الأخبار الشاملة والحقيقة الكاملة​

2025-01-01

5:31 مساءً

أهم اللأخبار

2025-01-01 5:31 مساءً

الهوية الوطنية في ليبيا وأهميتها في إعادة بناء الدولة

الهوية الوطنية في ليبيا وأهميتها في إعادة بناء الدولة

 د . بلقاسم القاضيأستاذ الجغرافيا السياسية بالأكاديمية الليبية


المواطنة هي عضوية الفرد التامة والمسؤولة في الدولة، وينتج عن هذه العضوية علاقات متبادلة بين الطرفين تسمى (الحقوق والواجبات)،أما أصل كلمة المواطنة يرجع من ناحية تاريخية إلى الحضارتين اليونانية والرومانية للدلالة على وضعية قانونية للفرد في أثينا و روما، إلا أن معنى المواطنة تطور مع ظهور فكرة الأمة ذات السيادة وفكرة وجود حقوق أساسية للفرد.
تواجه الدولة الليبية أزمات كثيرة برزت بعد انتهاء نظام العقيد القذافي أواخر سنة 2011 أخطرها (أزمة الهوية الوطنية) أي دمج المواطنين الليبيين جميعا في إطار موحد متجاوزين انتماءاتهم الجهوية والعقائدية والاثنية والقبلية والفكرية الضيقة، وهذه الأزمة تضعف انتماء المواطن للوطن، وتؤدي بالتالي إلى تفتيت وضياع الهوية الوطنية، خاصة في ظل التركيبة القبلية للمجتمع الليبي ،حيث أن الدولة الليبية لازالت غير قادرة على ترسيخ مبدأ المواطنة كممارسة، و أن هذه المواطنة مفقودة إلى الآن في الدولة الليبية(دولة القبيلة) إن صح التعبير والتي أصبح فيها مبدأ( الكل متساوون أمام القانون) مجرد شعارات فقط .

وقد أصبح الانتماء واللجوء إلى الهويات الفرعية المتعددة في ليبيا سواء القبلية أو الجهوية أو الفكرية أو الدينية وحتى العائلية هو الحل والهروب في بعض الأحيان، حيث تداخلت هذه الهويات مع الهوية الوطنية بل وأصبحت في بعض الأحيان تعلو فوق الهوية الوطنية، في حين  أن دولة المواطنة يجب أن تكون قائمة على قيم إنسانية مجردة عن كل المرجعيات القبلية والعرقية أو الأيديولوجية فإذا لم تعالج أزمة الاستقرار السياسي وإقامة مؤسسات قوية وفعالة في الدولة الليبية فإن أزمة الهوية الوطنية ستزداد سوءاً وستكون عواقبها ونتائجها بدون أدنى شك مدمرة لمستقبل الدولة وللهوية الوطنية، وإذا أردنا بناء دولة مدنية حقيقية مستقرة، فعندئذ يجب علينا من أجل ذلك أن ننجح في خلق هوية مُوحِّدة لكل الليبيين والتأكيد على القواسم المشتركة بيننا، فالانتماء للوطن الذي نتحدث عنه هو الانتماء إلى هوية واضحة وثابتة وصالحة في كل زمان، هوية مستقلة متميِّزة تهدف إلى خدمة الشعب الليبي وليبيا، هوية ليس بها تعصب إلي قبيلة أو عرق او مذهب أو أيديولوجية معينة أو تابعة إلى دولة أخري.

هوية لا يمكن أن تأتي إلاَّ من الداخل ولا يمكن فرضها علينا من خلال التدخُّلات الخارجية.وإنما هوية تنمو تلقائيا بداخلنا دون قيود أو شروط ،والحديث عن الهوية هنا هو الحديث عن الشخصية الوطنية، ومن أجل تأكيد مبدأ المواطنة الكاملة الحقيقية لابد من إظهار كل الألوان والثقافات الليبية(العرب – الأمازيغ – الطوارق- التبو وغيرهم) لكي تبنى الدولة الوطنية التي تحتضن كل ثقافاتها على قدم المساواة، حيث أن التنوع الثقافي والعرقي لا يعيق الهوية وليس خروجا عن الشخصية الوطنية بقدر ما هو إثراء لهوية الدولة الوطنية ،ويتم ذلك من خلال إقرار سياسات التعددية الثقافية، وضمان المشاركة الفعلية في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية للجماعات المختلفة حيث أن المواطنة الحقيقية هي الضمانة الوحيدة لعدم فشل الدولة أو انهيارها، وأن بناء دولة مستقرة  مرهون بخلق هوية موحدة لكل الليبيين.

شارك المقالات:

مواقيت الصلاة

حالة الطقس

حاسبة العملة