الناير اليعقوبي
واقع المخدرات في ليبيا يثير القلق على خلفية الشحنات الكبيرة التي تضبط بين الفترة والأخرى، الأمر الذي ينبه إلى أن وراء الأكمة ما وراءها من شبكات تهريب محلية ودولية منظمة، وأن ما يُضبط من كميات في المنافذ الرسمية، بعضها بفضل معلومات من جهات عربية وأجنبية يمثل جزءًا ضئيلًا من تلك التي تدخل البلاد في رابعة النهار.
انهيار المنظومة الأمنية خلال سنوات من النزاعات والانقسامات السياسية كان وراء تردي في البنية التحتية، ونقص حاد في الإمكانيات، وضعف في التدريب، إضافة إلى فساد في بعض من كُلف بالحماية والوقاية من الآفات العقلية.
آفات بمختلف الأصناف من مصادر قريبة وأخرى بعيدة، يؤتى بها وفق خطط وخرائط إلى ليبيا، جعل منها سوقًا رئيسيًا رائجًا للتعاطي والاتجار في شمال افريقيا، ونقطة عبور بين ضفتي المتوسط ودول الجوار لتضرب الاقتصاد الوطني في مقتل.
سوق ارتفعت فيه معدلات التعاطي بين عديد الفئات العمرية للشباب في ظل الظروف المعيشية الصعبة دون أمل في مستقبل واعد، وازدياد مطرد في نسبة البطالة دفع ليبيا إلى مرتبة عربية متقدمة في هذا السُلم، وغياب شبه كلي للدعم الاجتماعي والعلاجي.
وما زاد طين السوق بلة والمريض علة هو الفجوة والجفوة بين مؤسسات وأجهزة أمنية في شرق البلاد وغربها، تكرار لذات المسميات وذات الاختصاصات وغياب عن التنسيق والتعاون مما حال دون سريان المعلومات فيما بينها.
إضافة إلى ذلك، عدد المراكز المختصة بعلاج مُدمني المخدرات وتأهيلهم في البلاد لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة، ومقارها تنحصر في مدينتي طرابلس وبنغازي دون غيرها من المدن، وكأن ليبيا على امتداد رقعتها الجغرافية خالية من المُدمنين بينما واقع الحال في سجلات الشرطة يؤكد أن حالات أدمنت – عددا وتصنيفا – يشيب لها الولدان.
وبعد.. المخدرات قضية دولية، تتوهم أي دولة من تزعم أن بمقدورها مُنفردة أن تُكافحها وتقي مواطنيها منها في ظل تقنية حديثة تصل إلى عقر أدمغة أفراد المجتمع – ذكورا وإناثا – إلا أن ما يقض مضجع المواطن أن بلاده تعاني من فوضى خمس نجوم وفرت تربة خصبة مجانًا لتجار ومُدمنين يحبون في جريمتهم فيشبوا عن الطوق ويشتد عودهم دون رادع حاسم حازم يحد من تداعيات هذه الآفات في كافة المجالات.
شارك هذا الموضوع:
اكتشاف المزيد من المنصة الليبية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.