الأخبار الشاملة والحقيقة الكاملة​

2025-01-05

5:52 مساءً

أهم اللأخبار

2025-01-05 5:52 مساءً

سافر ما شئت ولكن لا تُضِع هويّتك

سافر ما شئت ولكن لا تُضِع هويّتك

علي النكاع

شاب من براك الشاطيء درس علوما هندسية وتقنية في كليته هناك تأثر بالمتنبي فقرأه كما قرأ له .. فكيف يضيع هويته وهو ابن الجنوب الأصالة حيث فتحت له اللهجة المعمقة أبواب المعاني الشعرية فأتقن الشعبي ليدخل من بابه الواسع لآفاق الفصيح ويعبر عن هذا مصورا الكلام مشهدية بارقة بلغته القوية قائلا (( كان الشعر الشعبي هو البوابة الأولى للشعر الفصيح، وقد برَقَ بي برقُه، ونزَعني عِرقُه، فوجدت نفسي أحاوله من آثار الأولين، وللمتنبي النصيب الأكبر في ذلك والشِّعرُ ما أتاك انسيابا، لا ما أتيتَه اغتصابا، أرى نظمَ الشعرِ تحت نظرة القواعد شيئا ميّتا لا روحَ سكنته، فالقصيدة لا تُبتدَأُ إلا بإحساس صادق وأما مفهومها، فالقصيدة إن لم تُكتب بروح شاعرها فلن تكون قصيدة )) إنه الشاب المتحصل في الدورة الثانية من أمير القوافي على اللقب باستحقاق شاعر من الطراز الرفيع كما أتقن الشعبي في بداية رحلته الشابة أيضا كماه أتقن الفصيح وأجاد معانيهما .. علي كمال النكاع المقرحي ابن براك الشاطئ المولود فيها عام 1986 م في تتبعنا لكتاباته تأكدنا أن ثمة أبواب يفتح بعضها على الآخر في شكل متسق لا يشوه أحدها مبدأ ومنتهى صاحبه بل يكمله في أناقة .. درج هذا اللون عند بعض قليل من الشعراء خاصة وعبر صنوف الأدب الأخرى كالقصة والرواية والمقالة أن تفضي الكلمة بالعربية أو الجملة لجملة أخرى تكمل المعنى بلهجة الكاتب الدارجة في بيئته الأم وهكذا كان من النكاع حين كتب قصيدته ” شُمِّ الأُنوف ”  باللهجة .. مضمنها كلمات بالفصحى تخدم المعنى ولا تشوه التركيبة بل وكان العنوان أيضا عربي قح يخدم البيئة التي عاشها وترعرع فيها كما هو مأخوذ على الليبي الأنفة في تواضع الكبار حيث يقول : .

شُمُّ الانوف جبال

انحايوا (الهُدى) وانقتلوا (الضلال)

ما نغدروا حتى بعدو مُـحال

انجوا روس صف الحق فَـ اي ظروف

اسياد في الكلام اسياد في الافعال

بدينا اوقوف وننتهوا بوقــوف

اعلينا علي علو الامجاد ابطال

بِرِفعة منازلنا و رِفعةْ شــوف

واللي اَوهم نفسه علينا طال

انجزُّووووه من جذره مثيل الصوف

وفينا التواضع نتبعوا ما قال

الله، نزرعوا في الخير والمعروف

عطانا جلال الله ذو الجلال

طغي حضورنا والباقيين خسوف

في شهر سبتمبر من العام الجاري 2024 اقتسم لقب أمير القوافي ليحظى النكاع باللقب عن الشعر الفصيح بينما شاعر شعبي شاب يتحصل على اللقب عن الشعر الشعبي .. وعلي المتمكن من لغته يقول عن الشعر :  الشعر كون والكون له مواسم وفصول، له بحار وصحارى، والشاعر يعيش الشعر لا يكتبه فقط .. كل شاعر لا بُدَّ أن يحبو في بداياته ، هذه مرحلة أساسية للنضوج وقد جاءت المشاركة في المنافسة على إمارة الشعرعن طريق محبتي للشعر، وأنا حريص على إحياء ما مات منه عندنا .. ولا أكتب إلا ما ترتضيه نفسي ….

