ودع مراسل المنصة الصحفي الليبي خالد محمود شقيقه الفنان الشاب سعد محمود الذي كانت وفاته صدمة وفاجعة للوسط الفني الليبي، وكان محمود قد بدأ في مسيرة نجاحات بعد إعادة إحيائه فن المرسكاوي وتخطت اغنيتي “ليل وخلا” و”لا ميعاده” ملايين المشاهدات على منصة يوتيوب، سعد محمود صاحب الصوت الشجي القوي الذي عاد بالليبيين حنيناً إلى ماضي الطرب الليبي الأصيل زمن الشعالية وشادي الجبل وبن زابيه وصدقي وأسماء عديدة سطرت تاريخ الفن الليبي المعاصر.. ودعت الساحة سعد محمود وكتب الشقيق خالد محمود في وداعه….
الفنان سعد محمود ” عدا الزين”
ولد الفنان سعد محمود في طبرق في الحادي والعشرين من شهر يوليو العام 1991،
كان اصغر اخوته وأقربهم إلى قلب والدته ، يقول عنه والده أنه في الأربعين يوما الأولى من ولادته كان يتقلب في فراشه وهذا أمر مستغرب ونادر لدى من هم في عمره ، ويعزو السبب إلى حرارة جسمه المرتفعة ، شب عن الطوق ومع مواظبته على الدراسة في مدرسة صلاح الدين الأيوبي الواقعة في حي المنارة بطبرق نشط في أعمال فنية داخل المدرسة مع أساتذته في الموسيقى جبريل الحبوني وناصر امخاطرة
عدا الزين
كلمات أغنية مؤلفها شاب من طبرق يدعى ناصر مليطان وهو من رعيل الكشافة المعروفين بنشاطه وصوته العذب القوي
المطلع يقول: عدا الزين وخلف فينا .. جرح كبير وشين
ولعله من الصدف ان تكون هذه الأغنية في البدايات الفنية للفنان سعد محمود
وان يستذكرها ناصر مليطان في تأبين الراحل ( تاريخ الوفاة 27 رمضان 2025 ) بعد ان اعتزل مليطان الموسيقى وتقدمت به السنوات كما وطلب مليطان في ختام التأبين حذف جميع مقاطع الفيديوهات والأغاني التي تحمل أسم الفنان سعد محمود
شاطيء الليدو
شاطيء صغير شرقي حي المنارة ، كان شاهدا على بداية بذرة الفن عند سعد محمود يلتقي مع أصدقاء الطفولة ويسبحون في مياه شاطيء الليدو ( الليدو أسم انجليزي ) وفي احد الغرف الصغيرة وجدت موهبته مجالا لتنطلق فيه بعيدا عن الأضواء والشهرة
الراحل سعد محمود اختار ان يسمي صفحته الشخصية بالفيس بوك شاطيء الليدو
تيمنا بتلك الأيام الخوالي والبدايات الخجولة ، التي صدح فيها بصوته قبالة البحر وسط فرقته البسيطة المكونة من اقرانه الهواة والذين لم يكتب لهم فيما بعد نصيب من الشهرة إلا انهم كانوا يرون في سعد محمود الحلم الذي تحقق
البدايات
تحلقت مجموعة من المحتفلين في احد الأعراس على طفل صغير عمره 7 سنوات، ثم شارك في عمر صغير ايضا احدى الإذاعات المحلية بطبرق وغنى احدى أغاني لطيفة العرفاوي ،
في مرسى مطروح حضر فرحا بقاعة فندق كونكورد وكان متحمسا للغناء رغم انه في سن المراهقة ، وبالفعل أخذ مكانه بين الفرقة الموسيقية تلك وكأنه يريد ان يعلن عن موهبته المبكرة.
وطلب منه احد أبناء مطروح ان يبقى معهم ليشارك في الحفلات والمناسبات إلا انه رفض لأنه مرتبط بالدراسة في ليبيا وكذلك لأنه يرى ان الوقت مايزال مبكرا .
فن المرسكاوي
تعلق الفنان سعد محمود بموهبة المبدع وملك المرسكاوي ابن مدينة درنة مفتاح معيلف ومن شدة تعلقه به كتب له ان يلتقي معه في اكثر من حفلة ويغنيان معا رغم فارق السن والموهبة.
امتاز سعد محمود بالثقافة الفنية او الموسيقية إلى جانب استكماله للدراسة الجامعية حيث تخرج في جامعة عمر المختار طبرق بقسم الموارد البشرية
اعتمد على نفسه في شق طريقه نحو طموحه منذ الوهلة الأولى واقتنص فرصته بمفرده
وكانت بنغازي نقطة تحول في مشواره الفني وهناك التقى أسماء كبيرة في مجال التوزيع الموسيقي والتأليف ،
وبالرغم من ذلك فإن عددا من الشعراء كانوا لا يغامرون بالتعامل مع المواهب الصاعدة
ورفض احدهم الكتابة للفنان سعد محمود إلا ان هذا الموقف خلق في نفسه التحدي والمثابرة ليصل إلى مكانة مرموقة تجعل من رفضه بالأمس يطلبه للتغني بكلماته يوم ان بلغ من الشهرة مبلغا كبيرا
أعماله الفنية
تنوعت اعماله الفنية وتميزت بلون المرسكاوي المطور كما تجلى في احدث أغانيه ” ليل وخلا ”
وإدخاله الالات الموسيقية الغربية على الالات الموسيقية الشعبية والتوزيع الحديث الذي ابدع فيه
الموسيقار معتز سلامة إلى جانب ان سعد محمود كان عازفا ماهرا على آلة الكيبورد
وتعامل ايضا مع عدد من الشعراء واهمهم سالم التاوسكي ابن مدينة درنة، سعد محمود لم يكن مؤديا فقط بل كان مؤلفاً للموسيقى وساهم في تلحين عدد كبير من الأغاني والملاحم الشعرية الوطنية التي عرضت في مهرجانات وطنية بمناسبة أعياد ثورة 17 فبراير
الحمدلله
عمل فني جمع سعد محمود بالفنان التونسي صابر الرباعي ويعتبر نقطة تحول كبيرة في مسيرته الفنية والتي بشرت بانطلاقة نحو العالمية، إلا إن المسيرة توقفت برحيل الفنان سعد محمود ووفاته في احدى مستشفيات الإسكندرية.
المرض والرحيل
ألزمته وعكة صحية فراش احدى المصحات بمدينة بنغازي ، تطور المرض ونقل سعد محمود إلى الإسكندرية ليمكث هناك شهرين ثم تفارق الروح الجسد في ليلة القدر السابع والعشرين من شهر رمضان العام 2025 ويدفن في ليلة الجمعة بمدينته طبرق.
مآثره
كان الفنان سعد محمود إنسان يحب مشاركة الناس أفراحهم وأتراحهم ولم يتأخر يوما في مساعدة المحتاجين والفقراء كان يهب أمواله لهم ووقته لهم وروي عنه قصص مؤثرة إنسانية كأنه كان يعد العدة ليوم الرحيل ليلاقي وجه ربه الكريم بالعمل الصالح.