الأخبار الشاملة والحقيقة الكاملة​

2025-01-06

4:57 مساءً

أهم اللأخبار

2025-01-06 4:57 مساءً

النيهوم .. في ربيع إبداعها ..  تصيدت ألوان فراشاتها

ليلى النيهوم .. في ربيع إبداعها ..  تصيدت ألوان فراشاتها

من أفق اللازورد

هذه ليلى النيهوم .. كتبت في بعض من خاطرة ” طريق “

من أين يبدأ الرسام؟ من الأفق؟ ويمتد حتى عدستي من خلف زجاج السيارة الأمامي؟  يشوبُ الصور ندىٰ تناهد الطريق وزفرات جارح حلّق منخفضاً أمام العربة.  جذوع أعالي الغابات محمولة على شاحنات. في مكانها حلّتْ صنوبريات زُغّب. وفي الطريق ألمح حصاناً يرتع في العشب الغض لحظة أنزلتْ الصديقة بحرها وخيره الفائض على الرمل هناك. في المروج ذات المناقع وطمائر الربيع تهنأ عدة بقرات بمضوغاتها تجترُ أحلام العابرين. كروم أعناب صاغها شفق الخريف لوناً موحدا.

هي ليلى عقيلة النيهوم المزدحمة بالإبداعات وكأنها تعلمت من جمالها وعذوبتها وأخلاقها الرفيعة لتربية رفيعة المستوى من أب مربي أجيال الحاج المرحوم عقيلة النيهوم وأم سليلة عائلة بن عامر المتعلمة الراقية .. فجمعت ألوان الإبداع وأجمل ماعرفته عنها لوحاتها الأنيقة وفرشاتها الناعمة والأجمل عشقها لزراعة الورود والاعتناء بها والنباتات اليانعة حولها تعطيها الحياة وتأخذ منها المتنفس .. وهي الكاتبة, وصاحبة اللقطة المصورة المحترفة ورجوعا لتخصصها الأكاديمي وهي خريجة قسم اللغة الإنجليزية من جامعة قاريونس منتصف الثمانينيات من القرن الماضي فكانت عن جدارة المترجمة الأدبية والشاعرة الليبية بلونها الشعري الخاص جدا وقد كتبته بالعربية كما قصصها وحكاياتها وأشعارها باللغة الأخرى التي تتقنها .. وكأنها وعدت منذ ولدت في 24 / 10/ 1961 ببنغازي بأن تكون هذه الليلى المختلفة التي كانت لصيقة بصداقة وتقارب مع خالتها المبدعة المتميزة الدكتور سكينة بن عامر .. فكانت هي أيضا عن بنات جيلها المبدعات في بنغازي بل وليبيا  أول مؤلفة ليبية تؤهل للانضمام إلى برنامج الكتاب الدولي في جامعة مرموقة آيوا الواقعة بولاية آيوا الأمريكية وهي  أول مؤسسة تعليمية أمريكية تمنح الاعتراف العلمي للأعمال الإبداعية، وقد أنشأت درجة علمية خاصة بهذا المجال هي درجة الماجستير في الفنون الجميلة.

عيناي أوسع من دوائر انتخابية

وأعلى السقفِ خراف تَغُذُ نَهفَتها

على سُحُبٍ بيض الندفات

فلوات عالية الوجيب

تلبث في طياتها أضغاث بلاد

هذا بعض من أبيات كتبتها وحين سألت عن أشعارها قالت :

الشعر مزق روحي و نجواي في هذا العالم .. احياناً ألمح دما ينز من قصائدي .. أحياناً تهمس لي قصيدة ما حين أراجعها باسم ما

كتبت ليلى قصائدها بداية بالإنجليزية ولم تقرر حين أبحرت في العربية أيهما الأقرب ولكنها من كل بد كانت تحمل لإحداهما خصوصية .. ففي بداية الألفية الثانية بدأت النيهوم تكتب أشعارها بالإنجليزية التي درستها و درست آدابها فكانت كما تجزم الباب السحري الذي أخذها إلى عوالم أخرى أي بين الأعوام 2000 إلى 2002 وهي التي عاشت حياتها العملية تحلق في فضاءات فسيحة للغتين العربية والإنجليزيها فكانت تنقلهما إلى بعضهما بعضا عبر التراجم قالت حين سألت في هذا :

