أثارت تصريحات وزير الداخلية المكلف بحكومة الوحدة الوطنية عماد الطرابلسي، موجة استياء عارمة في الشارع الليبي.
وانتقد النشطاء والمواطنون وبعض السياسيين تصريحات الطرابلسي بخصوص شرطة الاداب.
قرارات الطرابلسي
وفي هذا الصدد أعرب الطرابلسي عن أمله في أن يصدر مجلس النواب قرار فرض الحجاب على كامل الدولة، مؤكدا أن “شرطة الأداب” ستقوم بتنفيذه على ارض الواقع فورا.
كما شدد على ضرورة ارتداء المرأة لباسا محترما في الأماكن العامة، داعيا وزارة التعليم إلى فرض ارتداء الحجاب على الطالبات.
وأضاف أن سفر النساء “بدون محرم” أو وجود الأب أو الأم لن يكون مسموح إلا لظروف خاصة كعمل وشغل ومن لديه اعتراض يمكنه الذهاب للإقامة في أوروبا
كما أكد الطرابلسي أن الحلاقة الغير الاعتيادية مثل ” المشوّكة ” وغيرها في محلات الحلاقة ستكون ممنوعة وأيضا الملابس الضيقة للرجال و”السراويل الطايحة” ستضبطها شرطة الأداب، كما سيتم متابعة الحلاقين وموردي ملابس الشباب والبنات.
ومن بين مهام هذه الشرطة أنه سيتم القبض على أي رجل وامرأة في مقهى أو مكان ليسا متزوجين، لأنه لا يوجد صداقات بين الرجل و المرأة في المقاهي.
وشدد الطرابلسي على أن تنفيذ هذه القوانين سيتم بعد شهر من الآن، وذلك من خلال تفعيل جهاز شرطة الآداب والذي سيتم استحداثه بسبب انتهاء الأخلاق في المجتمع الليبي، لافتا إلى أن هذه العناصر ستقوم باقتحام البيوت في حال ثبت على الأشخاص التورط في أعمال منافية للآداب.
وأشار إلى أهمية تفعيل الشرطة النسائية لتستلم ردع أعمال النساء المنافية للآداب وستعمل هؤلاء النساء في بيئة محترمة بعيدا عن الاختلاط بالرجال.
فرض قوانين داعش
وكانت لهذه التصريحات ردود فعل كبيرة في الشارع الليبي، حيث اعتبرت الناشطة أميرة يوسف، أن “هناك فرقا بين الحفاظ على الآداب العام وبين فرض قوانين داعش”.
وأضافت “نحن ضد التعري والابتذال والمخدرات والخمور والفساد بكل أنواعه وأي شيء يمس بالآداب العامة، لكن أن تفرض لباسا معينا على الصغيرات وتمنع المرأة من السفر إلا بمحرم وتمنعنا من الأكل في الأماكن العامة، وتقول إن من يبحث عن الحرية الشخصية يجب أن يذهب لأوروبا، بقي أن تعلن أن ليبيا امتداد لداعش حتى يتدخل المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان لإبداء مواقفهم”.
من جانبها اعتبرت الناشطة الحقوقية نيفين الباح تصريحات وزير الداخلية تهدف إلى “تقييد الحريات الأساسية للأفراد، ومنع اختلاط الرجال والنساء، والحد من حرية التنقل والتعبير والسفر، والتي تمثل تعديًا صارخًا على المساحات الشخصية وحقوق المواطنين”.
ووصفت الباح هذه السياسات بأنها “لا تنتهك فقط مكتسبات شعبنا الذي ضحى كثيرًا من أجل الكرامة والحرية، بل تشكل أيضًا تهديدًا خطيرًا للتنمية الاقتصادية وتشويهًا لصورة دولتنا أمام العالم”، مطالبة “باحترام الإعلان الدستوري والالتزام بحماية حقوق الأفراد وكرامتهم، ورفض العودة إلى سياسات التقييد التي تعرقل مسار التنمية والتقدم.”
