كتاب عن مأساة مدينة خانها ماؤها
مروة فرج الزواري التي عاشت مأساة مدينة ابتلعها الماء بذكرياتها وسماتها الخاصة ورائحة ياسمينها والأهم ببعض كثير من أهلها .. شرعت في كتابة حكايا الفاجعة والألم ورائحة الموت والجفوة التي حدثت بين أهالي درنة عاشقي البحر وبحرها وكورنيشها بل وواديها الكانوا مستأنسين حواشيه تتحلق بيوتهم جوانبه شعورا بالأمان المنبعث من ماء يتجمع فيه بسلاسة لسنوات لم يخذلهم وشعرت مروة بخيانته حين تآمر مع دانيال في ليلة الحادي عشر من سبتمبر الخريفي 2023 ولم يكن كذلك إذ الإعصار أنبأ أنه يوم قاس مطير لم تعهده البلاد قبلا .. كي لا ننسى درنة أعدته مروه فرج الزواري المولودة في العام 1992 لتوثق لحدث مهول في 2023 انفجر ليعيش لأجيال قادمة تتداوله وتتذكر كيف كانت هذه المدينة ومن هؤلاء الرحلوا تاركين حكايا أصبحت تتحلق حولها العائلات حين تذاع عبر المرئية أو المسموعة .. يحفظون أبياتا موجعة لقصائد استشرفت خطر الخوف القادم من غيوم عبر المتوسط لمبديعن انتظروا العاصفة فكانوا أول من انتهوا إليها وفيها وآخرين شاهدوا وكتبوا عنها واعتصرهم الحزن على أهلهم الفقدوا أبناء وأقارب ثم رحلوا إليهم حيث أكل الحزن ماتبقى من نياط قلوبهم فلم يستطيعوا الصمود أحياء ..
الكاتبة الشابة مروة الزواري أستاذة إدارة الأعمال في جامعة بنغازي وجامعة بلاغراي الدولية . بنغازي والطالبة بمركز تحفيظ القرآن الكريم بمسجد الشكر بنغازي بأسلوبها الأدبي العلمي المشفع بروحانيات القرآن الذي تحفظ بعضه صاغت تلك القصص كي تقول دنيال مر من هنا مؤثرا بمرارة على شغاف القلوب والأرواح لا لتستمر الأحزان ولا تجف الدموع رغم أن القدر أبقى على من أهداهم عمرا قاطفا ربيع عمر لصغارهم وزوجاتهم ووالديهم أو بالعكس وكأنه يشير إليهم .. ستأخذون حكمة الدنيا والممات من هؤلاء يوما ما .
ليس ماكتبنا هنا في المنصة الثقافية تعريفا بكتاب صدر بالفعل ولكن صاحبته مازالت مع كل ماجمعته تقول إنها تتواصل في كتابة وتجميع المرويات على لسان من عاشوا الأهوال وقت حدوثها وتقصي التفاصيل بنفسها في كتابة مشهدية سنعيش ونرى بعين وذهن القارئ كيف صاغة أولى الحكايا وقريبا ستكون جميعها بين دفتي كتابها ” كي لا ننسى درنة .
