في خضم الجمود السياسي الذي تعيشه البلاد منذ سنوات طويلة، ظهرت بارقة أمل مع نجاح المجالس البلدية في أول انتخابات محلية تُجرى على مستوى البلاد، خطوة قد تكون البداية لكسر حاجز الانقسام الذي حال دون استقرار ليبيا.
نسبة مشاركة عالية
ووفقاً للمفوضية العليا للانتخابات، فإن نسبة المشاركة في الاقتراع، الذي جرى يوم السبت الماضي في 58 بلدية، بلغت 76% من مجمل المسجلين في المنظومة الانتخابية، وهم 186 ألفًا و55 ناخبًا، يتوزعون على 29 بلدية في المنطقة الغربية، و15 بلدية في المنطقة الشرقية، و14 بلدية في المنطقة الجنوبية، في انتخابات يتنافس فيها 2331 مرشحا على 426 مقعدا.
وعقب إغلاق صناديق الاقتراع أعلنت مفوضية الانتخابات بدءها عملية مسح وإدخال بيانات استمارات نتائج انتخابات المجالس البلدية (المجموعة الأولى)، وذلك تزامنا مع وصول أولى شحنات صناديق الاقتراع.
وأكدت أنها تستعد لإجراء المرحلة الثانية مطلع يناير القادم.
متابعة دولية لسير عملية الانتخابات البلدية
زار عدد من سفراء وممثلي دول الاتحاد الأوروبي مركز العد والإحصاء بالمفوضية الوطنية العليا للإنتخابات، حيث إطلعوا على آلية عمل المركز. وحسب بيان للمفوضية، فقد اثنى الحضور على المجهودات التي تبذلها المفوضية لإنجاح الانتخابات البلدية وترسيخ مبدأ النزاهة والشفافية والحيادية.
وأضافت المفوضية في بيانها أن هذه الزيارة تأتي في إطار متابعة المجتمع الدولي لسير عملية انتخابات المجالس البلدية (المجموعة الأولى) 2024.
انتخابات ناجحة خالية من أي إختراقات
أكدت المفوضية أن الانتخابات البلدية جرت بشكل جيد ، دون تسجيل أي اختراقات في كل مراكز الاقتراع، مشيرة إلى مشاركة قرابة 24 ألف ضابط وضابط صف وفرد في تأمينها في كل البلديات.
وأفاد أبو بكر مردة عضو مجلس إدارة المفوضية العليا للانتخابات ، إلى وجود تنسيق أمني مشدد مع كافة مديريات الأمن في ليبيا لضمان نجاح سير العملية الانتخابية.
ردود الأفعال المحلية
وكان رئيس حكومة الوحدة الوطنية ، عبد الحميد الدبيبة، دعا الليبيين إلى التوجه إلى مراكز الاقتراع والمشاركة الفعالة في التصويت.
وكتب عبر صفحته على موقع “فيسبوك”: “علينا جميعا أن نساهم في اختيار الكفاءات التي ستقود مستقبلنا.“
من جانبه أكد رئيس المجلس الرئاسي ، محمد المنفي، أن نجاح انتخابات المجالس البلدية ،خطوة مهمة، في المسار الديمقراطي وتعزيز الاستقرار وإعادة الشرعية لكل المؤسّسات الوطنية الليبية.
وأشاد المنفي، في منشور له ، بنجاح عشرات المجالس البلدية في أول اقتراع محلي يتم إجراؤه في عموم البلاد، موضحا أن نجاح الانتخابات يعد مؤشرا بأن الشعب الليبي قادر على المشاركة والمساهمة في الوصول لدولة مستقرة عبر الاستفتاءات والانتخابات العامة.
وقال رئيس المجلس الرئاسي الليبي إن نجاح أول انتخابات للمجالس البلدية منذ عشر سنوات “يعكس رغبة أبناء الشعب الليبي في التعبير المباشر عن رأيه لمستقبل أفضل وبناء مؤسسات قادرة على تلبية تطلعات الشعب في كل أنحاء البلاد”.
بدوره قال رئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح، إن الاقبال الكبير لليبيين على مراكز الاقتراع في الانتخابات البلدية دليل على رغبة الليبيين في الاستقرار والمشاركة في صنع القرار ،مشيرا الى انه لا مبرر لاجراء الانتخابات الرئاسية البرلمانية بعد نجاح الانتخابات البلدية التي تعني أن الارض خصبة لاجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية
ردود الأفعال الدولية
لاقى إجراء الانتخابات البلدية في ليبيا ونجاحها، ردود أفعال دولية واسعة
حيث أشادت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بنجاح إجراء عملية الاقتراع للمجموعة الأولى من المجالس البلدية ، وهنأت البعثة الشعب الليبي على نسبة المشاركة الواسعة التي بلغت 74% من الناخبين، كما هنأت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات على ضمان عملية انتخابية سليمة وشاملة من الناحية الفنية.
