حادثة سقوط طائرة الخطوط الجوية الليبية الرحلة 1103 في 22 ديسمبر 1992 لا تزال واحدة من أكثر الكوارث الجوية إثارة للجدل والغموض في تاريخ ليبيا. الحادث أسفر عن وفاة 157 شخصاً، بينهم 147 راكباً، معظمهم ليبيون، وطاقم مكون من 10 أفراد. كانت الطائرة متجهة في رحلة داخلية من مدينة بنغازي إلى العاصمة طرابلس عندما تحطمت على مشارف مطار طرابلس.
ملخص الحادثة:
الطائرة من طراز بوينغ 727 كانت تحلق على ارتفاع 3000 قدم استعداداً للهبوط في مطار طرابلس.
اصطدمت بطائرة حربية من نوع ميغ-23 تابعة لسلاح الجو الليبي، ما أدى إلى انفجارها في الجو وتحطمها.
قتل جميع ركاب الطائرة المدنية، بينما نجا طاقم الطائرة الحربية باستخدامهم كراسي النجاة.
مفارقة رقم الرحلة:
ما يجعل هذه الكارثة الجوية غير عادية هو التشابه اللافت في رقم الرحلة مع حادثة تفجير طائرة شركة “بان أميريكان” الرحلة 103 التي سقطت فوق مدينة لوكربي في اسكتلندا. تلك الرحلة الشهيرة اتُّهمت ليبيا بالتورط في تفجيرها، مما يجعل رقم الرحلة “1103” في الحادث الليبي مصدر تساؤل وغموض إضافيين، حيث تذكر شهادات أن رقم الرحلة تغير بطلب من العقيد القذافي.
ملابسات غامضة:
دور المقاتلات الحربية: الغموض يحيط بالدور الذي لعبته طائرات مقاتلة تابعة لسلاح الجو الليبي، بعضها ينتمي إلى “السرب الخاص” توجهت نحو الطائرة واصطدمت بها، مما يثير الشكوك حول الطبيعة الحقيقية للحادث.
تفحم الجثث وانصهار الهيكل: الحادث لم يكن نتيجة خلل فني أو بشري طبيعي كما هو الحال في أغلب حوادث الطيران، بل انفجرت الطائرة في الجو، مع تفحم الجثث وانصهار أجزاء الطائرة بالكامل.
الرواية الشائعة عن تحطم طائرة الرحلة 1103:
وفقاً للرواية الأكثر تداولاً، عند اقتراب طائرة الخطوط الجوية الليبية من مطار طرابلس الدولي على ارتفاع 3500 قدم، انفجرت في الجو وتناثر حطامها على مساحة واسعة فوق منطقة سيدي السايح بضواحي العاصمة الليبية. وتزعم الرواية أن طائرة الركاب الليبية اصطدمت بطائرة حربية من طراز “ميغ – 23″، ما أدى إلى تحطم الطائرتين. وفيما قتل جميع من كان على متن طائرة الركاب، نجا قائد الطائرة المقاتلة ومساعده، وتمكنا من الهبوط بسلام.
نظرية الحادث العرضي:
تشير إلى أن اصطدام الطائرة المدنية بطائرة تدريب عسكرية كان السبب المباشر لتحطمها.
أدى سوء التنسيق بين برج المراقبة والطائرتين إلى وقوع الحادث.
تم تحميل المسؤولية للطيارين العسكريين ومراقب البرج.
نظرية الحادث المدبر:
تفترض أن الطائرة المدنية تعرضت لهجوم مباشر، سواء بصاروخ أو مقذوفات عسكرية.
يستدل أنصار هذه النظرية بحالة انصهار الهيكل وتفحم الجثث، مما يشير إلى وجود انفجار أو قصف.
شهادات تزيد الغموض:
على سبيل المثال، أشار قائد طائرة مروحية كانت تحلق بالقرب من موقع الحادث إلى أنه رأى طائرة بوينغ تلاحقها طائرة عسكرية أطلقت ثلاثة صواريخ: الأول انفجر في الأرض، والثاني أخطأ هدفه، والثالث أصاب الطائرة المدنية مباشرة، مما أدى إلى انفجارها واشتعال النيران فيها.
