الأخبار الشاملة والحقيقة الكاملة​

2024-11-15

5:39 مساءً

أهم اللأخبار

2024-11-15 5:39 مساءً

تقاليد الصلح في التراث الليبي

تقاليد الصلح في التراث الليبي ورقة بحثية أعدها - د. علي برهانة

ورقة بحثية أعدها – د. علي برهانة

مثل العرف في ليبيا سلطة مرجعية في ما يخص المنازعات والمشكلات الاجتماعية، ووضع لكل جزئية ما يقابلها من مواقف تؤدي الى وضعها في مكانها الطبيعي، حتى لا يكون الأمر متروكا للصدفة أو للمبادرات الشخصية بل تحكمه مرجعيات محددة، ومتعارف عليها، وهذه المرجعيات ليست مفروضة بالقوة ولا بسلطة قانونية او حكومية، إنها سلطة اجتماعية تحظى بالاحترام من الجميع، ومن ثم فلا مجال للاعتراض عليها أو مخالفتها، وتنقسم هذه المرجعيات إلى :

. أولا / مبادئ عامة        . ثانيا / آليات عمل هذه المبادئ

أولا : المبادئ العامة :

هذه المبادئ هي مقولات لها وجود فعلي في الواقع، وعليه يتم ترجمتها إلى أفعال في حينها ، وهي هكذا ……

. أ ((الناس بين شرع وعادة))

إن أي نزاع أو إشكال يحدث الآن ليس الأول ولن يكون الأخير ، وأن هذا الأمر محكوم بالشريعة أولا فالليبيون مسلمون ، وقد قالت فيه الأعراف الاجتماعية كلمتها منذ القدم .

. ب ((اللي يشوخ شيخ ما يعقبه))

بمعنى أن من يختار حكما يحكم بينه و بين غيره يرتضيه ولا يخالف له أمرا.

. ج ((المكتف ما يحل روحه))

بمعنى أن من يقع في مشكلة يحتاج إلى من يتدخل لحل هذه المشكلة بينه و بين خصمه . 

. د ((ما أوسعها على الدوار و أضيقها على القاتل))

أي أن من يرتكب جريمة يصبح في ضيق شديد و يحتاج إلى من يحل له مشكلته هذه المبادئ وما في حكمها تقتضي إجراءات لوضعها موضع التنفيذ؛ أي أن الإشكال وقع ولابد من القيام بإيقافه حتى لا يتفاقم والعمل على إيجاد حل له ومن هنا تبدأ الإجراءات التنفيذية .

– ثانيا الإجراءات التنفيذية :

أولا: هناك فئات اجتماعية لها سلطة على الجميع ، مثل الأشراف بالدرجة الأولى، وشيوخ الزوايا، ومن عُرف بالبركة ، وحملة القرآن وشيوخ القبائل .. وهم عادة من يتولى التدخل بين المتنازعين ، ويرون ذلك واجبا عليهم وضرورة حياتية.

 1 ( لاعدوان إلا على الظالمين)

أي أن الذي وقع لم يأت من فراغ وأن الطرفين مساهمان فيه وإن تفاوتت نسب مساهمة كل منهما، وهذه وظيفة وفد الصلح، أنهم لا يسمحون لأي من الطرفين أن يدعي البراءة الكاملة، وبعد ذلك يظهرون الظالم أو المعتدي الذي يجب أن يرد المظلمة أو يغرم أو يعتذر أو يعفى عنه.

2 (القعود للحق )

فمهما كان الشخص أو القبيلة أو المجموعة من القوة أو يدعي القوة فإنه يجب أن يقعد للحق أي ( يعطي الحق ويأخذ الحق)

3 (الدم غطي العيب )

في حال حدوث ضرر بالقتل أو الجراح فإن المتضرر أولى بالترضية وأن يجبر ضرره، وعلى الطرف الثاني الاعتراف له بالفضل في أنه رضي بالصلح مع ما لحق به من ضرر، ومن العمل على ترضيته بقوله:

(نحن في حقك حتى ترضى) أو (أنت الموس واحنا اللحم ).

4. (الحق) ما يرضي اثنين) لابد لمن يتولى الصلح بين المتخاصمين أن يتحرى الصدق وينشد الحق ويلتزم الحياد، ويكون عدلا ومستعدا لإحقاق الحق والزام المعتدي به وأن يبين له ظلمه ويجعله يعترف بالخطأ. 5. الحي أبدى من الميت بمعنى أن هدف الصلح هو نجاح التعايش بين الأحياء وليس إحياء الموتى، ومن ثم لابد من النظر إلى المستقبل وتغليب مبدأ الصلح ومن مات يتم العمل على ترضية أوليائه بالدية أو بالمن وكذلك الأمر في حال الضرر المادي .

6. (الكل على الظالم) فإن الجيران و بقية القبائل والمجتمع ممثلا بحكمائه و أهل الرأي فيه يجب أن ينهض وتتضافر جهودهم و يقفوا ضد الظلم، و يعمل على ردعه، والانتصاف منه لصاحب الحق، ولا ينبغي لهم أن يقفوا موقف المتفرج. 7. 7.(اللي بديره بكره تعال له اليوم) أي أن الناس لا يمكن أن يستمروا في القتال و الحرب و الفوضى و إذا لا بد أن يقعدوا في المستقبل للصلح حينما تنهكهم الحرب، وعليه فيجب أن يقعدوا له الأن فهذا أخف الضررين و خير البر عاجله.

8. (ولد النعجة عند الذيب) فعندما تكون فئتان متحاربتين و يحدث ضرر لأحدى الفئتين بالقتل مثلا أو الجراح، فإن الجهة الثانية تكون متهمة به ولا تستطيع نكرانه إلا بالحف وفق شروط الطرف الثاني

9. (اللي اتبزع ” اتبدد ” ما اترد ” ماتجي ” مليانه) بمعنى أن أحد الطرفين فقد ماديات كثيرة أو قليلة و هو يريد أن ترد له حقوقه، ولكن الميعاد يفهمه بأن ذلك ليس ضروريا، من حقه أن يحصل على معظم حقه و لكن يجب أن يكون مستعدا للتضحية ببعضه لأنه مستفيد من الصلح.

10. (حق الميعاد ) فإن الساعين في الصلح قد رضي بهم الطرفان و عليه يجب أن يلتزموا بكل ما يقوله الميعاد ويفعله، و قد يتمسك الميعاد ببعض الحقوق فيطلب تركها مراعاة الله و للميعاد و غالبا يحدث ذلك .

11. (الحق بالموقف ) أي أن الدية أو الغرامة لا تدفع مرة واحدة إذا لم تكن صغيرة بالضرورة، و إنما تقسم إلى (مواقف) أي أجزاء ، كل جزء يسمى موقفا، عادة أربعة وفقا لمقدارها على سنة أو أكثر أو أقل.

12. تقول الأغنية الشعبية :

الحرب مافيه بنة

يكثر نقيق الولايا

و العافية ريح جنة

 هلها يباتوا هنايا

أي لابد من التصالح والتسامح، لأن هذا بمثابة الجنة التي يعيش فيها الناس سعداء هانيئين.


اكتشاف المزيد من المنصة الليبية

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

شارك المقالات:

مواقيت الصلاة

حالة الطقس

حاسبة العملة