تحل هذه الأيام بداية موسم جني ثمار الزيتون في ليبيا والتي ترافقها فرحة وأجواء عائلية كبيرة تتميز بها العائلات الليبية التي تجتمع حول الأشجار لجني ثمار وفصلها.
وفي هذا الصدد كان مدير مكتب الاستشارات العلمية بالمركز الوطني للوقاية والحجر الزراعي عياد العباني قد أشار في وقت سابق إلى أن ثمار الزيتون تنضج عادة في شهور أكتوبر ونوفمبر وديسمبر، حسب نوع الزيتون، إذ يجب جنيها عندما تتلون الثمار بالأسود، وذلك بنسبة تتراوح بين 60 و70%، والمفترض أن تحدد وزارة الزراعة الموعد المناسب لعملية الجني وفق الأصناف، وبالتنسيق مع أصحاب معاصر الزيتون.
وحذر العباني من التأخير الزائد في عملية جني الزيتون حتى لا تتأثر الثمار بازدياد درجة الحموضة، مشيرًا إلى أنه كلما قلت النسبة عن 0.8%، وازدادت جودة زيت الزيتون، وإذا زادت نسبة الحموضة عن 3.3%، يعتبر الزيت غير صالح للاستهلاك.
ويمتد موسم جني ثمار الزيتون من نهاية أكتوبر حتى نهاية نوفمبر من كل عام، ويحتفي الأهالي فيه بانطلاق الموسم لما يشهده السوق المحلي من طلب كبير على زيت الزيتون، لأهميته وفوائده الغذائية للصحة.
وتقوم الأسر الليبية بزراعة الزيتون في بيوتها ومزارعها وذلك لعصر إنتاجه لاستخدامه أو ادخاره، ومن المدن التي تشتهر بزيت الزيتون في ليبيا: مسلاتة وغريان وترهونة وبني وليد، إلا أن مدينة غريان تعد أشهر المدن التي تنتج زيت الزيتون بجودة عالية، ويوجد فيها نحو 26 معصرة منها القديمة والحديثة تنتج أكثر من مليونين ونصف المليون لتر من زيت الزيتون سنويًا
أعداد أشجار الزيتون
وتمتلك ليبيا ما يقارب 8 ملايين شجرة زيتون لكن هذه الأعداد في تراجع جراء الجفاف الذي يفتك بالأشجار يوما بعد يوم، ووفقا لترتيب منظمة الأمم المتحدة للزراعة والأغذية (فاو)، فإن ليبيا تحتل المرتبة الـ11 على مستوى الإنتاج عالميًّا خلف المغرب وتونس والجزائر.
وأفاد تقرير باللغة الألمانية إلى أن أشجار الزيتون في ليبيا تمثل الذهب الأخضر، مشيرا إلى أن ليبيا تعد ثاني أكبر بلد منتج للزيتون في العالم بنحو 150 ألف طن سنوياً إلا أن ليبيا لا تجني ثمار الزيتون وتحويلها إلى زيت سوى 20% بحسب منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة.
تحديات تواجه زراعة الزيتون
من جانبه أشار الباحث والخبير في مركز البحوث الزراعية والحيوانية مصطفى المحجوب الفيتولي، في تصريحات سابقة إلى أن هناك إمكانية لزيادة إنتاج زيت الزيتون ولكن هناك عدة عراقيل أهمها حدوث موجات الجفاف في السنوات الأخيرة، حيث أن هناك نحو 70% من الأشجار تعتمد على مياه الأمطار.
وأضاف أن ليبيا كانت تمر بموجة جفاف على الرغم من تحسن الوضع خلال العامين الماضيين إلا أن الجفاف بشكل عام أثر بشكل كبير في الإنتاج وانخفض بمقدار 30%.
ومن بين التحديات أيضا حسب الفيتولي احتياج أشجار الزيتون إلى عمالة كبيرة، إضافة إلى تطوير المعاصر الخاصة، مبينا أن هناك 300 معصرة منتشرة على مختلف أنحاء ليبيا، وهذا العدد يعتبر قليل مع حجم الإنتاج ليتم زيادة العمل في المعاصر حتى تستوعب كميات أكبر من الزيت.
