فقدت ليبيا أحد رجالاتها البارزين، المهندس عمر بن عامر، وزير الأشغال العامة (الإسكان والمرافق) في حكومة عبدالحميد البكوش إبان عهد المملكة الليبية المتحدة، والذي وافته المنية بعد مسيرة حافلة بالعطاء في مجالات الهندسة والبنية التحتية والإعمار.
مسيرة حافلة بالإنجازات
تخرّج المهندس عمر بن عامر في كلية الهندسة بجامعة القاهرة في أوائل خمسينيات القرن الماضي، ليصبح لاحقًا أحد أبرز المهندسين الذين ساهموا في تطوير البنية التحتية وإعمار ليبيا. وكان من أبرز مشاريعه إعادة بناء مدينة المرج بعد زلزال عام 1963، حيث أشرف على إعادة إعمارها، وفق أحدث المعايير الهندسية آنذاك.
في النصف الثاني من ستينيات القرن الماضي، تولّى وزارة الأشغال العامة في حكومة عبدالحميد البكوش بالمملكة الليبية المتحدة، وخلال هذه الفترة وقّع على عدد من المشاريع الضخمة، من أبرزها: عقد إنشاء جسر وادي الكوف، الذي يُعدّ من أعاجيب هندسة الجسور عالميًا.
إرث هندسي بارز
في لقاء أجري معه في مارس 2022، كشف بن عامر عن تفاصيل اختبارات التحمل التي أجريت على جسر وادي الكوف، حيث قال:
“عندما انتهت الشركة الإيطالية من بناء الجسر، قمنا بإحضار آليات ثقيلة من الجيش الليبي، وجعلناها تمر على الجسر لمدة أربع ساعات متواصلة كعملية اختبار للتأكد من صلابته وقدرته على تحمل الأوزان الثقيلة.”
بصمته في قطاع الطيران الليبي
لم تقتصر إنجازات بن عامر على مشاريع البنية التحتية، بل امتدت إلى قطاع الطيران. حيث كان أحد الذين أسسوا قاعدة حديثة لأسطول الخطوط الجوية الليبية، بعدما لعب دورًا حاسمًا في تغيير مسار التعاقد على الطائرات الأولى للشركة.
ففي مهمة رسمية إلى بريطانيا رفقة هاشم العبار، أول مدير لشركة الخطوط الليبية، كان من المقرر التعاقد مع شركة طائرات بريطانية. لكن بن عامر، بعد اطلاعه على تقرير اقتصادي حول نجاح شركة بوينج الأمريكية، أبدى تحفظه على الصفقة البريطانية، مشيرًا إلى أن مبيعات الشركة الإنجليزية لم تتجاوز 100 طائرة، بينما تجاوزت مبيعات بوينج 700 طائرة، ما جعله يطرح فكرة تغيير التعاقد إلى الشركة الأمريكية الأكثر نجاحًا.
اتصل بن عامر مباشرة برئيس الوزراء عبدالحميد البكوش، الذي منحه الضوء الأخضر لاتخاذ القرار المناسب، وهو ما أدى لاحقًا إلى توقيع أول عقد لشراء طائرات بوينج لصالح الخطوط الجوية الليبية، بدلاً من الشركة البريطانية.
رحيل قامة وطنية
برحيل المهندس عمر بن عامر، تفقد ليبيا شخصية وطنية لعبت دورًا محوريًا في بناء بنيتها التحتية الحديثة، وأحد الذين ساهموا في نهضة القطاعات الهندسية والإسكانية والطيران. رحم الله الفقيد، وأسكنه فسيح جناته، وجزاه خير الجزاء على ما قدمه لوطنه.
هذه الصور والمعلومات من أرشيف الدكتور عوض القويري
