للشاعر – يوسف سليمان
علق شقيق لي على منشور في بلد الطيوب ناصحا بأن اترك الشعر وتوابعه ونوابغه وما تسرب له من روافد ونوافذ وأن اهتم بشيء يفيدني فرددت عليه:
حَسَنًا أخِي
ولَسَوفَ أعمَلُ بِالوِصَايَة
أتركُ الشِّعرَ
فَبابُ الشِّعرِ نَافِذةُ الغِوَايَة
وَلَسَوفَ أبْحثُ فِي صَنَادِيقِ أبِي
عنْ بَقِيّةِ منْ تَرَاتِيلٍ قَدِيمَة
وَلَكَمْ سَأكتبُ قِصَّةٍ
مِنْ وَحْيِ أجْدادي
ومن وحيِ مِكحَلةٍ
كَانتْ تُزَيِّنُ وَجهَ أمِّي
خِشيةَ أنْ يجِيءَ الليلُ يَسرقُ بعضَ حسنٍ
بعضَ أفراحِ المَدينَة
***
حسنًا أخِي
فَالشِّعرُ مُنذُ وِلادَتِي
كالشَّمسِ تَطْلعُ كُلّ يَومٍ
هلْ تَسْتَطيعُ بأن تقولَ للشَّمسِ اختَفِ
وللنَّهارِ بَأنْ يُغَادِر
للنّوارسِ أن تُهاجرَ ..
دونَ بَوحٍ تَسْتَبِينَه
هلْ تَستَطِيعْ !!!؟
***
حَسَنًا أخِي
فَإنِ اسْتَطعت
فسَأكْتفِي بِالصّمتِ
أحرقُ كُلَّ كرّاسٍ لَدَي
كُلَّ دفَاتِرِي
كُلَّ قُصَاصَةٍ
كَم قدْ تَمَددَ فَوقَ أسْطُرِهَا حَرفٌ ظَمِيء
ومَكْتَبَتِي
ولَسَوفَ أمضِي تَارِكًا خَلْفِي
يَرَاعِي
ومِحبَرتِي
وعُكَّازِي
واحْزَانِي الدّفِينَة
***
لَكِنّنِي لا أسْتطِيع
فالشّعِرُ يَسكنُ فِي دَمِي
هلْ يَسْتطيعُ العِطرُ أنْ يَغْفُو بِلَا حِضنِ الوُرودِ
حِضنِ زَنْبَقَةٍ
اقْحِوانَة…
كَامِيلْيَا
أو يَاسَمِينة
هلْ يَسْتَطِيع!؟
لا أسْتَطِيع
فالحياةُ تَمَرُّدٌ
والكتابةُ تَقْتَضِي مِنَّا العُبُور
والسُّكوتُ خَيانةٌ لِلْحَرفِ إنْ قَطَعُوا وَتِينَه
والسُّكوتُ خَيانةٌ لِلْحَرفِ إنْ ذَبَحُوا أنِينَه