اقتصاد محصول الزيتون
وذكرت دراسة علمية بعنوان بعض الجوانب الاقتصادية لمحصول الزيتون في ليبيا، أن متوسط إنتاج محصول الزيتون بلغ حوالي 132.4 ألف طن كمتوسط الفترة (2000-2004) وزاد إلى نحو 173.7 ألف طن خلال الفترة (2017-2021) بنسبة زيادة بلغت نحو 31.2% مقارنة بالفترة الأولي.
وأضافت الدراسة أنه على الرغم من زيادة الإنتاج الكلي من الزيتون خلال الفترتين السابقتين، إلا أن إنتاجية الهكتار قد انخفضت من حوالي 1.28 طن للهكتار كمتوسط للفترة (2000-2004) إلى حوالي 0.61 طن للهكتار كمتوسط للفترة (2017-2021) بنسبة بلغت حوالي 52.3% مقارنة بالفترة الأولى، وذلك على الرغم من زيادة المساحة المخصصة لزراعة الزيتون على مستوي ليبيا.
توصيات لزيادة الإنتاج
وأوصت الدراسة بضرورة تحسين الأساليب الزراعية وعمليات خدمة المحصول، والاستفادة من التجارب العالمية في هذا المضمار لرفع مستويات إنتاجية أشجار الزيتون المثمرة والتوسع الرأسي في مستويات الإنتاج والعمل على تقديم التسهيلات اللازمة لتوفير مخازن مبردة بالقرب من أماكن الإنتاج لحفظه وتخفيف تدفق الإنتاج إلى الأسواق أثناء الموسم.
كما طالبت الجهات المسؤولة بوضع آلية تسويقية مناسبة للاستفادة من القيمة المضافة للزيتون، وإرشاد المنتجين بالاهتمام بالعمليات الإنتاجية للزيتون حتى يمكن الارتفاع بإنتاجية الهكتار، وتشجيع المزارعين وحثهم على الاهتمام بالخدمات التسويقية من فرز وتدريج وتعبئة والتي تعمل على تحسين مواصفات المنتج النهائي حتى يمكن تسويق محصول الزيتون بأفضل الأسعار.
وشددت الدراسة على ضرورة زيادة الاستثمارات الموجهة إلى التصنيع من خلال توجيه جزء من الاعتمادات المخصصة للعمليات الاستيرادية إلي زيادة وجودة الإنتاج الزراعي، وضرورة الاهتمام بأداء العمليات الزراعية في مواعيدها المناسبة وذلك لزيادة إنتاجية الهكتار.
ودعت لضرورة تكثيف جهود الإرشاد الزراعي ومراكز البحوث الزراعية بالتعاون مع مهندسي المصانع والإدارات الزراعية والمشرفين الزراعيين بتوعية الزراع بأهمية مقاومة الآفات والأمراض التي تصيب المحصول، ومساعدتهم في الحصول على المبيدات غير الضارة بالبيئة اللازمة لذلك، إلى جانب رفع الجدارة الإنتاجية لمحصول الزيتون من خلال تعميم الأصناف المرتفعة الإنتاجية والتي تناسب كل مركز من المراكز الإدارية في ليبيا.
مشروع زراعي
ولأهمية الزيتون ومناسبة مناخ ليبيا لزراعته لأول، أطلق في مطلع 2021 مشروع زراعي “كبير” لزراعة أشجار الزيتون يغطي مئات الهكتارات من الأراضي الصحراوية القاحلة جنوب زليتن.
ما بين مساعي الدولة لزيادة إنتاج الزيتون وزيته، والدعوات للاهتمام بهذه الزراعة وتطوير صناعتها، تواجه أشجار الزيتون في ليبيا العديد من العقبات والتحديات التي تختلف من عام لآخر.
شارك هذا الموضوع:
اكتشاف المزيد من المنصة الليبية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.