استعادت الفنانة القديرة حميدة الخوجة ذكريات بداياتها الفنية، مشيرة إلى أن شغفها بالتمثيل بدأ منذ طفولتها في المدينة القديمة بطرابلس، حيث كانت دار عرض سينما النصر هي الوحيدة هناك، وكانت تخصص يوم الجمعة للنساء فقط. تتذكر الخوجة كيف كانت تترقب هذا اليوم بحماس، فتستعد مع صديقاتها من بنات الحي، وترتدي أجمل ما لديها، متجهة إلى السينما برفقة النساء لمشاهدة العروض، وهو ما شكّل بداية ارتباطها بعالم الفن والتمثيل.


تقول الخوجة في مقابلة على منصة الصباح: “منذ تلك الفترة، شعرت بانجذاب شديد للتمثيل، وبدأت أتمنى أن أصبح ممثلة مثل أولئك الذين كنت أشاهدهم على الشاشة. هذا الشغف نما داخلي مع الوقت، حتى جاءتني الفرصة بفضل جارتنا الحاجة منوبية، التي كانت تعمل في قسم الموسيقى كمشرفة على الكورس النسائي والمجموعة الصوتية بالإذاعة.”
تروي الخوجة كيف كانت تراقب الحاجة منوبية عندما تأتيها سيارة الإذاعة لاصطحابها إلى العمل، وتطلب منها أن تأخذها معها لتجربة التمثيل. وبعد إلحاحها المستمر، استجابت الحاجة منوبية لطلبها وأخذتها إلى الإذاعة، حيث دخلت ركن الأطفال، الذي كان جزءًا من مجمع يضم أقسام التمثيل المسموع، والموسيقى، والتوشيح والموشحات. هناك، التقت الفنان الراحل عبد الله كريستا، الذي كان صوته مألوفًا لها عبر الراديو، وسرعان ما انضمت إلى فريق التمثيل، لتحقق أولى خطوات حلمها في عالم الفن.


بعد انضمامها إلى قسم التمثيل المسموع، توسعت تجربتها لتشمل قسم الموسيقى، حيث أصبحت جزءًا من المجموعة الصوتية. وتضيف: “في البداية، لم أكن أعرف شيئًا عن المسرح، كنت أسمع عنه فقط دون أن أختبره فعليًا. ولكن بالصدفة، احتاجت الفرقة الوطنية لممثلة بديلة بعد أن مُنعت فتاة من المشاركة عشية العرض. لجأوا إلى الحاجة منوبية، التي تواصلت مع والدتي، وبالفعل، ذهبت إلى المسرح لأول مرة، حيث أدّيت دورًا بسيطًا. كان ذلك هو أول احتكاك لي بعالم المسرح، ومن هناك بدأ مشواري المسرحي.”
لم يقتصر مشوارها الفني على التمثيل، بل امتد إلى الغناء أيضًا، حيث شاركت في تقديم أغنيتين: إحداهما مع الفنان الراحل محمد الكعبازي، والأخرى مع الراحل محمد صدقي، ضمن ثلاثي موسيقي أُطلق عليه في طرابلس اسم “ثلاثي النغم”، مستوحى من فرقة ثلاثي المرح المصرية. ورغم شغفها بالفن، انتهى مشوارها الفني حين قررت الالتحاق بالعمل في شركة البريقة لتسويق النفط، مما أدى إلى ابتعادها عن التمثيل والموسيقى.
هكذا، شكلت مسيرة حميدة الخوجة تجربة فنية ثرية، انتقلت خلالها من السينما إلى المسرح والإذاعة، ومن التمثيل إلى الغناء، قبل أن تختار التوقف عن الفن والتفرغ لمسار مهني آخر.

