الناير اليعقوبي
تُعتبر ظاهرة التسول من القضايا التي تبرز بشكل واضح في مختلف مدن ليبيا، حيث تتزايد أعداد المتسولين بشكل ملحوظ، مما يستدعي الوقوف عندها وقفة عاجلة جادة لمعالجة تشوه في صورة مجتمع صغير العدد في بلد نفطي.
تشير الدراسات إلى أن هناك عدة عوامل كانت وراء تفشي هذه الظاهرة في البلاد من بينها الأزمات الاقتصادية المزمنة المتعاقبة التي ظهرت و تفاقمت بسبب الحروب والصراعات السياسية، وأدت إلى تدهور الأوضاع المعيشية.
النزاعات المسلحة أثرت أيضا بشكل كبير في التركيبة الأسرية، حيث فقد الكثير من الليبيين مُعيلهم أو تعرضوا للنزوح والتشرد، الأمر الذي دفع بعضهم إلى التسول كوسيلة للنجاة من شظف العيش، وبعض آخر أصبح معاقًا حالت حالته دون حصوله على عمل يغنيه عن مد اليد التي مدها مرغمًا إلى مساعدات دون السؤال عن مصدرها.
البطالة هي إعاقة أخرى فعلت فعلها في مواطن يبحث عن لقمة عيش تسد رمقه وجانبًا من احتياجات صغاره، ومع ارتفاع معدلاتها في السنوات الأخيرة وندرة الفرص الوظيفية، يشعر الكثير من أرباب الأسر بالعجز عن الإيفاء بإطعام الأفواه.
موقع ” تريندبنغ ايكومونيكس ” المختص بالاقتصاد العالمي، أشار في تقرير صدر عنه أن ليبيا في المرتبة الأولى في معدلات البطالة بين دول المغرب العربي لسنة 2024، بنسبة 18.5%، في غياب تقارير رسمية، تضع الأرقام كما هى، تشخص الواقع وتوصف العلاج.
غياب عن تشريح البطالة يقابله اشاحة النظر عن ظاهرة التسول مما يعكس في مجمله عجز الدولة عن توفير الدعم اللازم للفئات الأكثر هشاشة، و تفشي حالة من الإحباط وفقدان الثقة في المؤسسات الحكومية.
وبعد.. أن معالجة ظاهرة التسول تتطلب جهوداً متكاملة ومتواصلة من جهات حكومية ومنظمات مدنية تنفذ وفق سياسات فعالة تعمل على تحسين الظروف الاقتصادية، بهدف النهوض بمستوى معيشة الفرد من أجل مجتمع أكثر تماسكاً وأرفع عدالة اجتماعية.
شارك هذا الموضوع:
اكتشاف المزيد من المنصة الليبية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.