أفادت مصادر حقوقية ومنظمات إغاثة، الثلاثاء بأن غارات جوية تم القاء المسؤولية عنها على عاتق الجيش السوداني، استهدفت سوقاً محلياً في ولاية شمال دارفور (غرب السودان)، أدت إلى مقتل وجرح العشرات، واندلاع حريق هائل في المكان.
واتهمت مجموعة «محامو الطوارئ» التي توثق الانتهاكات في الحرب السودانية، الثلاثاء، الجيش بتنفيذ القصف، وعدته الأكثر حصداً للضحايا منذ بدء النزاع قبل سنتين. وقالت مجموعة المحامين المتطوعين المؤيدة للديمقراطية، في بيان، إن القصف «طال منطقة مكتظة بالمدنيين»، مشيرة إلى استهدافه سوقاً في بلدة «طرّة» الصغيرة في شمال إقليم دارفور، وأن عدد القتلى بالمئات من المدنيين وإصابة العشرات بجروح خطيرة. ووصف البيان القصف بأنه عشوائي و «يشكّل انتهاكاً صارخاً لقواعد القانون الدولي الإنساني ويعدّ جريمة حرب ممنهجة». لكن المتحدث باسم التنسيقية العامة لشؤون النازحين في دارفور أدم رحال، (وهي جماعة محلية تساعد النازحين في دارفور)، قال لوكالة أسوشيتد برس، إن الغارة التي وقعت الإثنين في قرية «طرّة» شمال الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، أدت إلى اندلاع حريق هائل ومقتل 54 شخصاً على الأقل. وبحسب قائمة الضحايا التي عرضها رجال، المتحدث باسم التنسيقية العامة، كان أكثر من نصف القتلى من النساء.
ونفى العميد نبيل عبد الله، متحدث باسم الجيش السوداني، استهداف المدنيين. وقال لوكالة أسوشيتد برس إن هذه الادعاءات «غير صحيحة، ويتم إطلاقها كلما مارست قواتنا حقها الدستوري والقانوني في التعامل مع الأهداف المعادية».
بدورها قالت «قوات الدعم السريع»، في بيان على منصة «تلغرام»، إن الطيران الحربي للجيش السوداني «ارتكب مجزرة جديدة بقصف سوق «طرة» بولاية شمال دارفور، أدى إلى مقتل المئات بينهم نساء وأطفال في مشاهد «مروعة». وأشارت إلى أن الهجوم يُعدّ الأحدث في سلسلة هجمات شنها الجيش على مناطق واسعة في إقليم دارفور منذ اندلاع الحرب قبل عامين. وأضافت أن «الطيران نفّذ غارات جوية قضت بالكامل على سوق المنطقة، وطال القصف عدداً من المنازل القريبة، وأحدث دماراً شاملاً، ويجري العمل على حصر الخسائر المادية».
وتتحدث «قوات الدعم السريع» عن أن الحصيلة الأولية لضحايا القصف الجوي تجاوزت 400 قتيل ومئات الجرحى. وذكر البيان أنه تم دفن عدد من الجثامين وأشلاء القتلى في مقابر جماعية، ولا تزال عمليات البحث جارية عن عشرات المفقودين. واستنكرت «قوات الدعم السريع»، صمت المجتمع الدولي إزاء الجرائم الوحشية والمجازر المتصاعدة التي تُرتكب بحق الأبرياء.
وقال متحدث باسم «محامو الطوارئ»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن المجموعة لم تتمكن بعد من تأكيد عدد محدّد للقتلى «بسبب العدد الكبير من الجثث المتفحمة التي يجري حصرها». ولم يتم التحقّق من عدد القتلى بشكل مستقل بسبب انقطاع الاتصالات في دارفور.
وتظهر صور تمّ تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي آثار دمار ناتج عن القصف، وفق ناشريها، مع جثث متفحمة وأخرى مقطوعة الأطراف الأرجل والأيدي وأرض محروقة، بينما يتصاعد الدخان من أكوام الحطام. ووفق شهود عيان فإن الكثير من ضحايا الغارة الجوية من القتلى يصعب التعرف على هوياتهم بسبب التفحم الكامل للجثث».
بدوره قال المتحدث الرسمي باسم المنسقية العامة للنازحين واللاجئين، آدم رجال، إن «الطيران العسكري للجيش السوداني قصف عمداً سوق قرية طرة، مما أسفر عن سقوط العشرات من القتلى والجرحى، وهي جريمة ضد الإنسانية وانتهاك صارخ لكل القوانين والمواثيق الدولية». وأضاف في تدوينة على صفحته بمنصة «فيسبوك»: «من المؤسف للغاية أن يبرر البعض قتل الأبرياء بحجة وجود أحد أطراف النزاع في مناطقهم». وقال إن «الانتهاكات ضد المدنيين وقتل الأبرياء أمر مُدان بغض النظر عن مرتكبه، سواء إن كان الجيش السوداني أو القوة المشتركة للحركات المسلحة أو (قوات الدعم السريع) وميليشياتها».
وأفادت مصادر محلية بأن الكثير من القتلى والجرحى من قرى متفرقة يتوافدون دورياً على سوق بلدة «طرة» للتبضع وشراء احتياجاتهم.