ان غاب حضور .. عزيز كي لفى .. انقول مرحبا
ولا يقوم باقى الرجال بأى دور .. وقد يكون هذا وقت مناسب لراحتهم أثناء أداء غناوة العلم خاصة بعد ما بذلوه من جهد فى أداء الشتاوة .. ولابد ان يرتاحوا قليلا للاستعداد لأداء المجرودة .. وكل تلك الفنون تقال في ذات المناسبة والجمعة الطيبة للأهل أو الأصحاب وكل منها يختلف في أدائه عن الآخر وهناك من قال إن الشتاوة والغناوة من ذات الصنف الشعري لأنها تتكون من بيت واحد في شطرتين وكل منهما له علاقة بجلسة الكشك والصحيح عند أصحاب الكلام أنهم فرقوا بينهما بشكل لا يقطع الشك فقالوا : كلتاهما من شطرتين الشتاوة تملك قافية واحدة في كلتا الشطرتين .. ولها وزن وإيقاع ويمكن غناؤها ولكن للرتم خاصيته مثلا التشاوة هنا تقول //
ناس اعزاز منامي زاروا …. طرت وطار النوم وطاروا
الملاحظ أن الشتاوة تنتهي قافية صدر البيت كما عجزها ” زاروا.. طاروا
” أما الغناوة فهي شطرتين بدون قافية لكن لها وزن أيضاً.. ويختلف إيقاعها:
يا خسارة الغلا اللي ضاع …. عزيز كي نويناه ما أقسم
في آخرالكشك أي عندما يتأخر الليل و يصل للفجر يختم الكشك فجاءة و ذلك بكلمة من الغناى او المجراد و الذي تكلمنا عنه في البداية وهي :
(( داموا )) بمعنى دامت أفراحكم ودام الكشك سمة للمسرات فيها و دامت دياركم سالمة
تحرير – عفاف عبد المحسن
شارك هذا الموضوع:
اكتشاف المزيد من المنصة الليبية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.