استضاف الدكتور الصدّيق حفتر، رئيس المفوضية العليا للمصالحة الوطنية، القارئ الشيخ صديق محمود المنشاوي، الذي جاء من لوس أنجلوس خصيصًا؛ لتلبية دعوته لمأدبة الإفطار في مدينة بنغازي. تأتي هذه الزيارة في إطار تعزيز الروابط الثقافية والدينية، حيث يُعد الشيخ صديق المنشاوي أحد أعلام تلاوة القرآن الكريم، وهو امتداد لسلسلة ذهبية من المقرئين الذين أثروا المكتبة الإسلامية بأصواتهم العذبة وأدائهم المتميز.
يُذكر أن اسم “المنشاوي” وحده يكفي لاستحضار تاريخ طويل من التميز في تلاوة القرآن الكريم، حيث نشأت هذه العائلة العريقة على حب القرآن وتجويده، بدءًا من الشيخ صديق المنشاوي وأحمد المنشاوي، وصولًا إلى الشيخ محمد صديق المنشاوي وشقيقيه أحمد ومحمود. هذه العائلة التي أنجبت روادًا في فن التلاوة، استمرت في تخريج قراء متميزين، كان من بينهم الشيخ صديق محمود المنشاوي، الذي حمل لواء التلاوة الحديثة، وسار على نهج أسلافه بإتقان ودقة.
نشأ الشيخ صديق محمود المنشاوي في بيت يقدس القرآن، فأتم حفظه في سن مبكرة على يد مشايخ متخصصين دون مقابل، تقديرًا لمكانة عائلته القرآنية. شغفه بالتلاوة بدأ منذ الطفولة، حيث كان يرافق والده إلى الحفلات الدينية ويستمع بإمعان، حتى بدأت موهبته في الظهور، ليصبح اليوم واحدًا من أبرز قرّاء جيله.
لم يكتفِ الشيخ صديق المنشاوي بالتلاوة، بل حرص على دراسة علوم القرآن والقراءات السبع، وحصل على إجازة التلاوة من كبار المشايخ في مصر. وقد جاب العديد من الدول ناشرًا نور القرآن، حيث زار إيران، تركيا، دول شرق آسيا، الإمارات، المغرب، الجزائر، وأوروبا، ليصبح صوته مسموعًا في مختلف بقاع الأرض.
يُعرف الشيخ صديق المنشاوي بتواضعه الجم واحترامه لجمهوره، حيث تعلم من والده أن “قارئ القرآن لا يضام”، وأن رسالته الحقيقية هي توصيل كلام الله بصدق وإخلاص. يشغل حاليًا منصب أمين صندوق النقابة العامة للقراء، كما أنه نقيب قراء الصعيد، حيث يسعى لتطوير أوضاع النقابة والارتقاء بمستوى أعضائها عبر تشريعات جديدة تهدف إلى تحسين الأوضاع المالية والاجتماعية للقراء.
بعد سنوات من التقديم والصبر، تم اعتماد الشيخ صديق المنشاوي قارئًا بالإذاعة المصرية عام 2013، ليكمل بذلك مسيرة والده وعمه في نشر التلاوة عبر الأثير. وهو يستعد حاليًا لتسجيل مجموعة من التلاوات الإذاعية التي ستُضاف إلى أرشيف التلاوة المصرية.
يؤمن الشيخ صديق المنشاوي بأن النجاح في مجال التلاوة لا يأتي من التقليد، بل من اتباع مدرسة أصيلة وبصمة خاصة. وينصح الجيل الجديد من المقرئين بأن “يجعلوا روح القارئ الذي يحبونه داخلهم، دون أن يقعوا في فخ التقليد الأعمى، لأن التقليد دائمًا يموت، بينما الأصالة تبقى”.