عفاف عبدالمحسن
جمعتني أصبوحة شعرية في شهر ديسمبر للعام 2024 نظمتها جمعية النور للمكفوفين في بنغازي كنت ضمن الشعراء الصادحين بأبياتهم الشعرية ومنذ زمن لم أدع لمحفل ثقافي فسعدت حقا وشكرت الدكتور عبدالباسط الفيتوري مسؤول المناشط الأدبية في الجمعية العريقة المهتمة بكوادرها الإبداعية صغارا وكبارا وهي ذاتها تكابد وتكابر على المصاعب لتصمد بذات قدراتها الاحتوائية هذا مكان وبيت يؤسس لثقافة والحمد لله وذكرته لأنني عبرهم تعرفت على أصوات أدبية شاعرة شاعرية قوية وحقيقية من البيضاء والمرج ودرنة لم يتسن لي معرفتهم قبلا والاقتراب من أعمالهم العظيمة مثل الأستاذ الشاعر صالح بومختاظة . الأستاذ والأديب مفتاح بومعيزيق . الأستاذ الشاعر والأديب إبراهيم المسماري . الشاعر الشاب فارس برطوع .. ومنهم وعنهم علمت أن كل مدينة من مدننا يسعى مثقفوها لتأسيس . بهو . صالون . تجمع . ملتقى لمثقفيها .. في نهاية المسميات تلك هو (( بيت )) يلتقون ليؤكدوا أنهم على قيد الأمل لتأسيس قواعد لمثقف المستقبل في ليبيا مستلهمين من كبار المثقفين بينهم ما أمكنهم من منابت مخضوضرة كانت جذور معرفة لأسماء شعراء وقاصين وصحافيين وروائيين ومؤرخين من جامعي التراث وحافظي الموروث المادي واللامادي ترسيخا للهوية التي إن تركت نهب تصارع الثقافات الدخيلة المعصرنة لتاهت فتهنا واضمحلت فأصبحنا شعبا بلا ملامح وتحولنا لمسوخ عن ثقافات من هنا وهناك بينما جذورنا التاريخية وإرثنا تشهد عليه مئات الألوف من السنين .. من هذه البيوت المهمة حدثني اللغوي الفطحل الأديب إبراهيم مسعود المسماري عن بيت المرج الثقافي تلك المؤسسة الأهلية الثقافية التي تأسست عام 2017م على يد مجموعة من مثقفي مدينة المرج على رأسهم المخرج الفنان (سالم عبدالقادر) صاحب فكرتها ومؤسسها الذي سعى أن يكون البيت عامرا بشخصيات حافظة حقا لأسس ثقافة ليبية وإن بدأت من مدينته لكنها ستتلاحم مع كل حاملي الأقلام النورانية الدافعة للترقي بين الأوطان .. بيت المرج الثقافي ضم من الشخصيات الثقافية والفنية والأكاديمية المعروفة بالمدينة بعطائها الإبداعي هادفا من تأسيسه إثراء المشهد الثقافي والفني بالمدينة والإسهام بقدر الإمكان في تقديم مشهدية أدبية وفنية والتعريف بالأسماء المعطاءة في المجالات تلك بمختلف مشاربهم تقدم الجديد وتثبت القديم بكل مفيد للمشهد الثقافي بالمرج بل وليبيا كافة ..

قسم البيت عبر أسرته المنظمة للفاعليات إلى أروقةٍ خصص كل رواق لمنشط بذاته وعائلة البيت الكبيرة لأسر وللأسرة مشرف فكانت “الرواق الثقافي والأدبي، الرواق الفني، الرواق الاجتماعي، الرواق الصحي، ورواق المرأة والطفل”.
لم يقتصر مطلقا المنشط الثقافي بنوعه ولونه ومحييه على الداعين والمدعوين لإحيائه بل في كل جمع ثقافي يعمر البيت بأهل المدينة المعنيين بإيصال المعرفة الثقافية لهم وبشهادتهم ودفعهم للمؤسسين تستمر الفاعليات شهريا .. لفت انتباهي في عام 2024 وبالذات في اليوم العالمي للغة العربية 18 / ديسمبر / 2024م .. مدى اهتمام أهل بيت المرج الثقافي باللغة العربية حفاظا على الهوية العربية ولغة القرآن الكريم .. فكان هذا العنوان المهم ( اللغة العربية : هوية ثقافية وتحديات معاصرة ) للندوة التي أقيمت تعاونا بين كلية التربية بالمرج وبيت المرج الثقافي وغرضها تسليط الضوء على أهمية اللغة العربية ودورها المحوري في الحفاظ على الهوية الثقافية ناقش الحضور المعني بعد ورقات العمل المقدمة التحديات التي تواجهها اللغة العربية في العصر الحالي مقدمين مقترحات لحلول مناسبة .. وكانت المحاور المهمة في :
_ دور اللغة العربية في الحفاظ على الهوية الوطنية والتراث الثقافي.

