الأخبار الشاملة والحقيقة الكاملة​

2024-11-15

5:48 مساءً

أهم اللأخبار

2024-11-15 5:48 مساءً

الشرط – اللوحة 21

الشــــــــــرط – اللوحة 21

من رواية مر القدر

للروائي – د. محمد محجوب

بِقدَر الفرح والسعادة، لموافقة السيدة ابنة العم على الزواج،  وبقدر حبه للإسكندرية الذي تضاعف مع هذه الموافقة امتلأ حيرة من ذلك الشرط، الذي مفاده بقاء حاجاتها في السيارات التي تحملها،  حاولت نعمة تخفيف وطأته عليه ، غير أنها وضعته في شتات متراميَ الأطراف، فلم يرتح لرأيها مما دعاه لمزيد من البحث والاستفسار، عَلّ قلبه يطمئن ويرضى .. قادته رجلاه إلى الحاجة دنيا ؛ تلكم المرأة التي عاركت الحياة هنا وهناك ، فتركت شاراتها على تقاسيمها، وبين ثنايا عباراتها.

جلس أمامها فبادرته : ولما الاستغراب من بقاء حاجياتها في السيارات التي تحملها ؛ لما التوجس من هذا الشرط ؟ أنا لا أرى فيه ضيراً، بل أراه شرطاً عبقرياً أسدل أمام ناظِريَّ مشاهد عديدة لا أستطيع نسيانها أو تناسيها مشهد جارتي التي اصطدمت بخبر أسر زوجها في تشاد وهي بعيدة عن أهلها دون ولد أو معيل، بل تجشم والدها المتاعب، وباع عدداً من الجواميس التي يعتمد عليها في عمله ليستطيع العودة بها من ليبيا لتبقى معلقة لسنوات عدة دون خبر يثلج صدرها عن زوجها. ومشهد هند ذات الجمال والخلق، التي مات زوجها في أوغنده بشكل مأساوي، حتى صار مثلاً مشهوراً، ولا أعتقد بأن قلبك الصغير يحتمل تفاصيله، ترقرقت دموع أنور فغالبها ليواصل الاستماع.

أردفت الحاجة دنيا بكل أسى، هل أستمر في سرد المشاهد؟ إنها مؤلمة جداً، غير أنها تفتح أمامك أبواب التفسيرات المحتملة لذلك الشرط ، وأنه لم يُضَع إلا لترتيبات معينة ، صمتت برهة ثم بادرته متساءلة:  هل ستقيم في مدينة السلام بنغازي؟ ودون أن تنظر الإجابة تهدج صوتها وسالت دموعها وواصلت: قدَرُ بنغازي ألا يدخلها ساكن إلا ويخرج منها ساكن آخر، وتلك أقدار.

تمتم أنور: وصف جميل يا حاجة. ثم استجمع قواه ليتساءل: ولكن لماذا؟

واصلت ومزيج من المشاعر يختلط بعباراتها: لهذه المدينة جمال بديع يتجاوز مقاييس الجمال المعتاد، يستمد بهاءه من عوامل عديدة تتفرد بها هذه المدينة دون غيرها ، إنها تركيبة سكانية فسيفسائية، ونسيج اجتماعي غاية في الروعة والانسانية …… أنها اقحوانه شذية… صمتت وكأنها تحاول استرجاع أفكارها ثم تمتمت بأسف: لن يتركوها.. ولن يتركوه.. ارتسمت ابتسامة هادئة على شفتيها وتنفست الصعداء وهي تقول: يا الله … بنغازي لها لغة لا ولن يفهمها إلا من يحبها.. ارتجفت قلوب الحضور وكأن شعاع الحنين تسلل أليها فساد الصمت وغادرت الحاجة المكان في هدوء.

للرواية تتمة في لوحة جديدة .. مع تحياتي


اكتشاف المزيد من المنصة الليبية

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

شارك المقالات:

مواقيت الصلاة

حالة الطقس

حاسبة العملة