حكاية الذعر الأولى في كتاب “كي لا ننسى درنة
” مـريــم الشيــــخ “
للكاتبة / أ. مروة فرج الزواري
مريم شابه عشرينيه كانت تعيش حياة طبيعية بين عائلتها التي كانت تتكون من سبعة أشخاص وهم : والدها رحمه الله، ووالدتها رحمها الله، وأخيها رحمه الله وأختها الي تصغرها بعامين رحمها الله ، والناجين معها أخيها الأكبر وأختها وابنت اختها الصغري التي تمكث معهم في نفس البيت ، والآن ستسرد لكم مريم تفاصيل قصتها :
في يوم 11/9/2023 كنا في شقتنا وكان يوم ممطر وجميل وكنا فرحين بجمال الأمطار، ذهبت الساعة الواحده ظهراً للصيدلية لأشتري دواء لوالدي الذي كان يمر بوعكه صحيه موسميه، كان يوم عادي كبقية الأيام، وبعد اشتداد غزارة الأمطار ومع الساعه الرابعه مساءاً تقريباً بدأت سيارات الشرطة والهلال الأحمر بالمرور علي البيوت خصوصاً المطلة علي البحر وأمرتنا بحظر التجوال خوفاً علي سلامة المواطنين وتحذيراً من العاصفة المعلن عنها،وحتي هذه الساعه كانت الأجواء عادية مثلها مثل أي يوم ممطر وجميل، كنت جالسة علي شُرفة شقتنا المطله علي الوادي التي لطالما التقطت له صوراً ومقاطع عدة لم أكن أعلم أنه ستصبح للذكريات، لاحظت بعد ذلك أنّ المياه قد ملأت الوادي بالكامل والأمطار كانت غزيرة جداً ولم تتوقف ثانيه،ناديت أبي قلت له انظر إلي هذا المنظر قالي لي لا تخافي قد امتلئ الوادي بمياه الأمطار في عام 2011 ساعات وجفت المياه ورجعت الحياه طبيعية، هذه الأمطار رحمة من الله لعباده، لا تخافي ياصغيرتي، دخل أبي وأنا انظر إليه بشده، لم أكن أعلم أنني كنت أودعه، كانت سيارات الشرطة تدور في المدينه وتحذر المواطنين من التجوال وتأمرهم بالمكوث في منازلهم ظناً بأن المنازل هي المكان الوحيد الآمن ، ولكن لم يكن يعلمو أن المنازل ستذهب هيا ومن فيها إلي قاع البحر، عندما رأيت هذا المنظر شعرت بالخوف علي أخي الذي كان في بيت صديقه، اتصلت به قائله ارجع إلي البيت فوراً الوضع غير آمن، والشرطه أمرت بحظر التجوال، وجميعنا في البيت إلا أنت، قالي لي لا تخافي يا أختي إنها مجرد أمطار، منذ متي ونحن نخاف من الأمطار وضحك، لم أكن أعلم انها الضحكه الأخيره، أصريت عليه بالمجئ، فقال لي حسناً سأرجع إلي البيت حالاً، ياليتني تركته في بيت صديقه الذي نجا هوا وعائلته ولم يصلهم الطوفان، رجع أخي إلي البيت وقالي لي رجعت الآن ارتحتي؟ قلت له هكذا أنا مرتاحه وجميعكم موجودين بجانبي،ظلت الأمطار مستمره وأنا واقفه علي الشُرفه أراقب وضع المدينه وأصور بهاتفي تلك المقاطع التي بقت حسرة في قلبي كُلما شاهدتها أتذكر تفاصيل تلك الليه المؤلمة،كان أخي رحمه الله يراقب الوضع معي، كُنت خائفه جداً وقتها لأنه المياه بدأت ترتفع فقال لي أخي وقتها وبلهجتنا العاميه
” والله الي كاتبها ربي تبي تصير كان كاتبلنا ربي نموتو ساع انموتو… ماعندنا وين رايحين منها”… لا أعلم لحسن الحظ أو لسوئه إنني صورت هذا المشهد فيديو ليظل صوته في ذاكرتي للأبد.
الساعه الواحد مساءاً تقريباً انقطع التيار الكهربائي وانقطعت معه جميع وسائل الاتصال “الانترتنت والهاتف المحمول” هنا بدء الخوف يُسيطر علي المكان، نزل أبي إلي الطابق الأول الذي كان يسكن فيه عمي وقاله له هيا لنصعد جميعاً إلي الطابق العلوي، وبقينا جميعنا في شقة واحده خائفين مذعورين لا نرى شيئاً سوا أضواء الهواتف، ظلّ أخي واقفاً في الشُرفه يُراقب الأوضاع ولم يتحرك من مكانه رحمه الله، بدأ الأطفال يبكون وأمي وزوجت عمي كذلك، فنظرت لي ابنت أختي الصغيره وقالت : لا أريد أن أموت يامريم، حضتنها وقلت لهم بصوت عالي لا داعي للبكاء لا داعي للقلق توقفوا، ماهي إلا القليل من الأمطار وستتوقف، وستعود الحياه كما كانت، فهدوا قليلاً، كان هدفي هو إشعارهم بالطمأنينه وعدم الخوف، ولكن كان هناك صوت في داخلي يقول لي أنه ثمة شئ خطير سيحدث.
