رواية مر القدر
بعد كل الأدلة؛ والقرائن التي جمعتها هند، صار البحث عن مكان سكن الشاب أنور في بنغازي أساسي؛ لأنه يقوى ويدعم كل هذه الجهود التي قامت بها؛ وكذلك جهود الأصدقاء الذين تطوعوا للمساعدة كل بهدف وغاية! وصار اتصالها به وطلب المقابلة بعد انقطاع هدف في سياق العمل، ورأت أن تحدد هي المكان لتجنب مفارقات لا تود وقوعها في هذا اللقاء الخاص بالنسبة لها، مثل حضور رجال التصوير على البحر، أو ضيف قادم من ليبيا ..الخ. كانت الفكرة نفسها في رأس أنور عندما رن هاتفه ليرد مرحباً، ويردف قائلاً لم أتوقع منك هذا الغياب؛ فكان الجواب لقاؤنا اليوم الساعة 5 في مقهى فندق مكة؛ لم يُعطها فرصة للرد سوى كلمة واحدة اتفقنا. استعد بقدر كبير من الجدية لهذه المقابلة لدرجة أنه سأل نفسه لماذا أنا اليوم هكذا؟؟ في الموعد تماماً وهذا غريب جداً وصلت سماح البحر ولكنها ليست هي! تغيرت الملابس وعاد الوجه طبيعياً والأغرب من هذا …طريقتها في الكلام كانت دقيقة وكلامها جاء محدداً ؛ ذهل أنور وقال في نفسه: لن أشك بعد اليوم في أنها هي!! بادر أنور بالقول: لماذا هذا الغياب؟ قالت: لا تنسى، (وتمتمت في نفسها أنها قضية العمر! وقضية كل إنسان وكل أم! الأم في كل معانيها! قضية شائكة وخيوطها متعددة ولكن أتصور أنها بدأت تتضح!) ثم قالت لا تهتم، كما قال العزيز يوسف إعرض عن هذا. أنت كيف أخبارك؛ وكيف قضيتك أيضاً؛ لن أزيدك على ما قلتِ؛ تقريباً في الخطوات نفسها . المهم هل من أخبار من بنغازي؟ نعم جيدة، كيف الفندق البلدي ما أحلى البرتقال والليمون الذي يأتي من طرابلس، والتفاح الذي يأتي من البيضاء والمرج . والخضروات أيضاً. عند هذه النقطة انتقل الكلام أين تسكن في بنغازي! في الزريريعية، إحمر وجه هند بشكل ملفت، ولم تعد تنظر لأنور بل سار نظرها صوب البحر!! هل سكنك قريب من مقبرة سيدي عبيد؟ قال: نعم نعم؛ قال: أنور هل تعرفينها؟ قالت: تمهل قليلاً أين أنت من مقر شركة النصر لصناعة البلاط؟ وقف أنور من الذهول! فطلبت منه الجلوس على هيئة الأمر استغرب من هذا الموقف وقال في نفسه: لنهدأ على الرغم من كل شيء إذن مقبرة اليهود ليست بعيدة عنكم؛ نعم صحيح. هنا نقلت سماح البحر الكلام بصورة لم يعهدها هذا الشاب السائح على البحر؛ وهو الذي يصارع الآن بحراً من الخبرة والألم الذي جاءت به الأقدار. كيف الاسكندرية معك؟ وكيف أصدقاؤك؟ أنت تعرف ما أقصد؟ قال أعرف ولكن منذ لقائنا الأول تغير كل شيء! (وتمتم قائلاً وصارت القضية كل أهدافي وكذلك آمالي ). رن هاتف سماح وغادرت المكان على موعد باللقاء.
مع تحياتي في لوحة أخرى
الروائي د/ محمد محجوب _ أ. فلسفة العلوم
شارك هذا الموضوع:
اكتشاف المزيد من المنصة الليبية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.