_ تحديات الازدواج اللغوي والتعددية اللغوية وتأثيرها على اللغة العربية.
_ واقع اللغة العربية في العصر الرقمي وتأثرها بوسائل التواصل الاجتماعي والذكاء الاصطناعي.
_ دور المؤسسات التربوية في تعزيز اللغة العربية.
_ مستقبل اللغة العربية في ظل العولمة.
_ جهود المؤسسات الرسمية والثقافية لخدمة اللغة العربية.

ليس هذا فحسب .. إنما قام البيت بكثير من الأنشطة الناجحة والمميزة للصغار وللكبار بشهادة أهل المدينة وشهادة كل من حضر واستفاد ودعم وتابع أعمال البيت .. وتشهد مستويات الكبار والصغار الذين انضووا لدورات اللغات المجانية ضمن أحد أروقة البيت الثقافي الفني الاجتماعي الراعي للعلم والمعرفة كما الثقافة وماهي إلا مجموعة المعارف التي يستقيها الإنسان من كافة علوم الحياة ..
كما استضاف البيت شخصيات فنية وثقافة وإبداعية من المرج ومن عدة مدن ليبية في عديد الأماسي كأمسية (بوح آسر) التي شارك إحياءها أعضاء البيت وشعراء من مدن المرج والبيضاء ودرنة واحتضنها مسرح عمر المختار بكلية المرج جاءت تجديدا لمناشط البيت الثقافي .. “دفء القمر” حضر في أحد أماسي بيت المرج منيرا وهاجا بورديته التي غشت القلوب قبل الوجوه بحديقة نادي المروج في حضور عدد من رواد البيت من ذواقة ومثقفين أدباء وفنانين ليستمتعوا في أمسية دفء القمر بلوحات للفنان التشكيلي شعبان الصلابي .. ثم عرض مرئي لرسومات فنان صاعد تلمس الكل عمق ماسيكون عليه الفنان عباس التركاوي حيث اهتمام هذه المؤسسة الأهلية الثقافية الأهم بتنمية المواهب ودفعهم مع إثراء العلوم والآداب والفنون في مدينة عامرة بالمبدعين .

إنما ماذكرته قليل من كثير برعاية الحريصين فعلا يستمر الألق ليبدأ عام 2025 بمواصلة عطاء أهل بيت المرج الثقافي فيحتفلون مع بداية شهر يناير الجاري بميلاد بيتهم العامر بالمثقفين المجايلين أدباء وفنانين وأكاديميين وذواقة فكان احتفالهم شاملا مدينة المرج برمتها بكل أهلها الداعمين للمنارة الأهلية ليشمل حفل تأسيس البيت التاسع في مقر المنتدى الثقافي بنادي المروج وتعددت فيه الفقرات لترضي كل الحضور بين عروض فنية وحلقات نقاش ثقافية اجتماعية وأمسية شعرية بين الفصيح والشعبي والمحكي شمل أيضا تكريم مستحق للشاعر عبد العظيم باقيقة مشنفين آذان قلوبهم بأعماله الشعرية وشاركه الأمسية الاحتفائية التكريمية بوحا شعريا للشاعر عبدالسلام بودية .. والشاعر إبراهيم المسماري فلم يكن مجرد احتفال بذكرى تأسيس البيت بل لمة عائلة المرج في بيت المرج الثقافي .. والقادم أكثر دقة لانتقاء مايجب أن يقدم للمثقف من احتواء وتبيان دور وتعريف بما يملك من إبداع .. وكذا مايجب أن يقدمه المثقف لأهل مدينته ..