وأشادت البعثة بتفاني الأجهزة الأمنية التي شاركت في تأمين إجراء هذه الانتخابات.
مؤكدة التزامها الدائم بدعم العملية الانتخابية في ليبيا وضمان نتيجة تعكس إرادة الشعب الليبي.
وقالت البعثة في بيان لها، إن الانتخابات البلدية تُشكل خطوة مهمة نحو تعزيز الديمقراطية وضمان حوكمة مسؤولة ومستجيبة لتطلعات الشعب، كما تضمن شرعية المؤسسات الليبية.
وبالمثل أشادت بعثة الاتحاد الأوروبي والبعثات الدبلوماسية للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا بالمفوضية الوطنية العليا للانتخابات وجميع الأطراف المعنية لهذا الإنجاز الهام، الذي قالت إنه يهدف إلى ضمان الحكم المحلي التمثيلي، وتوجيه المشاركة السياسية من خلال السياسة الانتخابية.
وشجعت بعثة الإتحاد الناخبين المسجلين على المشاركة الفعالة وانتخاب القادة الممثلين بما يتماشى مع احتياجاتهم وتطلعاتهم.
كما شجعت جميع المرشحين على اغتنام الفرصة والمشاركة في العملية الانتخابية بنزاهة وبما يتماشى مع مدونة قواعد السلوك التي وضعتها المفوضية الوطنية العليا للانتخابات.
ودعت بعثة الاتحاد الأوروبي في بيان جميع الأطراف والسلطات المعنية، على المستويين المحلي والمركزي، قبل وأثناء وبعد يوم التصويت، إلى دعم العملية الديمقراطية وضمان أن تسود بيئة آمنة وشاملة.
مؤكدة استمرارية إلتزامها والبعثات الدبلوماسية للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا بدعم جميع المؤسسات ذات الصلة لتعزيز العملية الديمقراطية في ليبيا.
من جانبها هنأت الولايات المتحدة الأمريكية ليبيا، على إجراء الجولة الأولى من الانتخابات المحلية في 58 بلدية.
وأكد المبعوث الأمريكي الخاص إلى ليبيا ريتشارد نورلاند أن الانتخابات البلدية أبرزت رغبة الشعب الليبي في انتخاب قادته المحليين والمشاركة في القرارات التي تؤثر على حياتهم ومجتمعاتهم.
وعبر نورلاند عن أمله في أن يتمكن الشعب الليبي وقادته من البناء على هذه الخطوة المهمة لإجراء انتخابات بلدية في بقية أنحاء البلاد، ووضع خارطة طريق ذات مصداقية لإجراء انتخابات وطنية ناجحة في المستقبل.
الإشادة بإجراء المرحلة الأولى من انتخابات المجالس البلدية، كانت أيضا من السفارة البريطانية لدى ليبيا، والتي قالت في بيان لها عقب زيارة فريقها مراكز الاقتراع :” إن الليبيين أدلوا بأصواتهم في أول انتخابات واسعة النطاق منذ أكثر من عقد.
وأكد فريق السفارة خلال زيارته مراكز الاقتراع في الانتخابات البلدية السبت، أن المفوضية الوطنية العليا للانتخابات والمتطوعين والمراقين لعبوا دورا مهما في دعم العملية.
كما زار السفير الهولندي لدى ليبيا أحد مراكز الاقتراع بمدينة مصراتة، حيث اطلع عن كثب على سير العملية الانتخابية.
وأعرب السفير الهولندي عن تقديره الكبير للتنظيم الجيد والشفافية التي تشهدها الانتخابات، مشيدًا بجهود كافة الأطراف المعنية في تنظيم هذه الانتخابات.
وأكد السفير على أهمية ضمان نزاهة وشفافية العملية الانتخابية في ليبيا، مشيراً إلى أن هذا يسهم في دعم المسار الديمقراطي بالبلاد.
نجاح الانتخابات البلدية في عموم ليبيا قد يفتح الباب أمام تساؤلات حول العراقيل الحقيقية التي تقف أمام إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية. فهل ستكون الانتخابات البلدية فعلاً أرضية صلبة يمكن البناء عليها لتحقيق استقرار سياسي في البلاد؟