زراعة القرنيات في مركز طبرق الطبي أثارت جدلا واسعا خلال الأيام الماضية، ما بين تأكيد مستشفى العيون طرابلس أنها قامت بالتنسيق مع المركز لإجراء العمليات ومع ذلك تم إرجاع الفريق المسؤول عن العمليات، وبين رد المركز بأن القرنيات غير معتمدة في المراكز الأمريكية إضافة إلى سيرة الطبيب الزائر.
استمرت الأزمة حتى الآن، ومن جانبها صرحت مدير مستشفى العيون بطرابلس، رانيا الخوجة، أنه تم التنسيق مع مركز طبرق الطبي منذ 25 يناير الماضي لتسيير قافلة طبية ضمن برنامج الطبيب الزائر، مضيفة أنها تفاجأت في يوم الزيارة بطلب شهادات القرنيات وسيرة الطبيب الزائر والكادر المرافق له الذين سبق لهم إجراء 5 زيارات لطبرق.
الخوجة تنفي
وأشارت الخوجة إلى أنه بعد ساعتين من وصول الفريق تم إبلاغهم بعدم إمكانية استقبال القافلة.
وأكدت الخوجة أن القافلة تضم الاستشاري أمير مصطفى رئيس قسم جراحات القرنية في مستشفى روض الفرج بالقاهرة رفقة كادر طبي ليبي مختص سبق لهم زيارة المدينة أكثر من مرة، كما أن القرنيات المستخدمة في العمليات الجراحية مسجلة لدى وزارة الصحة الأمريكية وتخضع للشروط والضوابط المعمول بها.
في المقابل ردت وزارة الصحة بالحكومة الليبية بأن قرارها جاء بناء على توصيات اللجنة الوطنية، وحرصاً على توفير الضمانات الفنية والطبية اللازمة، مضيفة أن الشروط المطلوبة لإجراء عمليات زراعة القرنية لم تكن مستوفاة بالكامل، الأمر الذي استدعى رفض إجراء هذه العمليات داخل مركز طبرق الطبي، وذلك حفاظاً على صحة المرضى وضماناً لالتزام المنشآت الطبية
الصحة تؤكد اهتمامها بسلامة المرضى
وعبرت الوزارة عن ترحيبها بأي طبيب ليبي يرغب في تقديم خدماته للمواطنين عبر المستشفيات العامة والخاصة، مؤكدة التزامها التام بتطبيق أعلى معايير الجودة والسلامة الطبية، لضمان حصول المرضى على أفضل مستويات الرعاية الصحية.
ولفتت إلى أن سلامة المرضى ونجاح العمليات الجراحية يأتيان في مقدمة أولوياتها، وأنها لن تتهاون في تطبيق الإجراءات التنظيمية التي تكفل تحقيق هذا الهدف.
ودعت الوزارة جميع الجهات والأفراد بالابتعاد عن تأجيج الرأي العام وعدم تأويل الاشتراطات والضوابط الفنية التي تهدف لسلامة المريض خارج سياقها حفاظاً على السلم المجتمعي داخل الوطن.
وأوضحت الوزارة أنها تلقت إخطاراً من مركز طبرق الطبي بشأن استعداد فريق من الهيئة الوطنية لزراعة القرنية لتنفيذ عدد من عمليات زراعة القرنية داخل المركز، وكان رد الوزارة بالموافقة المبدئية وتقديم كافة التسهيلات الممكنة لعمل الفريق، شريطة التحقق من استيفاء الشروط الفنية المعتمدة من قبل اللجنة المشرفة.
وأضافت أن إدارة مركز طبرق الطبي طلبت من الهيئة الوطنية لزراعة القرنية تزويدها ببيانات تفصيلية حول مصدر القرنيات ومؤهلات الطبيب الزائر، واستجابت الهيئة للطلب، ووفرت المعلومات في 12 فبراير حول عدد 17 قرنية، بالإضافة إلى السيرة الذاتية للطبيب المقرر أن يجري العمليات، ومن ثم تم إحالة البيانات للجنة الوطنية لتوطين جراحات العيون الدقيقة لدراستها وإبداء الرأي الفني بشأنها.
قرنيات غير معتمدة
من جانبها أظهرت نتائج المراجعة الفنية للجنة الوطنية أنه تبين أن 8 قرنيات من أصل 17 قرنية تم استيرادها من بنك يُدعى (CorneaGen Seattle)، وهو بنك وعلى الرغم من حصوله على الاعتماد ولكنه بنك غير مسجل كعضو في اتحاد بنوك العيون الأمريكية، مما يتعارض مع شروط اللجنة ولا يتيح إمكانية التحقق من جودة القرنيات المستوردة منه، وبالتالي، لا يمكن التأكد من صحة التقارير المرفقة بهذه القرنيات، ما يشكل مخاطر محتملة على صحة المرضى.
وأضافت اللجنة في تقريرها بشأن القرنيات المتبقية فأوضح أنه تم استيرادها من بنوك معتمدة ومسجلة كأعضاء في اتحاد بنوك العيون الأمريكية، وبالتالي لا توجد موانع فنية تحول دون زراعتها.
الطبيب الزائر
أما بشأن مؤهلات الطبيب الزائر، أفادت اللجنة بأن السيرة الذاتية المقدمة لا تثبت خبرته في مجال زراعة القرنية، حيث أنه استشاري في طب وجراحة العيون، إلا أنه ليس أستاذاً جامعياً متخصصاً في زراعة القرنية، ولأن جراحات العيون الدقيقة، وعلى رأسها زراعة القرنية تتطلب مهارات تخصصية دقيقة وخبرة متقدمة لضمان تحقيق أفضل النتائج العلاجية، فقد رأت اللجنة أن عدم توفر المؤهلات المطلوبة للطبيب الزائر يشكل عائقاً رئيسياً أمام إجراء العمليات.
هيئة التبرع بالأعضاء
من جانبها أعربت المنظمة الوطنية لدعم التبرع بالأعضاء عن الهيئة الوطنية لزراعة القرنية لجهودها السامية في إجراء عمليات جراحية تشمل زراعة القرنية وإعادة نعمة البصر للعديد من المرضى الليبيين في مختلف مدن ليبيا أن هذه المواقف لها أبعادها المختلفة، وأن النوايا الحسنة قد تُساء فهمها أحيانًا.
ما بين السعي لعلاج المرضى واتباع الإجراءات والاشتراطات الصحية الملائمة، وبين عدم توفر الاشتراطات الموضوعة يبقى المواطن هو الضحية التي تدفع الثمن.