الأخبار الشاملة والحقيقة الكاملة​

2025-01-07

11:13 مساءً

أهم اللأخبار

2025-01-07 11:13 مساءً

شاعر بين عشب الأمنيات وسجدتين

شاعر بين عشب الأمنيات وسجدتين

محمد فرحات الشلطامي

رفاقي…

أتعشبُ في الفجر هذي الصخور؟

أتزهر فوق جدار الردى الأمنيات،

وهذه البذور؟

وترد عبر الصدى الأغنيات

وتعبق في الموقد الذكريات؟

هنا منذ شهر مضى

هنا منذ عام مضى

هنا منذ قرن مضى قام سور،

وسجن وجيل من الهالكين

أتشرق شمس الربيع الحزينة

فتوقظ أحلامنا الميتات ؟

القصيدة المُصَادَرَةُ نشرا والتي تعرض باني أبياتها للاعتقال كي يكمم فاه وتغتال كلماته هي المؤثرة من الفكر كيف صاغها قوية لفكر كيف سيتلقاها ثم يترجمها واقعا يخيف من صادرها أو يعيده لنصاب إنسانيته قبل أن يغرق في كبر التسلط بالكرسي الذي لم يملؤوه باحتواء الرعية .. والشاعر الذي يترك علامات استفهام عادة في قصيدته هو المستغرب المندهش الحائر كيف لا يكون الوطن بين ” اللهم وآمين ” في كل سجدة ومع كل دعاء فجر .. والشلطامي الذي اكتسب لقب ” أيقونة الشعر والكفاح ” عن جدارة مر بكل هذا فتعرض  منذ شبابه للاعتقال ليس مرة بل عديد المرّات ابتداءً من عام 1967 حيث اعتقل بسبب انضمامه لحركة القوميين العرب.

أصدرت حكمك .. والمساء .. ما زال يعقبه الصباح

 وأُمنا الشمس الكبيرة .. حمراء تشرق

رغم مخبرك الوضيع

دعني أقول بأن ما بيديّ أو يدك الزمان

يمضي بعالمنا الكبير .. الباب يغلق والصباح .. آت

 أحس به .. كأن يداً تحطم في الظلام .. سور المحال

كأن ضحك الدهر ينذر بالبكاء

فأرى صليبك صولجانك .. وانتهاءك مبتداك

وأراك تحصد في حقول الموت .. ما زرعت يداك

وقد اعترض الشلطامي في العام 1973  على فحوى “خطاب زوارة ” معلقا على بند يتعلق بالثقافة وفيه إعلان الثورة الثقافية ولكونه لا يريد سقفا لحرية الكلمة ولا لعناوين الكتب التي يجب أن تكون في متناول المواطن جازما قدرة الكل على أخذ ما ينفعهم من ثقافة ومعرفة وترك مالا يفيد .. وأُعتقل ولم يُقدّم للمحاكمة خرج بعدها من سجنه بمزيد من قصائد الرفض .. وفي عام 1976 حيث الانتفاضة الطلابية آنذاك اعتقل للمرة الثالثة .. ليطلق سراحه دون محاكمة ويظل تحت المتابعة ردحا من الزمن ثم يعود لحياته وقلمه ويتنقل طبيعيا ويعود لعمله خارجا من بيته بحي الليثي ببنغازي .. وهكذا فعلت الكلمة القوية الصادقة المؤثرة فيمن لقب شاعر الوطن والقضية .

وتخضَّل عبر الأسى .. والدموع التي ملأت .. جفنة الخمر

من ذا يحطِّمُ .. قفل المدينة؟

يرى وجه قاتله الميّت الحيّ

خلف القناع .. وخلف وجوم العيون الحزينة.

 لم تكن حياة محمد فرحات الشلطامي سهلة بطفولة ميسرة عادية فقد عانى انفصال الوالدين ليعيش مع أخيه في كنف والدتهما التي ربتهما كخير صانعة للرجال فعمل في وقت مبكر مما أثر على سير تعليمه ولكنه استمر مكافحا واستكمل دراسته في الفترة المسائية حاصلا على الشهادة الثانوية العامة وأهلته ليكون مدرسا للمرحلة الابتدائية .. الشلطامي الشاعر الليبي المولود في بنغازي في : 3/10/1944 م ضمته مدينته منذ الولادة وحتى وفاته في 2010 ودرس في مدارسها متحصلا على الشهادة الثانوية العامة ويعمل بالتدريس في العام 1963 م حتى انتقاله لمكتبة بنغازي المركزية ثم عمل في دار الكتب الوطنية بنغازي .. واستمر فيها إلى أن انتقل للعمل بالإذاعة في الثمانينات .. ولم تتركه القصيدة ولم يتركها ..