اللجوء الإنساني
أما عضو مجلس النواب “ربيعة بوراس”، فتساءلت: “بعد خطاب وزير الداخلية هل ستفتح أوروبا طلبات اللجوء الإنساني لليبيين أم سيغرقون في قوارب الهجرة ليس بسبب الفقر والبطالة لكن بسبب أنه كان يعمل حلاق وكانت تعمل مزينة وكانوا يجلسون في مقهى بدون أوراق رسمية ولا ترتدي ملابس من متجر الغرابيب السود”.
وأضافت: “هل اليوم الأسرة الليبية قاصرة على تربية أبنائها وتحتاج إلى وصي، ومن يصفقون لمثل هذه الخطابات ويمدحونها هم من القصر الذين تحدث عنهم وزير الداخلية أم أنهم فوق الوصاية، هل تحويل المجتمع الليبي لمقابر جماعية حية يحقق الاستقرار، أين رئيس حكومة الوحدة الوطنية من هذا الخطاب المتخلف”؟
حراسة الفضيلة
وأشار الناشط سند الشامي إلى أن ” الفكر السليم لا يحتاج إلى عصا أو شرطة آداب لترسيخِه، بل يتطلب سفيرًا يحمل قضيته بإيمانٍ عميق، وفهمٍ واضحٍ لرسالته ووظيفته.”
وطالب من يريد “حراسة الفضيلة، توجيه إمكانيات الدولة وميزانيتها وأولوياتها نحو التربية والتعليم.”
انفجار نحو الممنوع
فيما أوضح الناشط وليد احميتي أنه بعد عقود من التشدد في السعودية وفرض التدين والتدخل بإكراه في خيارات الأفراد بسبب هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كانت النتيجة تفجر المجتمع فجأة نحو كل ما كن ممنوع.
وأكد أن هذا ليس ظاهرة شيء غريب لأن الإكراه لا يخلق مجتمع متدين إنما يخلق مجتمع منافق يتجه نحو نتائج عكسية مضادة لما كان مجبر عليه.
وأضاف احميتي أن “التاريخ القديم أو الحديث يعلمنا أنه ليس من وظيفة الدولة فرض التدين على الناس، وكل ما زاد تدخل الدولة زاد من تحولها لدولة ثيوقراطية “
وختم قائلا “هذا كله بغض النظر عن أزمة الأولويات، وهل فعلا ليبيا تعان مشكلة في اداب المجتمع”.
بيان مشترك
وأطلق نشطاء على منصات التواصل الاجتماعي بيان للحقوقيين والمواطنين المدافعين عن حقوق الإنسان والحريات العامة في ليبيا، أعلنوا فيه استنكارهم الشديد للتصريحات غير المسؤولة التي أدلى بها وزير الداخلية مؤخرا، “والتي تضمنّت تهديدًا باستخدام القوة ” الضرب بيد من حديد”، والتضييق على الحريات الخاصة والعامة، بما في ذلك إغلاق المقاهي ومنع النساء من السفر .
إن هذه التصريحات، التي تضر بحقوق الأفراد وحرياتهم الأساسية، تتنافى مع المبادئ التي نص عليها الإعلان الدستوري والقوانين النافذة في ليبيا، وتعدّ تراجعًا خطيرًا عن مكاسب الشعب الليبي في مجال الحريات. نؤكد على ضرورة احترام الحقوق والحريات كما نص عليها الإعلان الدستوري، وضرورة التزام الوزير بواجباته المهنية كوزير للداخلية، وعدم التورط في التعبير عن آرائه الشخصية أو معتقداته التي تتعارض مع القيم الوطنية.
إننا نطالب وزير الداخلية بالاعتذار للشعب الليبي عن هذه التصريحات والتزامه بالقوانين والإعلان الدستوري في جميع إجراءاته، كما ندعو السلطات الحاكمة في ليبيت إلى احترام الحقوق الفردية والتعامل مع القضايا الأمنية ضمن إطار من الحماية والعدالة، بما يحفظ كرامة الإنسان ويحمي الحريات الأساسية.”
موجة الانتقاد الكبيرة التي انطلقت رفضا لتصريحات الطرابلسي اعتبرت أن هذه الإجراءات انتقاص من حرية المواطنين الشخصية ومخالفة صريحة للإعلان الدستوري، وتجاوز لصلاحيات الوزارة.
شارك هذا الموضوع:
اكتشاف المزيد من المنصة الليبية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.