ماهي إلا دقائق معدوده وإذا بأخي يصرخ ويقول: السد انفجر اخرجو، “وهو سد أبو منصور بسعة 22.5 مليون متر مكعب والواقع على بعد 13 كيلومتراً من مدينة درنة”، كان لدينا باب يفتح علي الزقاق من الوارء وكان مرتفع عن سطح المنزل كون أنه درنه مدينه جبليه، خرجنا منه مسرعين وارتفعنا قليلا حتي دخلنا جميعنا في بيت عائله تُدعي “عائلة القطعاني” إلا أخي دخل إلي عمارة عمي استقبلتنا الامرأه وقالت لنا ابقوا هنا ولا تخافوا، كان بيتهم مرتفعاً قليلا عن الوادي، كان لديها 5 أطفال، توفو جميعاً وعاش زوجها وحيداً، عند الساعه 2:04 تقريباً قال ابن عمي هيا لنخرج من هنا ونذهب إلي مكان مرتفع فالوضع لازال خطيراً، خرجنا منها وذهبنا إلي عائله اخري تُدعي ” عائلة بلعيد” اللذين توافهم الله جميعاً وعاش ابنهم وحيد كان خارج المنزل يومها، قالو لنا ابقوا معنا ولا تخافوا ولكن كان ابن عمي مُصر أن نخرج من هنا أيضاً ونذهب لمكان أكثر أماناً، لم يكن يعلم أنه ذاهب للمكان الذي سيجد فيه حتفه” رحمه الله”، خرجنا جميعنا نمشي ونمشي والأمطار غزيره فوق رؤوسنا كأنها أسهم والظلام يسود في المكان وأصوات التكبير والصُراخ تتعالي شيئاً فشيئاً، وصلنا لمكان مرتفع ومنسوب المياه فيه قليل جداً وجدنا مسجد فدخلنا فيه لكي نرتاح حتي يطلع الصباح، ولكن أهل الحي أصروا أن يكرمونا ويدخلوننا معهم في بيوتهم، خرجنا مسرعين ودخلنا إلي عماره تُدعي عمارة “قاطش” ولكن فجأه رأيت أخي “محمد” قد دخل إلي عمارة أخري مقابله لهذه العماره فصرخت بصوت عالٍ: حمادي تعال ، قال لي لا تخافي هذه العماره مليئة بالشباب وأنتم النساء ابقوا في تلك العماره، كانت هذه آخر مره أري وأسمع فيها أخي العزيز الذي لعبنا سوياً وكبرنا سوياً وافترقنا في ليلة واحده، دخلنا إلي تلك العماره وكانو معنا أفواج من الناس حوالي 60 شخصاً، قابلتني امرأه سوريه لا أعرفها اعطتني ابنها وقالت لي دعيه يبقي معك حتي أخرج باقي أطفالي، قلت لها لا تخافي هوا بأمانتي، دخلنا في شقه في الدور الثالث وصاحبة تلك الشقه أتت بمصباح كبير لكي نرى بعض، وجدت أخواتي الاثنين وابنت أختي ولكن لم أجد أمي وأبي، فكرت قليلاً ولكن في غضون ثواني اتخذت قراراً مصيرياً، نظرت لأخواتي قلت لهن سأنزل وأبحث عن أبي وأمي لا تتحركن من هنا، نزلت مسرعه وذاك الطفل في يدي وجدت ابن عمي في باب العماره، قلت له أين أبي وأمي قال لي لقد دخلو هنا “وأشار إلي بيت مجاور لتلك العمارة” ذهبت مسرعه فوجدت أبي وأمي ومعهم حوالي 30 شخصاً وكان أبي مُتعباً جداً، قال لي من هذا الطفل، قلت له لا أعرفه ولكن تركته أمه أمانة عندي، فقال أين أخواتك، فقلت في عمارة “قاطش” فقال اذهبي وارجعي هذا الطفل لأمه وتعالي أنتِ وأخواتك هنا لنتجمع في مكان واحد، خرجت مسرعه لكي أُنفذ كلام والدي، ماهي إلا ثواني وانفجر السد الثاني(وهو سد “البلاد” بسعة 1.5 مليون متر مكعب، الذي يقع على بعد كيلومتر واحد فقط من المدينة الساحلية)، نظرت للخلف فوجدت موجة عملاقه، حجمها بحجم عمارة مكونه من ست طوابق مُحمله بالأشجار والأحجار والسيارات والمباني قادمه إلينا بسرعه جنونيه، ركضت بسرعة لم أسبق لي من قبل أن أفعلها ومتمسكه بذاك الطفل في يدي، وكأن الله قد ألهمني تلك السرعه، وصلت