كما تحدثت شهادة قائد طائرة حربية أخرى عن إصابة طائرته بشظية معدنية بعد الانفجار، مما أجبره ومساعده على القفز باستخدام نظام الطوارئ.
العقيد معمر القذافي عن الرحلة 1103:
علق العقيد معمر القذافي على هذه المأساة الوطنية بعد أسبوع من وقوعها بكلمات أكثر غموضاَ في حديث عرضي أثناء تجوله بمدينة سبها و لقاءه بطلبة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية يوم 31\12\ 1992م…
سقطت طائرات كثيرة، وبالأمس سقطت طائرة ليبية، والتحقيق جاري، وهذه الطائرة لا تخرج عن هذه العملية…
1. إذا كان هناك خلل في التوجيه و في البرج و نقص في المعدات بعدم القدرة على تقدير المسافة والإرتفاعات و السرعة و غيرها… أو خلل في الطائرة… و هذا يرجع لقطع الغيار و التي هم منعوها عن المطارات الليبية، و جريمة هم ارتكبوها وهم يكونوا قد ردوا على – البانام _ لوكربي – بهذه الطريقة، و كأنهم أصدروا حكماَ و خلاص، القضية انتهت بهذا الحادث… إنهم أصدروا حكماَ بأن ليبيا مدانة و أنهم أسقطوا لها طائرة مقابل الطائرة التي اتهموا بها ليبيا… يبقوا هكذا…
2. إذا كانت النتيجة عمل تخريبي…هو أيضاَ عمل لا ينجو منه الغرب… لأنه وقع في نفس الميعاد لطائرة _ لوكربي _ إما أن يكون من المخابرات الغربية مكلفة عملائها بإحداث هذا الحادث رداَ على _ لوكربي _…
3. أو إذا كان انتقام من الجيش الجمهوري الأيرلندي الذي تخلت عنه ليبيا و أعطت عنه معلومات للدول الغربية و لبريطانيا بالذات… يمكن أن يكون هو قام بهذا… هذا أيضاَ هم يتحملوا مسؤوليته… هذه الأسباب الثلاثة لحادث الطائرة أمتاع سيدي السايح… لا يخرج عن هذه الأسباب الثلاثة… و الأسباب الثلاثة هذه تحمل الغرب المسؤولية كاملة على هذه الجريمة البشعة…
إذا كانت نتيجة قطع الغيار…هم الذين ارتكبوا هذه الجريمة، لأنهم هم الذين منعوا قطع الغيار من الطائرات المدنية و سبق تنبيههم أن الطيران الليبي معرض لكارثة إذا أستمر الحظر )..
هنا إنتهى حديث القذافي حسب رواية نقلها موقع المنارة
وزير الداخلية إبراهيم بكار:
قام نظام القذافي بإلغاء أربع فرق للتحقيق كان وزير الداخلية أبراهيم بكارأمر بتشكيلها للوصول إلى حقيقة أسباب الكارثة؛ و التي من أهمها لجنة سلامة الطائرات التابعة لمصلحة الطيران المدني الليبية؛ ثم أبقى على لجنة واحدة كان على رأسها الطيار العسكري: الطاهر برقان. ليقوم النظام من خلالها بتوجيه التحقيق، و طي حيثيات الملف، وخلال فترة التحقيقات تزايدات الضغوطات على إبراهيم بكار من قبل ذوي المفقودين ببنغازي، فقال لهم أمهلوني أربعة أيام وسوف أتي لكم بحق أبنائكم والحقيقة كاملة. غادر إبراهيم مدينته التي أحب وأحبته، في السادس من يناير عام 1993 أثناء عودته من مؤتمر الوزراء العرب بتونس تعرض لحادث سير أليم. وعاد بكار إلى مدينة بنغازي ميتاً.
الخلاصة:
بين الروايات المختلفة والمفارقات المتعلقة برقم الرحلة، تبقى حادثة الرحلة 1103 محاطة بالغموض والشبهات. وعلى الرغم من مرور أكثر من ثلاثة عقود، فإن الحقيقة الكاملة وراء هذه الكارثة لا تزال غائبة، مما يجعلها واحدة من أكثر القضايا إثارة للجدل في تاريخ الطيران الليبي.