سلطت وزارة السياحة والصناعات التقليدية بحكومة الوحدة الوطنية الضوء على معاناة في مسالك الصحراء من خلال استعراض ملخص قصة شخصية للمتسابق “لينز فريتش” – مشارك في ماراثون تحدي الصحراء 2009.
ونقلت الوزارة عن المتسابق:
بمنطقة جبال أكاكوس جنوب غرب ليبيا، بدأت فصول المعاناة لمسافة 190 كيلومتراً، صعوبات تلو أخرى، وما أن تختفي إحداها تبرز غيرها.. وسط متاهات متوالية، ومسالك مبهمة، ودروب تغيب عنها التفاصيل.. على إمتداد 75 ساعة.. حصيلة مشاركتي في ماراثون تحدي ليبيا.
البداية تقدمت بشهادة اللياقة الصحية، ونتائج تخطيط القلب للجنة الأطباء المصاحبة للحدث.. وتخطيت المرحلة الأولى بنجاح.. تنفست الصعداء.. ولكن لمحة عن بعد لتلك الكثبان الناعمة، وهي تتناوب مع الصخور.. بسيطرتها على مساحات شاسعة عبر الأفق، كفيلة بأن ترسم أمامي ملامح “مستحيل”.. ومع كل لحظة تتدافع الدماء داخل عروقي، وتتأجج بوادر صراع رهيب.. وفجأة تسري رغبة التحدي للانطلاق.. حملت أمتعتي الشخصية وباقي التجهيزات على ظهري، وكمية قليلة من المياه.. والقليل من الذكاء.. والكثير من الحكمة.. وجهاز تحديد الاتجاهات.. وأفكار وحيل أخرى حول تقسيم المؤنة على طيلة أيام السباق.. مع ساعات الصباح الأخيرة.
جهاز يسرق اللحظات
بدأت رحلتي تأخذ طابع التشويق على طول المسارات المحاذية لسلسلة جبال أكاكوس، عبر وهاد تتخللها مناظر الصخور المتناثرة حيناً، والمنبثقة من بساط الرمال الذهبية أحياناً.. والشمس تنحت ظلالاً بانعكاساتها على التشكيلات الصخرية.. ولايختلس اللحظات من متابعة تلك المناظر الطبيعية النادرة، سوى النظر إلى جهاز تحديد المواقع كلما قطعت 200 متر، وفق متطلبات السباق.. والسير وسط فضاءات الصحراء.
وجه بتفاصيل أخرى
مع وصولي إلى نقطة المراقبة على مسافة 20 الكيلومتر الأولى من نقطة الانطلاق تزودت بالمياه، وأجريت فحوص طبية سريعة، واستأنفت رحلتي.. وفي المساء بدأ الانخفاض الملحوظ في درجات الحرارة إلى 5 درجات مئوية معلنة عن حضور الليل بتفاصيل جديدة من وجه الصحراء الأخرى، وشرعت في نصب خيمتي، استعداداً للخلود إلى النوم.
سيطرة وجبروت
استيقظت مع أنفاس صباح ما قبل الشروق – لأن للصحراء تقسيماتها الزمنية الخاصة – ووفق المقرر أكملت إجراءات الفحص الطبي.. لاستئناف المسير.. وكانت المرحلة القادمة السير عبر الكثبان الرملية.. ورغم نعومة الرمال فإن لها سطوتها وجبروتها على أقدامنا.. لاسيما وأن البثور والتقرحات أخدت في الانتشار سريعاً.. وارتسمت أولى فصول المعاناة على صفحات الكثبان الرملية .. ورغم ذلك، وبعد 64 ساعة و54 دقيقة من السير استنزفت كثيراً من الوقت في التقاط الصور.. لبانوراما الصحراء الرائعة.. ما لحقني ب 22 من المتسابقين الذين لم يتمكنوا من الوصول إلى نقطة النهاية..
غير أنني كسبت رهان السبق في التقاط صور فريدة فقط لاستخدمها في التعبير عن روعة الصحراء.