للعماره وبدأت في الصعود علي السُلم والمياه تلاحقني حتي وصلت للدور السابع ” السطح” فوجدتهم جميعاً هناك، بدأت أنظر وأبحث عن أخواتي فوجدت أختي الكبرى وابنتها، فسألتها قائله: أين نور ” نور هي أختي الصغري”، فقالت لي عندما نزلتي للبحث عن والدي نزلت لتلحق بك، أيقنت وقتها أنها قد توفيت “رحمها الله”لأنه منسوب المياه غطي 6 طوابق، ارتفعت المياه ودخلت علي السطح والناس تُكبر وتذكر الله تارةً وتبكي وتصرخ تارةً أخري، تسلقت أنا والطفل وأختي وابنتها علي خزان مياه كان هذا الأمل الأخير، الأمطار تصب بغزارة فوق رؤوسنا والظلام الدامس يحل بالمكان، فبقيت حاضنه ذاك الطفل وأختي وطفلتها ونذكر الله، ومع هذا كله لم أكن أعلم بحجم الكارثه التي حلت بالمدينه، وفجأة بدأت العماره تتحرك ببطئ، بدئنا نسمع في صوت كصوت غصن شجرة علي وشك السقوط، هنا شعرنا أنّ الموت صار حتمياً ولا مجال للنجاة، ثم يشع البرق ويضيئ علي المدينه وأري ذلك الهول، مهما وصفت وقلت لا أستطيع ايصال ذاك المنظر الذي رأيته، رأيت منازلاً مغطاه بالكامل هيا ومن فيها، رأيت عمارات مكونه من 6 طوابق قد اختفت عن الوجود، رأيت سيارات تجري في ذاك الطوفان وكأنها ألعاب، ضوء البرق كان مدته 3 ثواني، ولكن رأيت غرق مدينه عمرها آلاف السنين، وفي تلك اللحظه أيقنت أن والدي ووالدتي قد انتقلو إلي رحمة الله، لأنه المكان الذي كانو فيه منزل يتكون من طابقين فقط، والمياه وقتها قد وصلت للدور السادس، نظر إلي ذاك الطفل وعيناه مليئة بالدموع قال لي متي سنموت نحن؟……ذاك السؤال الذي لم أجد له اجابه حتي الآن، بقينا علي ذلك الخزان ولا نعلم من سيموت قبل من، وكيف سنموت، هل سنغرق، أم تسقط العماره أم ماذا؟
لحظات مرت علينا لا تُنسي مهما حيينا، بقينا متشبتين من الساعه الثالثه صباحاً حتي السادسه فجراً، بدأ منسوب المياه بالانخفاض حتي وصل للقاع، صرخ رجلاً بشكل هستيري قائلاً: الحمدالله علي سلامتكم، الحمدالله علي سلامتكم…. قد مات من مات وعاش من عاش.
نزلت أنا ومن نجى معي تلك الليله حتي خرجنا للشارع، وكانت الصدمه الكبرى، الجثث في كل مكان، نساء ورجال وأطفال، قوة السيل جرفتهم وفرقتهم ورمتهم في أماكن مختلفه، عُراة من دون ملابس، ولكن رحمة الله كانت واسعه، كانوا مستورين تماماً بالطمي الذي غطى أجسادهم كي يذهبوا إلي ربهم مستورين، بدئنا في المشى أنا والطفل الذي لم تفارق يده يدي وأختي وابنتها، كان الشارع مليئ بالناس منهم من يبكي بصوت عالٍ لأنه فقد جميع أفراد أسرته، ومنهم من يبحث عن أهله، ومنهم يمشي ولا يعرف إلي أين هوا ذاهب، كما هوا الحال بالنسبة لي، كنت أمشي من دون عقل لا أعرف إلي أين، وفجأة رأيت أم الطفل جالسه وتحضن أطفالها وتبكي، ظنت أنه طفلها قد مات، جئتها مسرعه ووضعت يدي علي كتفها وسلمتها تلك الأمانه التي تمسكت بها ووعدت نفسي أن نعيش سوياً أو نموت سوياً، واصلت أنا وأختي المسير علي الأقدام إلي أين…. لا ندري، كُنا حفاه، حيث بدأ الصباح فالظهور شيئا فشيئاً، وفجأه ابنت أختي قالت لي: انظري يامريم لماذا هذه الدُمية مُلقاه على الطريق، عندما اقتربت منها وجدت أنها جثة طفلة صغيره، صرخت بصوتٍ عالٍ. من هول المنظر، وقلت تابعن المسير بسرعه ولا تنظرن للأسفل أبداً.