كانت قصيدتي باللغة الإنجليزية تخرج قصيرة و في منتهى المعنى على شكل (هايكو ) في قمة جزالته وايماضته من الطبيعة . الهايكو كان أول ملهاتي في اللغة الانجليزية لقربه من ذاتي المحبة للطبيعة والتي لا تمر فيها مرور عابر. و كنت أشارك به وبشكل يومي مكثف في إحدى المجلات الإلكترونية في بدايات الألفية. 2001/2002. ثم أخذ القلم يمد خطاه في أرخبيل اللغة واتسعت عبارة القصيدة  منذ أن تم اختياري لأكون أول كاتب من ليبيا يشارك في برنامج الكتّاب العالميين العريق بجامعة آيوا الامريكية عام 2005. وتستطرد متماهية بين ملكتين لصنفين من الإبداع يكملان ذاتها .. عشقي للشعرية العربية لا ينافسه إلا عشقي للغة الإنجليزية حين تكون شعراً فلها ذائقة خاصة. لعلني في الإنجليزية والتعبير بها شعرياً أنا أكثر جرأة و توغلاً في بوح الذات. في العربية أنحو جهة الحزن الشفيف و وجع العالم و الاستغراب البليغ والهجاء أيضاً. فذلك موروثنا الشعري العربي الخالص بسبب واقعنا المرير و ما يلف لفه.

قيل ومن لا يتلمس هذا فعليا في بلادها ليبيا ومدينتها بنغازي إنها الرائدة في إعادة تشكيل المشهد الأدبي في ليبيا فهي الكاتبة المعاصرة الرائدة والناقدة للمشهد الفني في ليبيا… عملت ليلى عقيلة النيهوم صاحبة السيرة الفخمة كما إنسانيتها وإبداعاتها في المؤسسة العامة للصحافة فرع بنغازي تصول بأعمالها الصحافية المتميزة بلغة صحفية رصينة متكاملة بعد تخرجها من جامعة قاريونس واستمرت بين زملائها حتى سنة التحاقها بزوجها في أميريكا نهاية الألفية الأولى .. لتبدأ حياة مختلفة هناك ميزتها بأعمال لها نكهة تجربة متفردة .. باحت فيها بكل مكنونات إبداعها التي كانت راكدة أو نائمة .. فأنهضها الطقس البارد الدافع للنضج مكانا وزمانا وغربة ودفء حياة بلورتها من جديد كاتبة وفنانة ومترجمة .

بعد برهة من الزمن تكشفت موهبتها الشعرية وخُلقت قوية ألوانها فاقعة كباقاتها وزروعها ولوحاتها وصورها الفوتوغرافية وكماها بهية رغم حزن يعتلي قامات القصيد المبكي ..

” كم عدد الطلقات أُماه؟

و انا ارى الكلام حشود على

لسانها المفجوع

وبأي فأس سأقتلع العيون

و كيف سأطوع نفسي على

مضغ الأكباد “

من يعرف ليلى سيدرك أنها كتبت هذا النزيف من الكلمات بعد وفاة شقيقها إبان الفوضى التي اجتاحت البلاد منذ 2011 إلى 2014 م ولم تكن حينها في البلاد وهنا الوجع بأنينين وفقهتين للخاطر المكلوم وويلين حلا بقلبها الرهيف غربة وفقد .. حين سألت عن ديوانها ذاك الذي ينز ألما قالت :

تصوري حجم حزن انبت كل هذا الغل والوحشية ؟ الحزن انطقني نصوص (بمنعطفٍ من شارع( DeWolf) ” تعني ديوانها الأسمته بمنعطف شارع ديقولف “ وكم بكيتُ في ذلك الشارع وانا اعود مهزومة الروح -بعد ان قطعت اميال من الحسبنة – الى بيت ضج من حزني هناك. والي (سكايب) خلى من وجه شقيقٍ قلبه بحجم الكون …. تم الاحتفاء بديوان كتب في أميركا حيث كانت تعيش ردحا من الزمن شاعرتنا وكاتبتنا الليبية المتميزة منذ عرفتها صحفية مترجمة في مؤسسة الصحافة أواخر حقبة الثمانينيات بداية التسعينيات وإلى أن غادرت أنا بنغازي وتواصلنا أصبح بأن أستعلم أخبارها من الصحب وأدرك أن من جبل على الحيوية والإبداع لن يتوقف واستقيت بعضا من قراءة الدكتور ( أمينة المغيربي ) في ديوانها الأول قالت عنها فيه ولها :

 تبوح بمحتوى وبنية قصائد النثر التي نسجتها الكاتبة في هذا الديوان .. فالعنوان يحدد فضا ًء معيناً يقبع خارج حدود الوطن متمثلاً في بقعة من العالم اختمرت فيه هذه القصائد وخرجت حروف وكلمات حية على الصفحات البيضاء تتأمل الكاتبة فيها أشواقها وشجونها وتتفكر في الأحداث المؤثرة والصادمة في بلدها والتي تختبرها وتؤثر فيها وهي متواجدة عن بعد في بلاد الغربة، فتقول: “أغيب هنا لأكون هناك / أدرك الآن وعورة المفترقات”. وفي قصيد بعنوان “بيت أبي” تعبر عن هذا الشعور بتواجدها بعيدة عن الوطن…

