خالد محمود
إذا ربطناه بحركة التجارة العالمية في حوض البحر الأبيض المتوسط يعد واحداً من أهم الموانئ المطلة على الساحل الجنوبي من البحر الأبيض المتوسط وهو اقرب نقطة اتصال بحري مع الدول التي تقع إلى شرق ليبيا، بموقع فريد وتعاريج نحتتها الطبيعة ، وارتبط الميناء في حقب ماضية بالمدن الخمس اليونانية في الجبل الأخضر غربا والإسكندرية شرقا ، وبحسب الروايات التاريخية فإن المهاجرين من جزيرة كريت اليونانية عندما وطأت اقدامهم شاطئ طبرق فلاحظوا أن طبرق تقابل مباشرة مدينتهم بيرغوس فأطلقوا على طبرق أسم أنتِِ بيرقوس أي المدينة المقابلة لمدينة بيرقوس .
يخبرنا التاريخ أن رحالة ألماني يدعى كوتيفور زار طبرق في العام 1883 وقال عن الميناء انه كفيل بالسيطرة على البحر الأبيض المتوسط ، سفن القائد الفرنسي نابليون بونابارت تعرضت لخطر انكشافها للعدو في عرض البحر، وكان العدو آنذاك بريطانيا ، في العام 1805 عرفت الإمبراطورية الفرنسية الأولى بسيطرتها على البر في القارة الأوربية بينما البحر كان يقع تحت سيطرة بريطانية خالصة، وفرضت بريطانيا حصارا بحريا على فرنسا، ويقال أن نابليون بونابرت استخدم ميناء طبرق لترسو عليه سفنه تمويها او تكتيكا في تلك الحرب، الميناء أيضاً استخدمه الأتراك ببناء منارة للسفن.
في الحرب العالمية الثانية شهدت طبرق اعنف غزو بري وجوي وحاصرها ثعلب الصحراء أرفين رومل 241 يوما، وغرقت في لجة خليجها 106 قطعة بحرية من آثار القصف في تلك الحرب ، سان جورج هي واحدة من اشهر السفن التي غرقت في خليج طبرق حيث يسمى عليها الآن بمدينة طبرق مصيف سان جورج وفندق سان جورج، اليوم يشهد ميناء طبرق انتعاشة كبيرة حوالي 90 سفينة وباخرة تجارية خلال هذا الـ عام 2024 تحمل القمح والشعير ومواد أخرى تدخل في مشاريع الإعمار والتنمية وأيضا مواد غذائية وغيرها من المواد الصالحة للاستهلاك.
الميناء اليوم أصبح منطقة حرة وهذا يعني أنه يندرج تحت معاني كثيرة في التجارة البحرية، فالمنطقة الحرة دائما تتميز بالمرونة و الانسيابية والقدرة الاستيعابية للكثير من البضائع الواردة من جميع أنحاء دول العالم ، من جهة أخرى فإن خليج طبرق يعتبر احد اهم نقاط تصدير النفط الخام عبر مينائي الحريقة والبريقة ، وعن كفاءة الخليج في استقبال السفن تقول احدى الدراسات ان أعماق الخليج تتراوح من 16 إلى 20 مترا وتقل كلما اتجهنا إلى الداخل وصولا إلى ميناءه التجاري الذي تبلغ الأعماق فيه إلى 7 متر تقريبا، وهذا يعطينا مؤشر ان الميناء يستقبل السفن ذات الغاطس الصغير ، ولا يمكنه في المرحلة الحالية استقبال سفن كبيرة كالتي نشاهدها في قناة السويس او الموانئ الكبرى في العالم.
لعل من نافلة القول أن الميناء بحجم تاريخه وقدرته على الإنتاجية إلا انه يعاني من بعض التلوث مثل انفلات مياه الصرف الصحي او مياه التوازن التي تخلفها السفن النفطية إجمالا يعتبر الميناء بوابة حقيقية نحو التنمية والازدهار وطرحت عدة أفكار مهمة لتحويل طبرق إلى مركز التجارة البينية تربط أوروبا بأفريقيا كما يمكن الاستفادة من شواطئ طبرق في بناء ورش للسفن ومصانع لتعليب سمكة التونة. .