تابعنا المسير حتي وصلنا إلي بيت امرأة عجوز في حي يُدعي “شيحا” لم يصل الطوفان إلي منزلها، استقبلتنا وأعطتنا ملابس وأحذيه، قلت لها هل لي بطلب، قالت تفضلي، فقلت أريد أن أصعد إلي سطح منزلك لكي أري ماحدث، قالت لي لا أنصحك بذلك يا ابنتي، فالمنظر مهيب، قلت لها ولكنني مُصره، صعدت ومددت نظري لم أجد مدينتي، أين ذهبت، هل يعقل أنها قد اختفت، أين المنازل والعمارات، أين المساجد، أين المدارس والمحلات، أين الحدائق، أين أهل المدينه، أين أهل المدينه، إلي أين رحلو….
وبكيت حتي غبت عن الوعي ،ثم نزلت للأسفل وقلت لتلك العجوز هل لي بطلب آخر، فقالت بالتأكيد، قلت هل توجد سياره، قالت نعم، قلت لها أريد الذهاب إلي أختي ( أختي الكبري متزوجه وتسكن بحي يُدعي “انبخ”) هذا الحي في جبل المدينه مرتفع كثيراً، لم يصله شيئاً من الطوفان، بل لم يكن يعلمو أنه المدينه قد غرقت ومات نصف أهلها، كانوا نائمين، ذهبت تلك العجوز هي وابنها وأوصلتنا إلي بيت أختي، طرقت الباب كثيراً، فتح الباب زوج أختي مستيقظاً من نومه، لم يكن يعلم إننا في الساعات السابقه وهم نائمون نحن كنا نقاوم الموت، قال لي مابكى ولماذا ملابسكن مقطعات ومن هذه المرأه والرجل، أخبروني مالذي حصل، وخرجت أختي من غرفتها مصدومه وعندما رأتنا بدأت بالصراخ قائله، ياليتني كنت معكم.
بقيت حتي الساعه الثانيه ظهراً لا أعلم ماهو مصير أهلي، وإذا به الباب يطرق، ويدخل شخص غريب لم أعرفه حتي تكلم، إذا به أخي، قد غيير الطوفان ملامح وجهه، قلت له مالذي جرى لك، قال لي أنا مت وعشت، وانهار بالبكاء.
أخي هذا الذي دخل في عمارة عمي في بداية القصة، عمارة عمي كان يقطنها 30 شخصاً من أعمامي وزوجاتهم وأولادهم، انتقلو لرحمة الله جميعهم ونجي أخي فقط ، نجاه الله حتي يكون سنداً لنا في هذم الحياه ، حيث قال لي عندما انفجر السد الثاني ” هجمت موجه كبيرة علي العماره واسقطت العماره من مكانها ، وأخذت كل من فيها إلي البحر، رأيتهم بأُمِ عيني وهم يصرخون، ويموتون واحداً تلو الآخر” عندما سقطت العماره جرفني الطوفان إلي داخل المدينه، وكنت أغرق وأقاوم، وفي كل مره تصدمني أشياء ثقيله في وجهي الذي تغيرت ملامحه وفي كل مره كنت أنطق الشهاده وأقول: ارحمني ياالله وأقبض روحي، حتي جرفني السيل وعلقني بشرفة منزل يتكون من ثلاث طوابق ومعي رجل، وظلينا متمسكين حتي جاء الصباح وانخفضت المياه، وانزلنا الهلال الأحمر.
توفيت أمي وأبي وأختي وأخي، دفنو أمي وأخي وأختي، ولكن والدي لم نجده حتي الآن .. وعاشت أختي وطفلتها وأخي وأنا لكي أروي لكم تفاصيل تلك الليلة التي لا تنسى، ليلة الطوفان 11/9/2023.
وفي الختام أنا الكاتبه : مروه فرج الزواري ، أطلب منك عزيزي القارئ أن تدعو لعائلة مريم وكل من توفاه الله في تلك الليله بالرحمة والمغفره سائلين الله عز وجل أن يتقبلهم من الشهداء وأن يجعل مقامهم الفردوس الأعلي .
شارك هذا الموضوع:
اكتشاف المزيد من المنصة الليبية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.