قدم المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، إحاطته الثانية لمجلس الأمن الدولي، اليوم الثلاثاء، حول التطورات المتعلقة بالتحقيقات التي يجريها مكتب المدعي العام في القضايا المتعلقة بالحالة في ليبيا منذ عام 2011.
خلال الإحاطة، أشار خان إلى تقدم المحاكمات وأوامر الاعتقال الصادرة بحق المتورطين في الجرائم المرتكبة في ليبيا، مؤكداً أن المحكمة الجنائية الدولية ستواصل جهودها لإصدار المزيد من أوامر القبض ضد المسؤولين عن هذه الجرائم.
وكانت المحكمة الجنائية الدولية قد أصدرت أوامر اعتقال بحق 6 ليبيين في وقت سابق من العام الحالي، ومن المتوقع أن تستمر في إصدار أوامر مماثلة في المستقبل، لا سيما في ظل ما وصفه خان بالعديد من الانتهاكات الجسيمة المرتكبة خلال السنوات الماضية.
وتوقع المدعي العام أن تعمل المحكمة على توسيع نطاق التحقيقات لتشمل جميع الجرائم الكبرى المرتكبة في ليبيا، وأن تستمر هذه الجهود حتى نهاية عام 2025.
التعاون القضائي مع السلطات الليبية
أكد كريم خان في إحاطته على أهمية التعاون القضائي بين المحكمة الجنائية الدولية والسلطات القضائية الليبية.
وذكر أن مكتب المدعي العام يسعى لتسهيل عملية التنسيق بين المحكمة والجهات القضائية في ليبيا لضمان محاكمة المسؤولين عن الجرائم في الداخل والخارج. وشدد خان على أن هذا التعاون يجب أن يكون قائمًا على مبدأ التكامل القضائي، الذي يضمن أن محاكمة الجناة تتم إما في ليبيا أو في لاهاي.
تبادل الخبرات والتدريب
وأشار إلى التقدم الذي أحرزته المفوضية العليا للانتخابات في ليبيا خلال الفترة الأخيرة، خاصة بعد نجاح المرحلة الأولى من انتخابات المجالس البلدية، مشيداً بالإنجاز الديمقراطي الذي يمثل خطوة مهمة نحو استقرار البلاد.
وأضاف أن التعاون بين المحكمة والسلطات القضائية الليبية يشمل أيضاً تبادل الخبرات والتدريب على التحقيقات الجنائية لضمان جمع الأدلة بشكل أكثر فعالية في ظل التحديات الأمنية المعقدة في البلاد.
زيارة رسمية إلى ليبيا واللقاءات مع المسؤولين
ضمن الجهود المستمرة لضمان تحقيق العدالة في ليبيا، قام المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، بزيارة رسمية إلى العاصمة طرابلس حيث التقى بالنائب العام، الصديق الصور، أمس الإثنين، وعدد من كبار المسؤولين في الدولة الليبية.
وناقش الطرفان آلية التعاون بين المحكمة والسلطات الليبية في محاكمة الجرائم المرتكبة من قبل أفراد تمادوا في الانتهاكات خلال النزاعات السابقة، وقد تم الاتفاق على ضرورة التنسيق القضائي بين الطرفين لتحقيق العدالة الانتقالية، وهو ما يهدف إلى محاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم.
وأعرب خان عن دعم المحكمة الجنائية الدولية للسلطات الليبية في جهودها لمحاكمة هؤلاء المسؤولين على المستوى المحلي، مشيراً إلى أن ذلك يمثل جزءًا أساسيًا من تحقيق العدالة للضحايا.
لقاء المدعي العام مع رئيس المجلس الرئاسي
في وقت لاحق، التقى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، مع رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، في مقر المجلس في طرابلس.
وتمحور اللقاء حول التعاون القضائي بين المحكمة الجنائية الدولية ودولة ليبيا، مع التركيز على تحقيق العدالة وإنصاف ضحايا الجرائم المرتكبة في النزاعات السابقة.
وأشار المنفي خلال اللقاء إلى أن ليبيا ملتزمة بمحاسبة مرتكبي الجرائم وفقًا للقانون الليبي، مشدداً على أهمية التكامل بين النظامين القضائيين الوطني والدولي.
دعم الحكومة الليبية لاستمرار التعاون
على صعيد آخر، التقى المدعي العام أيضًا برئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، في مكتبه في طرابلس.
وقد تم التركيز في هذا اللقاء على سبل تعزيز التنسيق بين الحكومة والمحكمة الجنائية الدولية لملاحقة المجرمين الفارين من العدالة.
وتم مناقشة التحديات الأمنية والسياسية التي تواجه المحكمة في جمع الأدلة والمعلومات حول القضايا الجنائية، مشيراً إلى أن الوضع الأمني المعقد في ليبيا يعيق كثيرًا من تحقيقات المحكمة.
وأشاد الدبيبة في اللقاء بالدور الذي تلعبه المحكمة الجنائية الدولية في تعزيز العدالة الدولية، مؤكداً التزام الحكومة بمحاسبة مرتكبي الجرائم وفقًا للقانون الليبي. من جهته، أكد خان على أهمية استمرار التعاون بين المحكمة والسلطات الليبية لضمان عدم إفلات المجرمين من العقاب.
التحديات المستقبلية واستكمال التحقيقات
وفي ختام اللقاءات، أكد المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية أن تحقيق العدالة في ليبيا يتطلب تعاونًا مستمرًا بين المحكمة والسلطات الليبية، مع التركيز على إرساء العدالة الانتقالية وحماية حقوق الإنسان.
ونوه إلى أن المكتب سيعمل وفق خطة مدروسة لاستكمال التحقيقات بحلول نهاية عام 2025، داعيًا المجتمع الدولي إلى تقديم الدعم اللازم لضمان نجاح هذه التحقيقات.