ويهزأ عبر ثقب الباب سجّاني

غداً في هذه العتمة .. غدًا في حزمة (الشوفان)

تحرق دونما رحمة

عذابك قبل بدءِ الموت يقتلني .. أنا

من أجل أن تبقى .. عيونُك في جبين الشمس

أقتلُ دونما رحمة

لماذا الليل والعهر .. وأحذية الرجال الجوف

تعبر هذه الزحمة

اقتلني وامسح خنجرك الدامي .. في وجه الشمس

ولتكتب اسمي .. في قائمة المشبوهين

ها أنذا أكشفُ أوراقَك أقلبها

فالدنُّ المكسورة لن تملأ .. والسيفُ الذهبي..كالحربة يقتُل،

والميتة في سجن القيصر .. كالميتة تحت سنابك خيلك.

لم يكتب الشعر فحسب .. بل كتب للإذاعة الليبية عديد البرامج الثقافية المهمة وعمل في قسم المعلومات بإذاعة صوت الوطن العربي الكبير التي أصبحت فيما بعد إذاعة صوت إفريقيا .. ونشر إنتاجه في الصحف والمجلات الليبية, فبدأ مع الحقيقة ثم جيل ورسالة وكافة الصحف اليومية والسيارة حتى أن أعماله نشرف في صحيفة قورينا .. كما تلقفت المجلات والصحف العربية نتاجه الشعري العميق فعرف عربيا وتصدرت دواوينه معارض الكتب في ليبيا وخارجها …

وطني .. يا رجفة الموال في ليل القرى

يا حبيبي الأسود العينين لو أن الثرى

أحرفاً كنت القصيدة .. وأنا غنيتك الأحلام أبكيك فأبكي

وردة تنمو على الأهداب في الليل الحزين

ثم تذوي بين أيدي التافهين .. وطني يا وطني

يا صليبي قبل أن أخلق حرفاً في قصيدة

بيننا ظلت قوافيك العنيدة .. والشعارات البعيدة

وأنا أركض خلف الفجر من سجن لسجن

لأرى عينيك في كل شفق

مرة أهرب من وجهي ، وألفاً أحترق

خلفي البحر ، وقدامي جحيم ، والطرق صادرتها المحكمة

إصدارات الشلطامي خلال مسيرته الأدبية التي خاضها كفاحا وجهادا بالكلمة ضد الجهل والفقر والتسلط حصيلتها عشرة كتب تسعة منها دواوين شعرية وعاشرها نصا مسرحيا أُعيد طبعها ضمن مجلد واحد عنون   ” محمد الشلطامي المجموعة الشعرية ” وكان هذا في العام  2013 وما تضمنته المجموعة إصداراته حسب الأعوام :

1 – تذاكر للجحيم. الطبعة الأولى عام 1970. والثانية عام 1974 . والثالثة عام 1998.

2 – أنشودة الحزن العميق. الطبعة الأولى عام 1972 . والثانية 1998.

3 – أناشيد عن الموت والحب والحرية. الطبعة الأولى عام 1976. والثانية عام 1998.

4 – منشورات ضد السلطة. الطبعة الأولى عام 1998.

5 – يوميات تجربة شخصية . الطبعة الأولى عام 1998.

6 – قصائد عن شمس النهار . الطبعة الأولى عام 2002.

7 – عاشق من سدوم . الطبعة الأولى عام 2002.

8 – بطاقة معايدة إلى مدن النور . الطبعة الأولى عام 2002.

9 – قصائد عن الفرح. الطبعة الأولى عام 2002.

10 – نص مسرحي من طرف واحد. الطبعة الأولى عام 2002.

يستشرف الشعراء والكتاب بعمق تجربتهم الأدبية مستقبلا من خلال استقراء صحيح للماضي والآني في حياة عاشوها عاصروا حلوها ومرها وهذا ما يجعل تأثيرهم في مستقبل الأيام ومن يعيشون بعدهم يقرأون لهم يحيونهم في ذاكرتهم علامات وأعلام مؤثرة على مديات بعيدة لا تختفي وكما قال هو في إحدى قصائده خاتما ” أنا لن أموت ” .

قل ما تشاء

وأكتب بخط التاج

ما نحت الشقاء .. فينا  

وقل متخاذلون .. جبناء

ماتت فى عروق قلوبهم همم الرجال

أنا قد هربت .. وتركت أحذيتي ورائي

وتركت خلف الجسر صوت إذاعة الشرق القتيل

قل ما تشاء

 أنا عميل .. متخاذل ..  حاف

يجر وراءه عارا جديد .. قل ما تريد

لكنما أنا لن أموت .. أبدا

لتركب جثتى للنصر .. لا .. أنا لن أموت

جمعتها / عفاف عبدالمحسن

شارك المقالات:

مواقيت الصلاة

حالة الطقس

حاسبة العملة