من خصائص الشباك تسري الياسمين

عطرها بيت أبي

طرقة أخي على الباب

هناءة عشيات قاريونس

والوطن

وأنا هنا

باكر صباح Clovis

ابكيهما والوطن

وكل من رحل

منذ العام 2011

في كل ما تقرأ من قصص قصيرة وحكايات تجذبك من الحرف الأول لتجرك جرا حانيا نحو ختامها وتقول هل انتهيت تجد روحا وثابة نحو المزيد من الشغف لمعرفة كنه الحياة في الأشياء المحيطة بل في الناس ربما .. حتى في كتاباتها النقدية قراءاتها الثانية للروايات العالمية كما في ” هامنِتْ ” التي خلخلتها وهي في لندن 14ديسمبر 2021 قالت في منتصف المعاني :

هامنِتْ رواية انسانية تاريخية مستوحاة من حياة هذا الصبي ابن شكسبير الذي كان نسياً منسيا ولكن اسمه مُنح لواحدة من أعظم المسرحيات الخالدة .. تستقي الكاتبة أسم زوجة شكسبير من وثيقة لوالدها كتب عليها الى ابنتي آغنيس. فيما تناولتها كتب اخرى باسم مختلف. الزوجة التي عاشت في الظل ولم يُعرف عنها شيء والتي ظُلمت كثيراً بسبب ان شكسبير الأكثر شهرة والأكثر غموضاً تركها واولاده في الريف واستقر للعمل في لندن. قصة طويلة خلاصتها ما وصلت اليه الروائية عبر ابحاث متواصلة   وتأجيلات نشر. اهم خلوصاتها ان في روايات شكسبير موارد كثيرة حول الاعشاب الطبية وعلومها لذلك افترضت ان هذا التأثير من وراء زوجته المشتغلة افتراضاً في العشابة الطبية والتي اورثتها ندم كبير وخسارة كبيرة كونها رغم علومها هذه لم تتمكن من انقاذ حياة هامنِتْ. وان شكسبير كتب مسرحيته هاملت اثناء حداده على طفله. وان الروائية ادخلت ثيمة الطاعون بالرواية قبل دخول الكورونا على البشرية وكانت مصادفة زادت من شهرة الرواية.

أما حكاية صَّمْتُ اَلْغَّمَامْ التي كتبتها في (كلوڤيس في 2021/6/9) تخيرت منها جزئية لها علاقة بما استشفيت عن شخصها ونفسيتها فتقول في جزئية منها :

رَغِبَتُ اِقْتِنَاءَ هَذِهِ اَلنُّسْخَةِ اَلْمُسْتَعْمَلَةِ لِأَنَّنى لاحَظّتُ بِهَا هَوَامِش وَشُرُوحَات وَآثَارُ لقَارِئٍ شَغُوفٍ اِقْتَنَاهَا ذَاتَ يَوْمٍ. أُحَبَّ تَتَبُّعُ أَفْكَارِ غَيْرِي وَتَفَاعُلُهُمْ مَعَ اَلْكُتُبِ اَلَّتِي تُلَامِسُ وِجْدَانَهُمْ هذا الأمرُ يَجْعَلُنِي أَتَعَامَلُ مَعَ ثَلَاثِ مُسْتَوَيَاتٍ لِلْقِرَاءَةِ. وَأَتَعَامَلُ مَعَ مُخَيِّلَتِي وَهِيَ تَنْتَقِلُ مِنْ مُسْتَوًى لِآخَر. لَعَلَّ رَدِّي مَسَّ وَتَرِ مَا لَدَيْهَا. لَعَلَّهَا قَارِئَةُ شَغُوفٍ مِنْ عُضْوَاتِ نَوَادِي اَلْقِرَاءَةِ اَلْمُنْتَشِرَةِ بِالْمَدِينَةِ. أَوْ بِالْأَحْرَى – بِالنَّظَرِ إِلَى مُسْتَوَى اَلرِّوَايَةِ – لَعَلَّنِي صَادَفَتُ كَاتِبَةَ مَا أَوْ نَاقِدَةٍ أَوْ أُسْتَاذَةِ أَدَبِ مِنْ جَامِعَةٍ فِرْزَنُو اَلْقَرِيبَةَ. لَا يَسْتَطِيعُ اَلْمَرْءُ اَلتَّعَرُّفُ عَلَيْهِمْ أَوْ تَمْيِيزِهِمْ. إِلَّا إِذَا كَانَ يَعْرِفُهُمْ شَخْصِيًّا أَوْ رَأْيِ صُوَرِهِمْ. جُميعَهُم مُتَوَاضِعون فِي لِبَاسِهِم وَفِي مَعَاشِهِم. وَلَا يُعْلِنُونَ عَنْ أَنْفُسِهِمْ. عَادَتْ وَسَأَلَتْنِي وَكَأَنَّهَا اُلْتُقِطَتْ فِي أُذُنٍ صَاغِيَةٍ: و(أُسَمِّي اِحْمَرَّ؟)* اِلْتَفَتَ إِلَيْهَا بِسُرْعَةِ وَقَلَّتْ لَهَا وَكُلِّي إِقْبَالٌ: أُصَنِّفُهَا أَعْظَمَ مَا كَتَبَ. قَرَأَتْهَا مُنْذُ زَمَنٍ بَعِيدٍ فِي بِلَادٍ بَعِيدَةٍ. وَلَازَالَ صَدَاهَا وَظَلَامُهَا يُرْبِكَانِنِي.

