من رواية مر القدر للدكتور محمد محجوب
في مقهى البارون، جلس أنور يسرد ما تحصل عليه من دلائل، التي يمكن التعويل عليها في مسار القضية الكبرى عنده معرفة أمه وفكرة العودة بها إلى بنغازي. فهو الآن يملك مجموعة من القرائن يمكن تحديدها كما يلي: القرينة الأولى؛ شهادة الحاج منصور والتي تحصل عليها أثناء دخوله المقهى القريب من جامع القدس؛ وفيها وسم جميل لأمه وهي هند الدخيلية ذات الخال على الخد الأيمن، وكان يقول ذات الخال. وما كان يرويه عن علاقته المتينة بوالده، وهذه القرينة تتعزز بشهادة عمه مراد الذي حدد الخال في المكان ذاته من الوجه. القرينة الثانية موت والده في أوغندا، وقصة الابتلاع من التمساح الأوغندي له؛ وهذه القرينة عززتها روايات تقول بأن زوج سماح البحر الليبي أبتلعه تمساح في الحرب التي دارت رحاها بين تنزانيا وأوغندا أيام جوليوس نيريري وعيدي أمين دادا وتدخل الجيش الليبي في هذه الحرب . والقرينة الثالثة أن والدته فعلاً مولودة بمنطقة الدخيلة بالإسكندرية هذه الروايات الثلاث مصدرها الأساسي مدينة بنغازي، وإن كان هناك آمال كبيرة في توثيق مكان ميلاد أمه إذا ظهرت وثيقة مهمة جداً، جواز سفرها. والقرينة الرابعة وإن كان مازال يشوبها بعض الغموض ليس في المعرفة ولكن في الرواية؛ والقائلة بأنه قد يكون في معصم الطفل سِوارة ذهب، هذه القرينة وشي بها لأنور من طرف شخص أصر على عدم تحديد هويته، لأن المعلومة أعطيت لسماح البحر وليس لأنور. هذه الفرضية المنطقية التي قدمتها رشا خبيرة التصوير التلفزيوني تحتاج إلى عملية تأكيد وجود صورة الأساورة فقط لأن الصورة عند أنور، وهي الكنز الذي يعول عليه كثيراً. وفي وسط هذا التفاؤل أصبحت الأجواء في الإسكندرية على الكرنيش وفي نقابه المصورين البحريين؛ وبين أعضاء التصوير المرئي، وما لهم من مكانة كأنها تقول في تفكير أنور وفي اعتقاده الكل يبحث معك وقضيتك صارت قضية الجميع؛ خصوصاً عندما أسر العم فتحي إلى أنور بأخبار طلب عدم ذكرها إلى حين التأكد منها مفادها أن بعض القضاة لهم علاقة بالمصور علام علموا بشكل ودي بالقصة وأوصوا بضرورة التروي، وعدم الاستعجال خوفاً من ضياع الهدف النبيل الذي ينشده أنور وهو البحث عن الأقدم في الكون بجميع أصنافه وهي الأم. كل هذه القرائن والأدلة، والتعاطف والاهتمام شجع أنور وكان لرأي القضاة دافع حفزه على المسير قدماً على الرغم من المشاق، وخصوصاً مسألة السرية، وسط مجتمع عشائري ومتعاون. في لحظة استراحة تذكر أنور رغبة السيدة نعمة زوجة عمه في ضرورة مقابلته!! قال في نفسه لا خلاف على ذلك الموضوع، فهو جزء كبير من مستقبل حياتي، وعد الزواج من السيدة أبنة عمي هذا وعد، نحن لا نتأخر وعهودنا ديون ندفعها ولو برقابنا! فقال له الحدس لا تذهب بعيداً قابلها ومن يدري ربما في المقابلة خير وهل تعلم الظروف أين تقودك، قال نعم مخاطباً حدسه الحق معك ونهض مسافراً للعامرية .
شارك هذا الموضوع:
اكتشاف المزيد من المنصة الليبية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.