إلى متى نرتضي بالظلم والظلم

ذلت وشحت نفوس العز والكرم

يقاد كل جماح الدهر من لجم

ولا يقاد جماح الحر باللجم

الى ما نرتضي بالعيش مقبرة

في عيشة البؤس نحيا عيشة النهم

هذي فلسطين تعلينا ونغدرها

بكف عهد .. وغدرالعرب من صمم

متى العروبة هل مازال من همم

بل أين قلب بني الإسلام للهمم

من العروبة أصنام لنا صنعت

وذي العروبة لم تصحو ولم تنم

اصنامنا مثل عجل السامري علت

ولا أشاهد فيها عفة الصنم

وما الكلام بلا فعل يجسده

وما الفعال إذا لم تصحو بالكلم

يستمر متواصلا بين شعره باللهجة وقصيدة الفصحى شاب ليبي ما كان أن يعرف لولا أنه كما قال : من بخل على الشعرِ بخل الشعرُ عليه، الشعر يحتاج لنَفَسٍ طويل، لنَفَسِ عُمرٍ كامل … نعتقد نحن حين نبحث عن بعض من سيرته الأدبية الكبيرة قيمة الصغيرة كعمره الشاب أنه لم يبخل على بلده لتفخر بشبابها المتقن للغة العربية المتمكن من ديوان الشعر العربي في زمن نخاف على اللغة الهوية العربية من زحف لغات أخرى اعتقد الشباب أنها لغة العلم والعصر فتركوا لغتهم لتعوج ألسنتهم بغيرها أو متصورين أنهم باللهجة وحدها يصونون هويتهم متناسين أنهم يعرفون ” عربي ليبي مسلم ” أي عليه أن يتكلم بلسان عربي مبين .. كما علي كمال النكاع الذي أتقن هذا وذاك ولم يترك لغة العلم لكونه خريج علوم هندسية وتقنية قائلا عن سردياته الشعرية : الشعر حيلة أشبه بالسيناريو الدرامي، والشاعر بطبيعته يُجيد الحبك والسبك فيُحسن الإمساك بالقلوب والعقول لآخر القصيدة ، وهذا أمر صعب جدا، وأما التأثير فهو الكتابة للناس والشعر قرأته جملة قديمه وحديثه وحيثما وجد الشعر وجدت أنا .. وكل يتشكل وعيه حسب تجاربه وقراءاته والشعر لا يحتاج لموعد ليكتب يأتي بلا موعد فالشاعر مزاجي .. وبالنسبة لحديث الشعر ومستجدات شعراء الحداثة وقديمه المعروف يقول بإيجاز متقن ”  فلنجدِّد ولا نتشدَّد ” شِعرُنا أصولُهُ الأوَّلون، ونحن فروع لهم، ولا حياة للفرع إن انفصل عن أصله، ولكن هذا لا يعني التقليد لهم، فلنكتب البديع الجديد امتدادا لا ابتعادا، وفي اعتقادي من ينادي بالتجديد المزعوم قد وقع فيما نفّر عنه وهو التقليد الأعمى، فأقحم لنا أساليب أدب ليست من هويتنا .. وحفاظك على هويتك لا يعني أن لا تتجاوز حدود المدن ولا تسافر، سافر ما شئت ولكن لا تُضِع هويّتك.

وأختم ما بحثته عنه من هنا وهناك لنعرفه عن كثب ونعرف به القارئ المهتم ببعض من أبيات قصيدته التي أشاد بها النقاد ولجنة الحكم في نهائي مسابقة أمير القوافي 2024 :

امتطي العز والعزيز عزيز

شمسه في غروبها الأضواء

قالت العز مهلك قلت

حر موته او حياته ارتقاء

متى العروبة فينا حكم القزم

” يا امة ضحكت من جهلها الأمم “

دماؤنا لذيول الذل تسلمنا

يا أمة النوم لا سيف ولا قلم

بأي نص نلاقي نص عزتنا

أبالندامة كاف هل لنا الندم ؟

شارك المقالات:

مواقيت الصلاة

حالة الطقس

حاسبة العملة