كان يكفي من سيرتها مع صورتها اختزال الكلمات فيها .. أنها ليلى النيهوم الكاتبة, المصورة, المترجمة الأدبية والشاعرة الليبية وأول مؤلفة ليبية تنضم إلى برنامج الكتاب الدولي في جامعة مرموقة من (( برنامج الكتابة ولاية ايوا)) ولكننا أحببنا أن نعرفها أكثر وعن قرب معتزين بكل أديبة ليبية مثقفة وراقية تترك بصمتها ثابتة في مجالات مختلفة .. استقيت وأنا أجمع سيرتها العطرة بكل أنيق بديع أنها و بمناسبة اليوم العالمي للشعر والذي يصادف يوم 21 مارس من كل عام ، وحيث ولدت في دهشة الزمن شاعرة تكتب الشعر الذي تعيشه وتعيش الشعر الذي تكتبه عبارة قالها عنها الكبير الأديب جمعة الفاخري حيث أقامت منظمة أمازونات ليبيا في تلك المناسبة حفل توقيع لديوان أول وليد عن دار الجابر للنشر والطباعة للعام 2021 م للشاعرة ليلى النيهوم عنوانه (بمنعطفِ من شارع DeWolf) في بنغازي للشاعرة ليلى النيهوم ضم قصائد مبعثرة التواريخ قد تعلوها ربكة وحيرة ، قد تكرر مغناتها أو تركل حنو جاء في اتجاهها . قد تختلط في أطوارها العربية بالإنجليزية وتحضر الهوامش والشروحات حيناً وأوقات تغيب ، هكذا عمداً. لا حد فيها بين الضحك والجد، بل ثمة تخوم ملاصقة للبكاء والغناء.

فَتَّشْ فِي الدَّائِرَةِ الْأقْرَبِ

فَثَمَّ ضَالَّتُكَ

وَحَيْثُمَا اِمْتَدَّتْ ذِرَاعُكَ

رَشَقَتِ الْإِبْرَةُ فِي حَافَّةِ الْكَوْنِ

وَمَضَى قِطَارٌ مِنْ سَمِّ الْخِيَاطِ

فَتَّشْ فَفِي أَعْلَى الْمَجْرُورِ ضِفْدَعَ يُنْقِ

وَعُلِيَ لِسَانُهُ اِلْتَصَقَتْ مَجَرَّةٌ

وَفِي غُمَّارِهِ شَبَكَةَ عَنَاكِبِ

وَبَرَاغِيَّ مَفْكُوكَةَ

فَتَّشَ فَخَلْفَ صَفِّ السَّرْوَاتِ

عُيُونٌ

وأحماض حَارِقَةً

وَفِي الْأَجَمَاتِ ِإلتباسْ

فَتَّشْ فعلىٰ يَمِينَكَ قِنَاعٌ

وَعُلِيَ يُسْرَاكَ أفقٌ بَليدَ

وَخَلْفَكَ عبِاب

فَتَّشَ فَثَمَّةَ ثُقُبِ مِفْتَاحٍ

أَدُرْ فِيهِ عَيْنَكَ

فَفِي ظَلَّ الْقَمَرُ لِثَامٌ

وخَمْسَة أَمْيَالٍ مِنْ حُقُولٍ غَامِضَةٍ

ووَادٍ وَسِيطُ

فَتَّشَ وَاِقْرَأْ نَفْثُكَ سَطَّرَا سَطْرَ

فَفِي الدُّخَانِ رُموزً

فِي الْغَيْبِ أَحَاجِي

وَفِي الْفُطْرِ المتعالي لِلسَّمَاءِ

أَلَّفَ سُؤَالٌ

جمعتها / عفاف عبدالمحسن

شارك المقالات:

مواقيت الصلاة

حالة الطقس

حاسبة العملة